نصر القريطي:

أكدت “مسقط” أن الوجه الأوحد الممثل لـ”التوجهات” الداخلية والخارجية للسلطنة هو وجه “قابوس بن سعيد” وسياساته وان ذلك سيستمر في عمان “السلطان الجديد” على الاقل في المنظور القريب.

الاختيار الهادئ لخليفة السلطان الراحل “قابوس” والذي غلبت عليه صفة “الصمت والتسليم” اكد ان الأيام الاولى للسلطان الجديد في “القصر السلطاني” ستمضي على النهج القديم وان مناقشة الملفات الطارئة للسياسة الداخلية والخارجية لعمان ستتم خلف الكواليس و”تحت الطاولة” لا فوقها.

بحسب بيان مجلس الدفاع الأعلى العماني الذي بثّه “التلفزيون الرسمي” فإن العائلة الحاكمة اتبعت وصية السلطان قابوس المكتوبة إيمانا منها بحكمته وسلامة رؤيته.

 

كاريزما الرحيل بصمت

لعل السمة الابرز التي طغت على مشهد رحيل سلطان عمان “الحاكم الأوحد” الذي قادها لخمسة عقود هي الهدوء السياسي والاعلامي العالمي الذين رافقا مشهد رحيله ومشهد انتقال مقاليد السلطنة الى خليفته.

جرت العادة ان تشتعل “بورصة الاخبار والتحليلات والقراءات السياسية” عند رحيل احد حكام الخليج وصعود آخر مكانه لكن ذلك ما لم يحدث مع “قابوس” الذي ادار مراسيم رحيله ومراسيم “تسليم القصر” لخليفته بذات الطريقة الهادئة التي ادار بها كل سياسات السلطنة على مدى خمسة عقود.

يقول “كريستيان أولريكسن” من “معهد بيكر” بأن ”السلطان الراحل كان يتمتع بتلك السلطة “الكاريزمية” التي صارت مرادفةً لعمان كدولة حديثة على نحو يجعل من الصعب على أي خليفة مضاهاة ذلك على الأقل في بداياته الأولى.

 

من هو سلطان عمان الجديد

لأن “كارزمية قابوس” طغت على كل تفاصيل السلطنة وبالتحديد الصورة النمطية لها اما العالم واعلامه فإن من الطبيعي ان تكون شخصية “السلطان الجديد” غير واضحة المعالم.

في نشرات الاخبار وعناوين الصحافة العربية والدولية كانت سياسة السلطنة هي “الوجه الأبرز” عمانياً فيما لم يكن ممثلو السياسة الخارجية او المندوبين السلطانيين سوى حاملين لرسالة “قابوس”..

بحسب السيرة الأولية المنشورة لسلطان عمان الجديد “هيثم بن طارق بن تيمور بن سعيد” فانه ابن عم السلطان قابوس وله اربعة ابناء ولدان وبنتان ومعه ثمانية اشقاء ستةٌ منهم ذكور.

هذا على الصعيد الشخصي اما على الصعيد الرسمي فقد تقلد “هيثم بن سعيد” عدة مناصب في الخارجية والرياضة وكان آخرها وزيراً للثقافة والتراث لكنه لم يكن الوجه الابرز خلف السلطان “قابوس” بحسب وكالة “الاناضول التركية”.

 

أخطر التحديات التي تواجه السلطان الجديد

يرى مدير برنامج الخليج وسياسات الطاقة في “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” ان الخطر العاجل الذي قد تواجهه عمان و”سلطانها الجديد” هو في رغبة اللاعبين الإقليميين في التأثير على نتيجة الخلافة أو القائد الجديد المختار“ وتمكن تلك التحديات في المحافظة على سياسية التوازن والحياد.

سياسة التوازن التي كانت سفينة النجاة لعمان هي ذاتها التي تسيل اليوم لعاب المتصارعين الإقليميين حيث تطمح عواصم الإقليم الباحثة عن التأثير إلى أن تكون مسقط في صفها في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حالة من تشكل تكتلاتٍ جديدة لها أجنداتها المتناقضة.

ووفقاً لـ”سايمون هندرسون” فانه وعلى عكس “سياسة التوازنات” التي التزم بها السلطان قابوس” فان “الإمارات والسعودية وكذلك إيران ستسعى كل دولة منها لضمان ان تكون السلطنة الجديدة اقرب لتوجهاتهم ومتماهيةً مع سياساتهم في المنطقة.

فمن ابرز نجاحات العهد القديم تمكن السلطان قابوس من النأي بنفسه وبعمان عن دماء اليمنيين التي تورط فيها كل حكام الخليج في حربٍ عبثيةٍ لم تخدم إلا مشاريع الأمريكان والصهاينة في المنطقة.