أمل باحكيم…

عانى أطفال الشعب اليمني الذي ما زال تحت وطأة الحصار وحرب العدوان، العديد من ويلات الحرب وأضحوا يشاطرون أسباب الموت والشقاء فيما بينهم، فمن نجا من جحيم الغارات والقصف، لم ينجو من الأوبئة أو الفقر وسوء التغذية.

وتتفاقم تلك المعاناة في القرى النائية التي تفتقر إلى البنى التحتية وأبسط مقوِّمات الحياة؛ وينتابك الهلع من صوت أطفال اليمن وهم يموتوا واحدا تلو الآخر بسبب الأوبئة الفتاكة التى تنهك أجسامهم النحيلة، ويرعبك منظر الأم وهي ترى ابنها يموت بين يديها، ولا تملك حولاً ولا قوة لإنقاذه، تنظر إليه بعينين منكسرتين يسكنهما الألم وقد ملأ الخوف قلبها، تضمه إلى حضنها الهزيل الجاف من شدَّة الخوف وسوء المعيشة، ويذهلك منظر ربُ الأسرة العاجز؛ الذي لا يملك سوى أن يخطو خطوات نحو الخلف منكفئاً على ذاته ليلتحف حزنه وألمه، ومنهم من ذهب إلى ساحات الجهاد ليذود ببسالة عن حمى الوطن وعن عرضه.

فتلك الغارات لا ترحم، ولا تعرف طفلاً أو شيخاً أو امرأة، فالناس في الموت سواسية وفي تذوقهم لألوان العذاب، العجز والإعاقة لمن لم يمت بسببها، وبسبب انتشار الأمراض والأوبئة جرَّاء الحصار، ومنع دخول الأدوية عدا البعض منها الذي يصل متأخرًا، بعد الحصول على إذن مسبق من تحالف العدوان فتصل إلى البلاد وقد حصدت تلك الأوبئة مئات الأرواح.

خمسة أعوام من الحصار والحرب؛ جعلت أطفال اليمن يعيشون اليوم أسوا مأساة في العالم، بسبب ما يتعرضون له من قسوة الحياة في كافة المجالات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حرمت من نجا من الأطفال الحياة الطبيعية كسائر أطفال العالم ممن هم في مثل أعمارهم، فأصبحوا صغاراً في أعمارهم؛ لكنهم كبار في تصرفاتهم وتحمل المسئولية قبل الاوان.

فتجد أكثر الأطفال وقد تحمَّلوا مسؤولية أسرهم بسبب فقد عائلهم، سواء بوفاته أو باستشهاده في ساحات الجهاد، فأغلب الاطفال يتركون مدارسهم ويذهبون للعمل البسيط لجني ريالات تقضي حاجتهم البسيطة واعالة أسرهم.

ليس هذا فحسب؛ بل تجد اضافة إلى قسوة الحرب قسوة الأوبئة، فمن لم يمت بصواريخ العدوان مات بالأوبئة الفتَّاكة التى جعلت اليمن بلداً منكوباً، فقيراً وكل يوم يزداد انتشار الأمراض ويظهر وباء جديد ويحصد أروح الاطفال أكثر من غيرهم بسرعة فائقة.

كما أنَّ قسوة الفقر جعلت الاطفال يعانون أكثر حيث أكل الفقر من عظامهم فأصبحوا يعانون من سوء تغذية حاد.

لم يقتصر الامر على ماسبق ذكره فهناك عدو اخر ضاعف معاناة اطفال اليمن وهو الفقر الذي يعد العدو الاول لهم كيف لا وهو من سلب منهم طفولتهم وفرحتهم بالحياة، فأصبح الطفل بسببه يُحرم من أبسط الحقوق، كشراء الحلوى والملابس والألعاب والتعليم، فبدلاً من أن يذهب الى مدرسته يذهب للعمل.

وأصبح بعض هؤلاء الاطفال يعملون في حرف شاقة تفوق قدراتهم الجسدية، كالعمل في مصانع أو ورش حديد أو محلات بنشر السيارات التي تسبب لهم أمراض في الجهاز التنفسي لاستنشاق أجسادهم تلك الروائح الضارة، وعدم قدرتهم على المقاومة، والبعض الآخر يعملون في أعمال بسيطة لكنها مرهقة، كباعة متجولون في الشوارع تحت ألسنة الشمس التي لا ترحم، أو تيارات الهواء الباردة التي تخترق أجساهم الهزيلة، لكسب الرزق البسيط  من بيع قوارير الماء، أو بواكت المناديل الورقية، أو أشياء بسيطة ليعودوا ليلاً بما تحصلوا عليه من ربح لا يكاد يذكر، لغوث أسرهم التي فقد عائلها التى تنظر مجيئهم بفارغ الصبر، ليتناولوا وجبتهم التى تتكون من شيء بسيط يسد جوعهم.

كما يتعرض العديد من الأطفال إلى قسوة الشارع؛ فالشارع هو المسئول الأول عن الجرائم والعنف للطفل، فبعض الأطفال يكتسبون السلوكيات السيئة والمشينة من ازقة الشوارع دون حسيب ورقيب، فيكتسب كل أخلاقيات الرديئة من شتم وسرقة، أو عادات سيئة كالتدخين والتسول وغيرها من العادات السيئة.

ويحمل أطفال آخرون قصصًا متفرقة من البؤس والمعاناة التي أجبرتهم على المضي في ركب العمل في سن مبكرة وترك مقاعد الدراسة، والحياة الحرَّة الكريمة في ظل الأسرة كسائر أطفال العالم .