السياســـية: تقرير || صادق سريع*

في 7 أكتوبر 2023، هزّ زلزال عسكري جيش "إسرائيل" بهزيمة أسطورية غير مسبوقة يوم السبت الأسود، حين أشعل أبطال غزة شرارة معركة الوجود، وأحدثوا الندوب والجروح الغائرة في قلب الكيان، وغيرّوا معادلات الردع وموازين القوة ومسار تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.

في مناسبة الذكرى الثانية لمعركة "طوفان الأقصى"، طوفان الرعب الذي لا يُنسى في ذاكرة الاحتلال، والكابوس الذي لا يغادر هواجس الصهاينة، من فعل قوة الصدمة الكبرى التي حطّمت أحلام اليهود يوم 7 أكتوبر المرسومة في خيالات حاخامات التلمود والمستوطنين منذ عقود.

يقول المحلل السياسي لصحيفة "معاريف" بن كسبيت: "الهزيمة التي مُنيت بها 'إسرائيل' في 7 أكتوبر هي الأشد ألمًا والأكثر إذلالًا في تاريخها، حتى في أسوأ كوابيسنا لم نتخيلها".

وأضاف: "حماس سحقت 'إسرائيل' يوم 7 أكتوبر دون أي جهد، وتصرّفت في المستوطنات والقواعد العسكرية كما لو كانت ملكها، وأسرت مئات الجنود والمستوطنين، وذلّت أقوى جيش في الشرق الأوسط، ثم ذهبت تاركة وراءها أرضاً محروقة".

وأكد: "لا شيء يمحو صدمة أو يشفي جروح 7 أكتوبر في 'إسرائيل'، التي فشلت أن تكون المأوى الوحيد لحماية اليهود".

واعتبر محلل صحيفة "هآرتس" نير حسون، يوم 7 أكتوبر 2023، وتداعياته أعظم كارثتين في تاريخ 'إسرائيل'، محمّلًا حكومة نتنياهو المسؤولية.

وقال: "الكارثة الأولى، قتل فيها حماس أكثر من 1400 صهيوني، وأسرت المئات، وفي الثانية، قتلنا عشرات الآلاف من المدنيين في غزة، وتسببنا بموت الأسرى، ودمرنا وجوّعنا أهل غزة بأكملها، وارتكبنا جرائم حرب ضد الإنسانية لا تُحصى".

وأضاف: "ستظل صدمة كوارث 7 أكتوبر في الذاكرة لعقود، لقد دُمرت الأسس التي بُنيت عليها 'إسرائيل': الشرعية الدولية، والعلاقات السياسية والاقتصادية مع العالم العربي".

بدوره، قال المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم: "هجوم 7 أكتوبر حمل رسالة واضحة مفادها أن الفلسطينيين لا يقبلون التهميش، وأن المقاومة ما زالت حيّة رغم تعاون السلطة الفلسطينية مع 'إسرائيل' في الضفة الغربية".

وأضاف: "ما جرى يوم 7 أكتوبر 2023 لم يحدث من فراغ، بل نتيجة معاناة عقود من الاحتلال العسكري الأطول والأشد قسوة في العصر الحديث. في ذلك اليوم المشؤوم انهارت سمعة 'إسرائيل' عالميًا، وتراجع الدعم التقليدي الغربي، وزاد تعاطف العالم مع الفلسطينيين".

وعن كابوس 7 أكتوبر الذي يطارد المجرم بنيامين نتنياهو ويعمّق شعور زوال الكيان في أذهان المستوطنين، يقرّ المستوطن حاييم مويال (67 عامًا) لصحيفة "هآرتس" بقوله: "نشعر في مستوطنة سديروت كأن هجوم 7 أكتوبر حصل أمس وليس قبل عامين، كل المشاهد انطبعت في أذهاننا كأسطوانة لا تتوقف، وقد أصبحت حياتنا خليطاً من الأرق والقلق الدائم وأدوية المهدئات".

وقالت مراسلة "هآرتس" عيدن سولومون: "شعور الخوف لا يغادر ذاكرة المستوطنين ولا يتوقف عن ملاحقتهم، ولا ينامون ليلة كاملة دون أن توقظهم كوابيس أصوات الانفجارات".

ويصف مراسل "يديعوت أحرونوت" عوديد شالوم حياة المستوطنين بمستوطنة ناحال عوز بقوله: "يصعب وصف شعورهم بالكلمات، الخوف يسكن أجسادهم، والهواجس لا تفارق ذاكرتهم كأنهم يعيشون أحداث طوفان 7 أكتوبر في يومه الأول".

يُشار إلى أن فاتورة شهداء غزة تجاوزت 66 ألفًا، وتخطّى عدد الجرحى 169 ألفًا، بالإضافة إلى 2576 شهيدًا من لقمة العيش، وأكثر من 18 ألفًا و873 مصابًا، بالقتل والإبادة والتجويع والحصار والعدوان الصهيو - أمريكي - غربي، منذ 10 أكتوبر 2023، في ظل التآمر والتخاذل والتواطؤ والصمت والخذلان العربي والعالمي.