أحمد يحيى الديلمي—-

عقب إعلان الرئيس مهدي المشاط الثورة على الفساد تباينت وتأرجحت مواقف الشارع اليمني بين الاستبشار والغموض والضبابية، استنادا إلى تراكمات وأنماط تجارب سابقة أفقدت المواطن الثقة بكل ما تعلن عنه الدولة من خطوات، وبرامج أعلنت الحرب على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية دون أن يلمس المواطن شيء من هذا القبيل ما أصاب المواطن بالحسرة، وخيبة الأمل أن لجان التصحيح تحولت إلى ظاهرة صوتية وما سُمى ببرنامج الإصلاح المالي والإداري الذي صدر عنه كتاب أشرف عليه خبراء من البنك وصندوق النقد الدوليين، ظل حبرا على ورق رغم ما رافق العملية من نفقات مالية، وضجة إعلامية كبيرة ألا أن الفساد استشرى وتحول إلى غول رهيب وسع نطاق الأخطاء القاتلة وسمح بامتداد الظاهرة إلى جوانب الحياة المختلفة، وهو ما أكد الانعدام الكلي للإرادة السياسية والجدية في المواجهة.

في هذا الصدد أورد وجهة نظر سياسي مخضرم تعرض للتهميش والإقصاء من الوظيفة لأنه تفاءل وصدق ما يروجه الإعلام قال: مما لاشك فيه إن المسيرة جادة في السعي إلى تجفيف منابع الفساد بنزعة إيمانية بتوجيه ترجمة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا اخفي إني لمست في حديث الرئيس المشاط المصداقية والوضوح كونه تطرق إلى جوانب هامة تتصل بحياة المواطن اليومية لكن الخشية من ثعالب التلفيق والتنميق من لديهم القدرة على صياغة الشيء وضده كما يضعون المؤثرات الدالة على ترجمة الفعل يبادرون الى اقتراح مبررات التثبيط وإيراد المحاذير المؤكدة بصعوبة التطبيق في الواقع لأنهم يتعاطون بأفق ضيق يركز على تفاصيل هامشية لترجمة الثقافة التي اعتادوا عليها كوسيلة وحيدة لتعظيم ذات الحاكم وتلبية طموحاته وفرض قوة حضوره في المشهد العام.

لا بد أن يتسم الأمر بالجدية والحسم والتقليل من الضجة الإعلامية التي تنطوي على الوعود وتسويق الأحلام والأماني.

المواطن مثقل بهموم كبيرة بفعل العدوان الحصار الجائر وما ترتب على ذلك من اختناقات وضيق اليد بفعل انقطاع الرواتب، كل هذا يتوجب أن يلمس المواطن خطوات عملية وأفعال لا أقوال بقصد إزالة المخاوف والشكوك التي تجذرت في النفوس.

الفجوة التي حدثت في الواقع كبيرة جدا اخلت ببنية الدولة الأساسية أفقدت المواطن الاحساس بفاعلية مؤسسات الدولة”.

انتهى كلام الرجل من خلاله يمكن معرفة طبيعة الاختلالات وبالتالي فإن استبدال هذه الصورة الهلامية بثقافة جديدة  تقوم على النزاهة والسلوك القويم بحاجة إلى وعي تام بالأفكار النمطية والموروثات القيمة التي عمقت الاختلالات إلى شفافية مطلقة والتعاطي مع المهمة بحزم ومسؤولية وشجاعة لردع الانحرافات وأصحاب السلوكيات المتفلته كأساس لإثبات هيبة الدولة، واستعادة ثقة المواطن من خلال الإعلان عن الخطوات في الميدان وإحاطة المواطن أولاً بأول بالنتائج التي يتم التوصل اليها لضمان مشاركته في التصدي للأعمال غير المسئولة التي جعلت الوطن مرتعا خصبا للفساد وبيئة صالحة للفوضى، وإهدار الحقوق الممتلكات العامة والخاصة.

ما اسلفت رؤية أولية وحتى لا تظل العملية في نطاق التنظير وتسويق الأماني اعد بتناول الموضوع مرة أخرى لتقديم رؤية متواضعة تشخص الواقع، وتقترح المعالجات السليمة والموضوعية استنادا إلى تشخيص الاختلالات الماثلة في قطاعات الدولة المختلفة وما ترتب عليها من سلوكيات وممارسات شاذة جعلت المواطن يدفع ثمن الخدمة أضعاف مضاعفة عن ما هو مقرر عليه مما يضاعف الأعباء، ويزيد معدلات الفقر وإلى الحلقة القادمة بإذن الله. والله من وراء القصد.