(السياسية) نصر القريطي:

تجاوز “الشبق الخليجي” للتطبيع مع كيان “الاحتلال الصهيوني” كل السقوف المتوقعة وغير المتوقعة.

وفي خبرٍ شاذٍ عبر موقعها الالكتروني كشفت ما تسمى بـ”رابطة العالم الاسلامي” التي تدور في فلك السياسة السعودية عن زيارةٍ لوفدٍ من العلماء المنضوين تحت رايتها لموقع “المحرقة اليهودية” المزعومة المسماة بـ”الهولوكست”.

وبدلاً من الاكتفاء بـ”الغزل السياسي الوقح” بين “ساسة العواصم الخليجية” واسرائيل واللقاءات التي يعقدها ممثلو الدبلوماسية الخليجية مع نظرائهم اليهود قررت الرياض الزج بـ”أصحاب العمائم” في هذه “المهزلة التطبيعية” أملاً في إرضاء “واشنطن” و”تل أبيب”.

بيان الرابطة التي تتخذ من مدينة مكة المكرمة مقراً لها والذي بثته عبر موقعها على الانترنت قال أن الوفد يضم علماء من مختلف الجنسيات الاسلامية برئاسة أمين عام الرابطة المدعو “محمد العيسى” والذي كان وزيراً سابقاً لوزارة العدل السعودية.

الخبر مثل صدمةً لكثير من الأوساط ليس الدينية فحسب بل السياسية والشعبية ايضاً وأكد “توجهات الرياض المعلنة” لتسريع خطوات التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني الى الحد الذي جعل من القيادة السعودية تدفع بـ”علماء الدين” للانخراط في “خطوات تطبيعيةٍ” رخيصة وهم الذين يفترض بهم أنهم الواجهة العريضة للتصدي للمهرولين نحو التطبيع.

حالة الاستنكار والغضب تبلورت في العديد من الدول الاسلامية لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي التي استنكرت هذه الخطوة غير المسبوقة التي يتم تمريرها باسم “علماء المسلمين”.

وأكدت العديد من التغريدات والبيانات الصادرة عن “هيئات علماء المسلمين” في عددٍ من الدول العربية والاسلامية بأن هذه الخطوة لا تمثل إلا المهرولين نحو التطبيع وعلى رأسهم النظامين السعودي والإماراتي ومن يدعون بأنهم علماء المسلمين المنضوين تحت رايتهم.. ودعا مفتي الديار اليمنية لضرورة مراجعة إدارة السعوديين للمقدسات الاسلامية.

بدورهم حاول السعوديين تخفيف حدة رد الفعل الاسلامي تجاه هذه الجريمة مؤكدين أن هذه الزيارة لموقع “المحرقة اليهودية المزعومة” ليس الغرض منها التطبيع مع اليهود.

وقال أمين عام رابطة العالم الاسلامي الذي صلَّى بوفد العلماء صلاتي الظهر والعصر في موقع المحرقة أن “الزيارة لا تحمل أي دلالةٍ سياسيةٍ أو تطبيعية.. وبرر الزيارة بأنها تأتي في إطار خلق ثقافة التسامح بين الأديان”.

هذه التصريحات أعتبرها الكثير من المراقبين إدانة لمن يدعون أنهم “علماء المسلمين” ومن يقف من انظمة التطبيع الخليجية خلف هذه الخطوة المسيئة لصورة رجال الدين المسلمين والتي أريد لها أن تبدو وكأنها تمثلهم.

وفي الوقت الذي غابت فيه مجازر “جيش الاحتلال الصهيوني” بحق الفلسطينيين عن مواقف هذه المنظمة وبياناتها دافع “العيسى” عن المحرقة المزعومة وقال أن الحديث حول “الهولوكست” يندرج في سياق الحديث عن الحقائق التاريخية الموثقة التي تعلو فوق كل الاعتبارات السياسية.

احتفاء اسرائيلي

على الضفة الأخرى كان مسئولو كيان الاحتلال الصهيوني سعيدون بهذه الخطوة واشادت خارجية الاحتلال بمشاركة مشايخ دين مسلمين والوفد السعودي في احياء ذكرى المحرقة ووصفت الخارجية الاسرائيلية المشاركة بـ”المهمة” و”التاريخية”.. من جهته نقل موقع “اسرائيل بالعربية” عن المتحدث باسم جيش الاحتلال أن هذا هو “الاسلام الحقيقي”.

إلى ذلك سارعت “تل ابيب” إلى إعلان قرارٍ يسمح لحاملي الجواز الاسرائيلي بالسفر إلى السعودية.

وتعليقاً على قرار وزير الداخلية الاسرائيلي قال الكاتب العربي “عبد الباري عطوان” في الكترونية “رأي اليوم” اللندنية التي يرأس تحريرها أن “الإسرائيليين اليوم في الرياض والمدينة المنوّرة وغدًا يُقيمون مُستوطناتهم في خيبر..

وأضاف عطوان أن اللّافت أنّ هذا القرار الإسرائيلي لا يُمكن أن يصدر إلا في ظِل ترتيباتٍ مُسبَقةٍ مع السّلطات السعوديّة لأن العُلاقات بين الدّول لا تسير في طريقٍ من اتّجاهٍ واحدٍ بحسب تعبيره.

ويرى عطوان بأن “تل أبيب” والرياض تستبقان بمثل هذه “الخطوات التطبيعية” إعلان الرئيس الأمريكي عن تفاصيل “صفقة القرن” التي تتضمّن نُصوصًا صريحةً بتشريع التّطبيع الرسميّ بين دول عربيّة ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

تخشى الكثير من الأوساط الاسلامية استمرار النظام السعودي في استغلال إدارته للمنظمات والمقدسات الدينية لمحاولة تشويه صورة الرافضين للتطبيع بكل صوره مع كيان الاحتلال الصهيوني من قبل كافة الأوساط الرسمية والشعبية والدينية في العالمين العربي والاسلامي.

وفيما تتسارع الخطوات الصادمة لـ”المطبعين الخليجيين” يبدو أن “كرة التطبيع” التي تدحرجت تكبر بسرعة ويراد لها أن تكون الأرضية التي تمهد لإعلان صفقة القرن التي لن يعلن عنها إلا وقد باتت عواصم الخليج مفتوحةً على مصراعيها لقتلة أطفال فلسطين.