تحوُّلُ الاستراتيجيةِ الأمريكيةِ الجديدةِ في الشرق الأوسط للحفاظ على النفوذ التقليدي
طوفان الجنيد*
شهدتِ السياسةُ الأمريكيةُ في الشرق الأوسط تحوّلاتٍ استراتيجيةً كبيرةً في العقد الأخير، وتَصطدمُ بمعوِّقاتٍ وصعوباتٍ جَمّة، خصوصًا مع ظهور قوى إقليمية جديدة وصاعدة قلبتِ الطاولة، وغيّرت موازين القوى، وخلقت قوى استراتيجية جديدة في السيطرة والنفوذ. هذه القوى جعلت واشنطن تستشعر الخطورةَ بسحبِ البساط من تحتها وتراجُحِ نظرية القطب الواحد، فعملت على تغيير أولوياتها وأوراقها الجيوسياسية بهدف بقاء النفوذ في المنطقة وحماية "إسرائيل".
التحولات الجيوسياسية الأمريكية:
* مواجهة القوى العظمى المنافسة مثل روسيا والصين وكوريا وإيران، وتشكيل تحالفات دولية ضدها، وخلق الصراعات، وإشعال الحروب، وافتعال الأزمات الاقتصادية، وتفكيك الاتحاد الأوروبي واستقطابه، وتزعُّم محاربة الإرهاب.
* الاستراتيجية الأمريكية الحالية: الانسحاب النسبي من الالتزامات المباشرة وتقليل الوجود العسكري المكثف مع الحفاظ على القواعد العسكرية الاستراتيجية في المنطقة.
* الاعتماد على التحالفات الإقليمية وتعزيزها مع الدول الغنية أمثال دول الخليج العربي، وإلقاء بعض من الاستراتيجية الدفاعية للوكلاء والأدوات المسخَّرة والموالية.
* فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على محور المقاومة بقيادة إيران، وممارسة كل أساليب الضغوطات الدولية على المحور المقاوم، وفرض سياسة تطبيع العلاقات العربية–الإسرائيلية، وكسر الحاجز النفسي والأخلاقي والديني والسياسي في العلاقات العربية–الإسرائيلية لدمج الكيان الصهيوني في النظام الإقليمي، وتحويله من العزلة إلى الشراكة الاستراتيجية والإقليمية.
* تأسيس تحالفٍ ضد التهديدات: الصاعدة لقوى المقاومة وافتعال الذرائع والأزمات مثل البرنامج النووي الإيراني، ونزعِ سلاح الفصائل المقاومة بالاستهداف المباشر العسكري أو غير المباشر بسياسة التفاوض والسلام.
* الدعم العسكري والأمني والسياسي واللوجستي للكيان الصهيوني:
– المساعدات العسكرية السنوية: حوالي 3.8 مليار دولار سنويًا بموجب مذكرة التفاهم 2016، وقد بلغ عشرات أضعاف هذا الرقم في العامين الأخيرين وحربها على غزة.
– كذلك التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي، خصوصًا في مجال الدفاع الصاروخي والذكاء الاصطناعي.
– استخدام الفيتو في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من القرارات الدولية.
التحديات التي تواجه الاستراتيجية الأمريكية:
أولًا: تحديات داخلية:
* الانقسام السياسي الأمريكي وتباين الرؤى بين الديمقراطيين والجمهوريين تجاه المنطقة.
* القضايا الداخلية والضغوطات الاقتصادية جعلت الرغبة الأمريكية تميل إلى تقليل التكاليف المالية للوجود الأمريكي في الخارج.
ثانيًا: تحديات إقليمية:
وهذا أبرز المعوّقات وأعظم خطرٍ يهدد العدوّ الأمريكي ونفوذه في المنطقة.
نظرًا للسياسة الإجرامية التي تتّخذها أمريكا في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، فقد جعلت الشعوب الحرة والمقاومة تنظر بعين العداء تجاهها وتعدّ العدّة لمواجهتها، كما فعل اليمن في المعركة البحرية لإسناد غزة، والتي أرعبت الكيان، وكسرت هيبة أمريكا، ونسفت أسطورتها، وأغرقتها في البحر، وأظهرت هشاشتها بفضل الله وسواعد رجال الرجال في القوات المسلحة اليمنية، وحكمة القيادة السياسية وحنكتها.
كذلك صعود لاعبِين دوليين أمثال الصين وروسيا وإيران وإظهار قواهم العسكرية والاقتصادية شكّل عائقًا أكبر لنظام القطب الواحد.
التوجهات المحتملة للاستراتيجية الأمريكية:
* مزيد من الاعتماد على الحلفاء الإقليميين مع تقليل الوجود العسكري المباشر.
* تعزيز التطبيع العربي–الإسرائيلي لتشكيل جبهة إقليمية موحَّدة ضد محور المقاومة بقيادة إيران.
* التركيز على الدبلوماسية الاقتصادية كأداة للنفوذ بدلًا من الوسائل العسكرية.
* إدارة المنافسة مع الصين من خلال شراكات تكنولوجية وأمنية مع الحلفاء.
خاتمة:
تمثّل التحوّلات في الاستراتيجية الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط محاولةً للحفاظ على النفوذ التقليدي بأدوات جديدة وأقل تكلفة، مع الحفاظ على الدعم الثابت لـ"إسرائيل" كحجر زاوية في السياسة الإقليمية. لكن هذه السياسة ستواجه بتصدٍّ وردعٍ مستمرَّين من قبل محور المقاومة والحرية، وستكون الجبهة اليمنية صمّام أمان المنطقة ورأس حربة الدفاع عن القضية المركزية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية وتحريرها. وكما لاقى الصلف والعربدة الصهيو–أمريكية وأدواتها سابقًا، ستلقى أعظم وأعظم مستقبلًا.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
هيهات منا الذلة
أمريكا قشّة
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

