هل كشفت المناظرة الرئاسية الفائز بالانتخابات الرئاسية التونسية ؟
السياسية:
إعداد : مركز البحوث والمعلومات(سبأ)
يدلي الناخبون التونسيون يوم غد الأحد بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والتي يخوضها كل من قيس سعيد ونبيل القروي، وصاحبها الكثير من الجدل.
وتعيش تونس مرحلة الصمت الانتخابى (بداية من منتصف الليلة الماضية) استعدادا لإجراء الانتخابات بعد أن وصل مسار المناظرات الرئاسية إلى محطته الأخيرة بالمناظرة الرابعة بعنوان ” الطريق إلى قرطاج.. تونس تختار”، ليلة أمس الجمعة، بعد أن تم إجراء ثلاث مناظرات بين مرشحي المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية في سبتمبر الماضي.
وبعد انتهاء الجولة الأولى وإعلان النتائج النهائية بوصول قيس سعيد، ونبيل القروي إلى الجولة الحاسمة، كان إجراء مناظرة بين مرشحي الجولة الثانية معلقا بالإفراج عن القروي، الذي تم الإفراج عنه بأمر قضائي الأربعاء الماضي.
في حين كان التونسيون على موعد مع مناظرة تاريخية بين قيس سعيد ونبيل القروي، على مدى نحو ساعتين، شملت المناظرة خمسة محاور “الأمن القومي، والسياسة الخارجية، وصلاحيات رئيس الجمهورية، والشأن العام، ووعود الأيام الـ99 الأولى من فترة الرئاسة”.
المحور الأول .. الأمن القومي :
وبخصوص ملف الدفاع والأمن القومي، أشار القروي إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على حماية الحدود، بل لابد من معرفة مصدر التطرف .. مؤكدا تفعيل قانون الإرهاب في تونس، مقترحا تجميع الأجهزة الاستخباراتية تحت راية رئاسة الجمهورية.
في المقابل، رفض قيس سعيد الحديث عن الخطط الأمنية أمام عدسات الكاميرات، قائلا “من المؤسف جدا الحديث عن هذه الخطط أمام الجميع وعلى مرأى ومسمع من المصورين”.
المحور الثاني .. السياسة الخارجية والتطبيع مع إسرائيل :
في السؤال الأول والموجهة من قبل المحاورين “هل توافق على تجريم التطبيع مع إسرائيل؟ .. تحفظ قيس في إجابته على المصطلح، وقال إنه يفضل تسميته بالخيانة العظمى، وأن واجب الشعب التونسي هو التصدي لإسرائيل، والوقوف إلى جانب طموحات الأشقاء الفلسطينيين”.
وأكد أنه لا مشكلة إطلاقا مع الديانة اليهودية ولكن من يحمل جواز سفر إسرائيلي لن يسمح له بدخول الأراضي التونسية حالة وصوله للرئاسة.
بالمقابل كان جواب المرشح نبيل القروي أقل حسما؛ حيث قال “إن الفلسطينيين هم أصحاب القرار في علاقتهم مع إسرائيل”.
وأضاف “إنه ليس دوره الكشف عن هوية وتاريخ القادمين لتونس وإنما دور الجهاز الأمني والاستخباراتي، ولكن وقبل انتهاء الوقت بثوان قليلة قدم إجابته النهائية بأنه يوافق على تجريم التطبيع مع إسرائيل “.
المحور الثالث .. صلاحيات رئيس الجمهورية:
تحدث القروي عن برنامج لمقاومة الفقر والتهميش، والذي قال إنه “يلتقي فيه مع حركة النهضة، بما يضمن التصويت لفائدة أية مبادرة تشريعية في الصدد”، فيما أكد المرشح قيس سعيد، ضرورة تقديم مشاريع قوانين تمكن الدولة من استرجاع دورها الاجتماعي في ميادين الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي.
المحور الرابع .. الشأن العام :
كان رد قيس سعيد على سؤال هذا المحور بخصوص خطط مكافحة الفساد والتهرب الضريبي وتبييض الأموال؟ ” إنه يجب اعتماد الإصلاح من الأعلى إلى الأسفل وإرساء مجتمع القانون عوض دولة القانون.
واعتبر النصوص القانونية والمبادرات التشريعية، لن تقضي على الفساد لأن الدولة لم تتول دورها الاجتماعي ولم يتم تفعيل مراقبة المواطنين للمسئولين.
أما نبيل القروي فقال “إن تونس تتوفر على آليات وقوانين لمكافحة الفساد غير أن المشكلة تكمن في غياب التطبيق واشتغال الدولة بأياد مرتعشة .. داعيا إلى تطبيق القانون وإرجاع هيبة الدولة.
المحور الخامس .. الـ99 يوما الأولى :
فيما يخص التعهدات والعهود في المرحلة الأولى من الفترة الرئاسية والمعروفة بـ99 يوما الأولى بقصر قرطاج؟ .. تحدث المرشح القروي عن مبادرة تشمل جميع القوى والمنظمات السياسية لمقاومة الفقر .. مؤكدا أن الاقتصاد سيكون له جزء من الأولوية، عودة صادرات الفوسفات التونسية لسابق عهدها، بعدما انخفضت بسبب سياسات خاطئة للحكومات السابقة.
لكن بالمقابل تحفظ قيس على مصطلح الوعود وفضل التسمية بالمقترحات، وأكد أن قضيته أن يكون رئيسا لكل التونسيين متجاوزا أي انتماء حزبي لأن القضية قضية وطن وشعب.
كما أكد أنه سيسعى بكل قوة لحمل الأمانة والمحافظة عليها، ولن يستثن أحدا من المحاسبة.
وفي ختام المناظرة أثنى المرشح نبيل القروى على شخصية منافسه بوصفه “إنسانا نظيفا”.
بالمقابل تجنب قيس سعيد توجيه أي اتهامات للقروى تتعلق بما وجه القضاء للقروي، والتى بسببها اعتقل أواخر أغسطس الماضى لأكثر من شهر قبل أن تقرر محكمة التعقيب الإفراج عنه مساء الأربعاء الماضى.
ويرى العديد من المراقبين أن المناظرة أظهرت فارقا كبيرا بين قيس سعيد، الذي أعطى انطباعا أنه مرشح متمكن من فن الخطابة والإقناع في تفاصيل العديد من الملفات والمحاور التي تم تناولها رغم بعض الأجوبة العمومية.
وأكدوا أن المرشح القروي ظهر مرتبكا في بعض الاجابات مع تركيزه المستمر على قضايا الفقر والتكنولوجيات الجديدة.
ولقيت المناظرة تفاعلاً أكبر بكثير من المناظرات السابقة التي شارك فيها المرشحون الـ24 قبل الدورة الأولى التي جرت في منتصف سبتمبر.
يذكر أن نتائج المرشحان في الدور الأول للانتخابات لم تشكل فارقا كبيرا، حيث أحرز المرشح قيس سعيد (مستقل) على 620711 صوتا وهو ما مثل 18.4 % من الأصوات، فيما حاز المرشح نبيل القروي (حزب قلب تونس) على 525517 صوتا ما يمثل 15.58 % من الأصوات.
يقول أنصار نبيل القروي، رجل الأعمال الذي يواجه اتهامات فساد على أن هذا السباق هو اختيار بين نصير فقراء تونس العلماني الناجح في حياته المهنية من جانب ومحافظ لا يملك خبرات ويحظى بدعم الإسلاميين من جانب آخر.
أما أنصار قيس سعيد، أستاذ القانون الذي لم يكد يمارس دعاية تذكر في السباق الإنتخابي، يرون أن السباق بين مرشح متواضع من أصحاب المبادئ يمثل ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية للبلاد وبين مرشح من النخبة الثرية الثابتة في تونس.