اليمن:” الأطراف المتحاربة على استعداد للحوار”
أثناء وجودها في باريس، رئيسة بعثة منظمة أطباء العالم في اليمن، تسلط الضوء على الصعوبات التي يعيشوها السكان المدنيون على أساس يومي.
بقلم: بيير كوشيز
(صحيفة”لوكروا- La Croix” الفرنسية, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ)
الصحيفة: من خلال عملكِ, كيف ترى الظروف المعيشية التي يعاني منها السكان المدنيين في اليمن؟
رئيسة بعثة منظمة أطباء العالم: نحن نقدم الرعاية الصحية الأولية للسكان في اليمن من خلال ستة عشر مركزاً صحياً في المناطق الشمالية للبلد والواقعة تحت سيطرت المتمردون الحوثيون، وفي خمسة مراكز أخرى في المناطق الجنوبية الخاضعة لحكومة عدن المعترف بها من قبل المجتمع الدولي.
فمن خلال هذه المراكز, يتم تقديم الخدمات الطبية المجانية للعديد من المرضى, فهذه الخدمات لم تعد تقتصر على الطبقة الفقيرة فحسب, بل أن الطبقة المتوسطة يرتادون بشكل منتظم لهذه المراكز, حيث أنهم -موظفي الخدمة المدنية- استنفذوا جميع مدخراتهم بعد انقطاع عمليات تسليم الرواتب منذ وقتً طويل.
ففي اليمن, ترى الأسواق والمتاجر تعج بالمواد الغذائية والسلع الاساسية, بيد أنها أصبحت غالية الثمن, بحيث لا يمكن للأي أحد تحمل نفقاتها, فأسعار المواد الغذائية والسلع الاساسية مستمرة في الارتفاع جراء الحصار المفروض على الموانئ والمطارات, وفي المقابل ارتفعت الضريبة المزدوجة التي يفرضها المتحاربون في مناطق سيطرتهم كلا على حد.
يرى كل طرف من أطراف الصراع أن لديه الحق في تحصيل الضرائب, ومن جانبهم, بدء السكان المدنيون في أيجاد حلول أخرى للبقاء على قيد الحياة, حيث ارتفع معدل حالات الزواج القسري للفتيات القاصرات، فمن خلال هذه الزيجات يمكن للآباء الحصول على المال, ناهيك عن انضمام الصبية الصغار إلى صفوف المقاتلين، إذ أن هذا الطريق يعتبر الوحيد الذي يمكن أن يكون عائده مربحٍ.
الصحيفة: كيف يمكن أن تصفي لنا الأوضاع المعيشية في العاصمة صنعاء؟
رئيسة بعثة منظمة أطباء العالم: منذ بداية الصراع, استقبلت العاصمة صنعاء 2 مليون نازح، نظراً لسهولة الحصول على الإمدادات أو المساعدات الإنسانية, كما أن الغارات الجوية على العاصمة قد هدأت بشكل نسبي, في حين تتركز العمليات القتالية في المناطق الشمالية الواقعة بالقرب من الحدود مع المملكة العربية السعودية.
ومن المشاكل التي تواجه السكان المدنيين, مشكلة إمدادات الوقود للسيارات أو المولدات و صهاريج نقل المياه حيث لا يستطيع أي شخص أن يشتري بانتظام محتويات الناقلة التي تضم على 3 ألف لتر من الماء, بما يعادل 40 يورو, وهو مبلغ كبير بالنسبة للأسر.
إن النقص في قطاع المياه يشكل خطراً كبيرا على حياة السكان، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لمنع خطر الإصابة بمرض الكوليرا, يعي السكان في اليمن جيداً التدابير الوقائية لمكافحة هذا الوباء ولكنهم لا يستطيعون ممارسته على الوجه المطلوب بسبب شحة المياه.
الصحيفة: كيف ترى تطور الوضع الراهن في البلد؟
رئيسة بعثة منظمة أطباء العالم: يمكنني القول أن الحاصل في اليمن ليس حربا أهلية أو حرباً مذهبية بين السنة والشيعة، بل فالحاصل ما هو إلا صراع سياسي بين القوى الاقليمية التي جعلت من بلدنا مسرحاً لها.
يبدو لي أننا وصلنا إلى نقطة أبدى فيها جميع الأطراف المتناحرة الاستعداد على الجلوس على الطاولة نفسها ومناقشة سبل حل هذه الصراع.
فمن منظوري الشخصي, ارى فرق واضح هنا في فرنسا, فقبل عامين، لم يبدي أحد أدنى اهتمام بالوضع الدائر في اليمن, ولكن اليوم الفرنسيون يتحدثون عن ذلك, وهذا بحد ذاته تقدم ملموس.
كما أنه قبل عاماً تقريبا، في 13 ديسمبر الماضي، وقعت الحكومة اليمنية وحكومة الحوثيين اتفاق ستوكهولم للسلام, والذي نص على وقف لإطلاق النار في مدينة الحديدة وميناءها الذي يعتبر البوابة الحيوية لدخول السواد الأعظم من السلع.
ومنذ ذلك الوقت تحسنت الحالة في هذه المدينة الإستراتيجية الهامة, وهذا يدل على انه من الممكن العمل لإيجاد حل لهذا الصراع.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.