من أدب الحرب .. الطفولة في زمن الحرب (1)
أحمد يحيى الديليمي —–
خرج سليم الطفل الصغير أبن السنوات الثلاث إلى صرحة الفليحي يتلمس أي خبر عن شقيقه الطفل حامد كعادته في تلك الساعة كان سليم يخرج لاستقبال أخاه عند عودته من المدرسة لكنه فوجئ بأن كل شيء توقف مكانه لا شيء يتحرك في الحارة سوى أشكال خاوية تتلفت يمنياً وشمالاً في ذهول من هول ما جرى!؟ الأدخنة تتصاعد من خلف مسجد الفليحي ورائحة البارود تزكم الأنوف الكل في سكرة يبحث عن تفسير مقنع لما جرى؟ سليم الوحيد يتنطط في الحارة بلا وعي يصرخ بصوته الطفولي أين اخي اين حامد ؟ لماذا لم يعود من المدرسة؟ الأطفال كلهم عادوا! الناس يتابعون حركاته بألم وحزن شديدين.
قالت صفية امرأة تجاوزت عقد الستين من العمر ماذا نقول لهذا الطفل المسكين؟ هل نقول له إن الصاروخ الغادر اللعين الذي أعده العم سام بإحكام وسلمه لرعاع الصحراء قد أتى بالأمس عند الفجر وأخذ أرواح جميع أسرته؟ والده ووالدته وحامد الأخ الذي أحبه ويحبه أكثر من نفسه احتضنته صفية وهي تنهج بالبكاء والدموع تنهمر من عينيها رفع رأسه اليها وقال:ـ
لماذا تبكين يا ماما صفية؟ اجابت وهي تمسح الدموع بباطن كفها اليمنى من عينيها يا ابني ماذا أقول؟ اردفت الكلام بآهات انتزعتها من أعماقها عبرت بها عن حزن كبير وغاصة في النفس عادت تهذي مع نفسها.
ـ كيف اقنع هذا الطفل الصغير بما جرى؟ أين ذلك الإنسان المتوحش الذي افقد هذا الطفل البرئ أخاه وجميع أفراد أسرته؟ يقاطع الطفل بنفس اللهجة البريئة لا تخافي يا ماما صفية الثعودي غادر سماء صنعاء بطائرته وأخي حامد قادم الآن وعندما يكبر سيسقط كل الطائرات! انفجرت المرأة بالبكاء واحتضنت الطفل وهي تقول : ان شاء الله … ان شاء الله ….ان شاء الله النصر قادم لا محاله..