تداعيات اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في ضربة أمريكية ببغداد
السياسية – تقرير :
قُتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، في قصف صاروخي أمريكي، استهدف موكبا لمليشيا مدعومة من إيران في مطار بغداد.
وقال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن “الانتقام الشديد ينتظر المجرمين” وراء الهجوم. وأعلن أيضا الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.
ودعت السفارة الأمريكية في بغداد كافة رعاياها لمغادرة العراق “على الفور”.
وقال مسئولون أمريكيون إن العملية استهدفت موقعين مرتبطين بإيران في بغداد.
وقتل إلى جانب سليماني نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس وشخصيات أخرى من الميليشيات التي تدعمها إيران، في ساعة مبكرة من صباح الجمعة في ضربة عسكرية أمر بها الرئيس الأمريكي رونالد ترامب.
وقال مصدر أمني عراقي إن مسئول العلاقات في الحشد الشعبي محمد الجابري قتل إثر استهداف سيارتين في الضربة الأمريكية.
وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، “إن الأعداء الأمريكيين والإسرائيليين يتحملون مسؤولية مقتل المجاهدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني”.
وأمر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر جيش المهدي “بالاستعداد للدفاع عن العراق”، ووصف الضربة بأنها “تستهدف الجهاد والمعارضة والروح الثورية الدولية”.
وقال في تغريده على موقع توتير”أنا كمسئول عن المقاومة الوطنية العراقية، أدعو جميع المجاهدين، لا سيما (جيش المهدي) و (لواء اليوم الموعود)، وكذلك الفصائل (الوطنية) و (المنضبطة) الأخرى تحت قيادتنا، أن تكون مستعدة للدفاع عن العراق ”
وقاد سليماني، البالغ من العمر 62 عاما، والذي يقود فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، العمليات العسكرية الإيرانية في الشرق الأوسط. بما في ذلك سوريا والعراق.
وقد عززت إيران، تحت قيادته، من نفوذها في المنطقة عبر حلفائها كحزب الله في لبنان و المليشيات الشيعية في العراق، كما وسعت إيران من تواجدها العسكري في العراق وسوريا، ونفذت هجمات لدعم النظام في سوريا على قوات المعارضة السورية خلال الحرب الأهلية في البلاد.
ويمثل مقتل سليماني تصعيدًا كبيرًا في التوترات بين واشنطن وطهران.
ردود الفعل :
ندد رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي بـ”اغتيال” سليماني والمهندس.
وقال عبد المهدي في بيان “إن استهداف مطار بغداد يعد عدوانا على العراق دولة وحكومة وشعبا”.
وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن الولايات المتحدة “تريد تغيير توازن القوى في المنطقة” بقتل الجنرال قاسم سليماني.
وأضافت، قائلة في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:” إن هذه العملية ستؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة وتؤثر على الملايين من البشر”.
ومن جانبه، قال ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي:” إن الأمريكيين تجاوزوا الخط الأحمر، وقد يؤدي ذلك هذه المرة إلى عواقب وخيمة”.
وأعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي عن أسفه لأنّ الرئيس رونالد ترامب لم يُخطر الكونغرس مسبقاً بالغارة التي شنّتها القوات الأمريكية في بغداد.
وقال النائب الديمقراطي إليوت إنجل في بيان إنّ “هذه الضربة تمت بدون إخطار الكونغرس أو التشاور معه”.
وأضاف النائب عن ولاية نيويورك إنّ “تنفيذ عمل بمثل هذه الخطورة من دون إشراك الكونغرس ينطوي على مشاكل قانونية خطرة ويشكّل إهانة لصلاحيات الكونغرس”.
وقال الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله إن جماعته “ستواصل السير على نهج سليماني بعد مقتله”، مضيفا أن القصاص العادل سيكون مسؤولية كل المقاومين.
إيران “ستنتقم :
وحذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أنّ مقتل قائد فيلق القدس يمثّل “تصعيداً خطيراً للغاية ومتهوّراً”.
وقال ظريف، في تغريدة على تويتر، إنّ “عمل الإرهاب الدولي الذي قامت به الولايات المتحدة باستهداف واغتيال الجنرال سليماني – القوة الأكثر فعالية في محاربة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) ، وجبهة النصرة، وتنظيم القاعدة وسواها – هو تصعيد خطير للغاية وطائش”.
وتوعد مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي “بانتقام شديد” بعد مقتل قاسم سليماني.
وقال في بيان رسمي إن “السنوات التي قضاها أملا في الشهادة في سبيل الله، قد ارتقت في نهاية المطاف بقاسم سليماني العزيز إلى هذه الدرجة الرفيعة”، مؤكدا “إن شاء الله لن يتوقف عمله وطريقه هنا وانتقام شديد ينتظر المجرمين الذين لطخت أيديهم بدمائه ودماء الشهداء الآخرين”.
وأضاف أنّ “الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية كل عواقب مغامرتها المارقة”.
ماذا يعني مقتل سليماني؟
يعد قاسم سليماني أقوى شخصية عسكرية في إيران والعقل الاستراتيجي وراء طموحاتها في الشرق الأوسط ووزير خارجيتها الحقيقي في ما يتعلق بشؤون الحرب والسلام.
فبوصفه قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، أدار سليماني عمليات سرية شملت شبكة من الميليشيا العاملة بالوكالة في أنحاء المنطقة، كما مثل مركز نفوذ سياسي في إيران حيث اعتبر الرجل الثاني بعد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية نفسه.
كان سليماني يعتبر مهندسا لحرب الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، والنزاع المستمر في العراق، والحرب ضد تنظيم الدولة، والعديد من المعارك الأخرى.
لقد كان الجنرال ذو الشعر الفضي واللحية الخفيفة بطلا في أعين مقاتليه وعنوان الشر في نظر أعدائه. ولسنوات كانت الولايات المتحدة تدرس قتل هذه الشخصية التي أمرت بشن هجمات ضد قواتها.
ورغم العداء، قام تحالفا قام بين واشنطن وسليماني لبعض الوقت في مواجهة تنظيم الدولة، ولكنهما ظلا عدوين.
وقد اعتبر المسئولون الإيرانيون مقتل سليماني من أعمال الحرب التي تتطلب “انتقاما شديدا”.
وهناك سبل ووسائل عديدة في يد إيران للرد على الفصل الجديد في هذه الأزمة، وهو فصل خطير.
وهاجم مؤيدون للميليشيات العراقية المدعومة من إيران السفارة الأمريكية في بغداد الثلاثاء، إثر هجوم جوي أمريكي على قاعدة لميليشيا كتائب حزب الله العراقي ردا على هجوم صاروخي أدى إلى مقتل مواطن أمريكي شمالي العراق في وقت سابق.
وتزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة إثر فرض واشنطن عقوبات اقتصادية على طهران عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى.