أحمد يحيى الديلمي —-

من استمع إلى وزير الإعلام السعودي وهو يتحدث عن محاور لقاء وزراء الإعلام الذي عقد في جدة مؤخراً وضم ما يُسمى بدول التحالف ، لاشك أنه أحس بمدى ما يعانيه الوزراء في هذه الدول من فراغ ذهني وجائحة فكرية تؤكد أنهم أصبحوا مجرد هياكل تتحدث عن إنجازات وأشياء وهمية .

قال عواد العواد أن المحور الثالث من الاجتماع يتركز في مواجهة الإعلام المعادي ويعني بذلك الفئة القليلة المؤمنة التي لا تمتلك العتاد الذي يمتلكوه ولا الماكنات الموجودة مع إعلام الأعداء ، مع ذلك قال بأنهم يؤثرون على العقول والعواطف ويعطون معلومات مشوشة ويزيفون الحقائق ، وكأن هذا التحالف المشبوه استكثر على المظلومين ظلمهم ، ولم يكتفي بحالة الانكفاء التي أحاطت بوسائله المأجورة وعزوف المشاهدين عن متابعتها ، بعد أن افتقدت المصداقية لكثرة ما تروجه من أكاذيب ومعلومات لا وجودلها عما يجري في اليمن من جرائم وحشية ومجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية ، وها هم قد أجتمعوا كما قالوا ليتداركوا الأخطاء ، لا أدري أي تدارك يعنونه هل تدارك صناعة الهزائم؟! أم تدارك الأخبار البائسة التي تسقط في ذات اللحظة !! لأنها كاذبة مع الآسف .

مما يثير الدهشة أن أحدهم في أروقة هذا المؤتمر أطلق تعليقات ساخطة عما يسمى إعلام الشرعية المزعومة الممول من السعودية والإمارات وعلى وجه الخصوص غرفة الإعلام المشتركة وتصريحات الناطق الرسمي لقوات التحالف العقيد المالكي ، هذه الصرخات أصدرها الصحفي المصري المعروف مكرم محمد أحمد – رئيس مجلس تخطيط الإعلام في مصر ، فلقد حضر الاجتماع نيابة عن وزير إعلام بلاده ، لم يسجل موقفاً رسمياً كي لا يعبر عن وجهة نظر الدولة التي يمثلها ، لكنه تحدث كصحفي مخضرم على دراية بأصول وتقاليد المهنة والمنحدر الذي بلغه إعلام الإرجاف والتهويل والأخبار الكاذبة وما قاد إليه من نتائج عكسية جعلت المشاهد يعزف عن سماعها وأساءت إلى القنوات والوسائل التي تبثها لأنها أمعنت في الكذب وخرجت عن نطاق العقل والمنطق وهي تسوق أخبار كاذبة عن انتصارات وهمية ، وتتعاطى معها بقية الوسائل الإعلامية بإيجابية باعتبارها وجهة نظر دول التحالف ، لكن هذه الوسائل التي تتناقلها سرعان ما تفقد المصداقية ، وتواجه لعنات المتلقين خاصة أنها لا تدعم ما تبثه من أخبار بمشاهد وصور حية بل تعمد إلى فبركة الصور القديمة التي سبق أن راءها المشاهد في أماكن أخرى ، مما يجعلها تفقد تعاطف المتلقي وتسقط مصداقية الوسيلة ، يبدو أن كلام الأستاذ مكرم استفز بقية الحاضرين إما أنهم ساسة لا علاقة لهم بمهنية الإعلام وعوامل إثبات المصداقية ، أو أنهم تمادوا في مجاملة الدولة المضيفة رأس الأفعى انتظاراً لبدل سفر مجزي كما هو معهود في مثل هذه الاجتماعات التآمرية المشبوهة .

موقف الرفض جعل الأستاذ مكرم يكلف أحد مرافقيه بتسريب المعلومة والتأكيد على أنها وجهة نظر شخصية لا علاقة لها بوجهة النظر الرسمية للدولة التي يمثلها كي لا ينال سخط دولته ، على خلفية هذا السجال في اجتماع هام على هذا المستوى تتضح لكل ذي بصيرة حالة التخبط والتناقض التي يعيشها أطراف هذا التحالف لأنهم أمعنوا في الخداع وتسويق الكذب ، وبالتالي فإن الإصرار على نفس الأسلوب يؤكد فعلاً أنهم يقربون الهزيمة والانهيار المروع لمثل هذا التحالف الغير مشروع .

وهنا لابد لنا أن نتساءل لماذا تخافون من إعلام البسطاء المساكين ، مع أنه بهذا المستوى من المحدودية وقلة الامكانيات ؟! وأنتم قد ملكتم الأجواء والأرض لكن صوت الحق سيظل هو الأعلى وسيخرس كل الأباطيل والأكاذيب ، وهذا ما جعلكم تجتمعون ويجعلكم تبحثون عن وسائل أخرى تخاطبون بها المجتمع الدولي بعد أن فقدت وسائل إعلامكم أدنى مصداقية ، وهذا هو حال كل معتدٍ متغطرس ، فأنتم بأعمالكم قد تجاوزتم ما يُسمى بحروب الإبادة وجرائم الحرب ، مع ذلك تزيفون الحقائق وتقلبونها رأساً على عقب ، والله غالب على أمره ، ولابد للحق من صولة .. والله من وراء القصد ..