اليمنُ يغيّرُ موازينَ القوّةِ ويعيِدُ رسمَ معادلاتِ الرّدعِ
السياســـية : تقرير || صادق سريع*
"عمليات اليمن في البحر الأحمر قلبت موازين سيطرت الغرب وأعادت رسم معادلات الردع في واحد من أهم الممرات المائية في العالم"، هكذا أكدت صحيفة "إنفو شو إس" الروسية.
وقالت: "نفذ اليمنيون منذ نوفمبر 2023، عشرات العمليات العسكرية النوعية على السفن المرتبطة بـ'إسرائيل'، في إطار موقفهم الثابت بدعم الشعب الفلسطيني وضد العدوان الصهيوني المستمر على غزة".
وأضافت: "استهدفت قوات صنعاء سفناً تجارية انتهكت قرار حظر التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، وقد أغرقت أربع سفن، آخرها 'ماجيك سيز' و'إترنيتي سي' اللتان تم إغراقهما بعمليات دقيقة محكمة الإعداد بالزوارق والمسيّرات".
وأكدت: "مثلت المقاطع المرئية والمصوّرة لعملية استهداف السفن من زوايا بحرية وجوية مختلفة، رسالة ردع واضحة ورسماً جديداً لمعادلة السيطرة البحرية لليمن على البحر الأحمر".
وتابعت: "فشل البحريتان الأمريكية والبريطانية في مهامهما، وعجزهما عن إنقاذ السفن المستهدفة أجبر الشركات المالكة، التي أدركت ذلك، على رفع نداءات وشعارات تعريفية مثل 'نحن مسلمون' أو 'لا علاقة لنا بإسرائيل' لتجنب هجمات اليمنيين في البحر الأحمر".
واعتبرت أن فشل أمريكا بحماية سفن "إسرائيل" كشف هشاشة حلفها البحري، بانسحاب بريطانيا، وإلتزام فرنسا واليابان وألمانيا الحذر رغم وجود قواعدها العسكرية في جيبوتي، ما يعكس الارتباك العميق في موقف الغرب أمام تفوق اليمن.
وحسب الصحيفة، فإن الهدف الإستراتيجي لعمليات اليمن في البحر الأحمر هو شلّ حركة السفن المتوجهة إلى موانئ "إسرائيل"، في ظل عجز واشنطن وحلفائها عن فرض سيطرتهم على الممر المائي الأهم في العالم.
ويؤكد خبرائها، أن اليمن بات قوة إقليمية أكثر تأثيراً في معادلة الردع، بامتلاكه قدرات نوعية مثل الصواريخ الباليستية والمسيّرات والزوارق المسيّرة، والدقة في تنفيذ العمليات المنسقة التي تفوقت على تكتيكات العدوان الأمريكي والبريطاني المتكررة.
كما أن اليمنيين أجبروا أكبر شركات الشحن العالمية على تغيير مساراتها إلى رأس الرجاء الصالح، وهذا كبّدها خسائر بمليارات الدولارات بسبب ارتفاع تكاليف الوقود والتأمين، ما أثّر سلباً على منظومات الاقتصاد والتجارة العالمية.
خلاصة قراءة "إنفو شو إس" تؤكد: "إن جغرافيا اليمن والدعم الشعبي الواسع يمنحان قوات صنعاء تفوقًا إستراتيجيًا يصعب تجاوزه، وقد فشلت حملات العدوان الغربية، فيما تبدو أي محاولة لغزو بري لصنعاء ضرباً من المستحيل في ظل الكفاءة القتالية والتنظيم العالٍ والإرادة الصلبة لقوات اليمن في الدفاع عن السيادة ودعم فلسطين".
وكان اليمن قد أعلن، نهاية نوفمبر 2023، أنه لا يزال مستمرًا في إسناد غزة بمعركة عسكرية (الفتح الموعود والجهاد المقدّس)، دعمًا للمقاومة الفلسطينية في القطاع ضد عدوان الإبادة والتجويع الصهيو - أمريكي.
اليمن يشارك في صياغة النظام العالمي
في الشأن ذاته، اعتبرت منصة "دزين رو" الروسية فرض اليمنيين عقوبات على 13 كيانًا من أكبر شركات النفط الأمريكية، أبرزها "إكسون موبيل" و"شيفرون"، يمثل تحولًا إستراتيجيًا غير مسبوق في مسار الصراع الاقتصادي والعسكري بالمنطقة.
وقالت: "إن ما كان يُعدّ في السابق مادةً للسخرية في الإعلام الغربي أصبح اليوم واقعًا يُقلق العواصم الغربية".
وأضافت: "تهديدات السيد عبد الملك الحوثي بشأن معاقبة عمالقة الطاقة الأمريكية لم تعد تُقابل بالتهكم، بل أثارت حالة من الذهول والقلق داخل المؤسسات الاقتصادية والسياسية الغربية، بعد أن أثبت اليمن قدرته على ضرب المصالح الأمريكية وحظر الملاحة 'الإسرائيلية' في البحر الأحمر".
وتابعت نقلًا عن مراقبين روس: "إن تطور قوات صنعاء يُعد نقطة تحوّل في ميزان الردع العالمي، إذ باتت لاعباً إقليمياً يفرض العقوبات على عمالقة الشركات الأمريكية التي تمثل القلب الاقتصادي لواشنطن".
خلاصة خبراء "دزين رو" تقول: "إن معاقبة اليمن لشركات النفط الأمريكية لم تعد مزحة سياسية، بل واقع مدعوم من عواصم موسكو وبيونغ يانغ وبكين لمواجهة الهيمنة الغربية، حيث لم تعد المواجهة في البحر الأحمر مجرد صراع بحري، بل ولادة نظام اقتصادي عالمي جديد يشارك اليمن في صياغته".
ضربة يمنية للولايات المتحدة
بدورها، اعتبرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية فرض اليمن عقوبات ضد شركات الطاقة الأمريكية الكبرى بمثابة ضربة جديدة للولايات المتحدة في المنطقة.
وقالت: "موقف اليمن العقابي لمصالح أمريكا يعكس تحولًا جذريًا في مسار المواجهة البحرية في البحر الأحمر، حيث وجّهت صنعاء رسائل مباشرة إلى واشنطن مفادها أن المرحلة القادمة لن تكون اقتصادية فحسب، بل مرحلة ردع إستراتيجية تطال مصالحها النافذة في المنطقة".
وأضافت: "أصبح اليمنيون قوة إقليمية بإرادة وقوة ردع إستراتيجية، نجحوا في إرسال رسالة واضحة للعالم عبر عقاب الشركات الأمريكية مفادها أن الهيمنة الاقتصادية والعسكرية من البحر الأحمر حتى الخليج باتت تحت التهديد المباشر من معركة الدفاع عن السيادة ونصرة فلسطين وإسناد غزة".
قوة غيّرت موازين الردع
وأقرّ موقع "أكسيوس" الأمريكي بقوله: "قوات صنعاء أثبتت بقدراتها على تغيير موازين الردع التقليدية، فلم تعد مجرد استعراض للقوة، بل أصبحت تهديدًا فعليًا وحقيقيًا لـ'إسرائيل'، وقد أجبرت الأخيرة على إعادة الحسابات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية".
وأضاف: "اليمن تمكّن من ترسيخ معادلة التحوّل إلى قوة إقليمية في الوسط الأمريكي، وأصبح قوة مؤثرة وقادرة على التأثير المباشر في المعادلات الإقليمية وقرارات واشنطن تجاه شعوب المنطقة".
يُشار إلى أن اليمن استهدف في معركة إسناد غزة 245 سفينة تجارية وحربية أمريكية وبريطانية و"إسرائيلية" في المياه الإقليمية والدولية، ضمن الحظر المفروض على السفن والمطارات والموانئ "الإسرائيلية"، وأطلق أكثر من 1,280 صاروخًا ومسيّرة على "إسرائيل"، وأغلق ميناء أم الرشراش المحتل، وأغرق أربع سفن تجارية انتهكت قرار الحظر.

