السياســـية: تقرير || صادق سريع

خوفًا على زوال الكيان ظنوه جبلًا، فألقوا عليه 85 طنًا من القنابل الخارقة للحصون دفعة واحدة بقصف عدوان جوي غادر بكلفة ثُلث مليار دولار، ارتقى فيه شهيدًا في سبيل الله دفاعًا عن الوطن ضد العدو الصهيوني، يوم 28 سبتمبر 2024.

عاش الأمين الشهيد السيد حسن نصر الله بطلاً ثائراً حاملاً مشروع المقاومة الذي رسّخ مفهوم المقاومة كخيارٍ للتحرر وغير معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي دعماً لفلسطين والمقاومة الفلسطينية وغزة، وإرادة الشعوب المضطهدة ضد قوى الاستعمار في زمن العبودية والاستسلام.

وكان الشهيد السيد نصر الله رمزًا للإنسانية ومقاومًا حرًا وأيقونة الثورة والثوار ومُلهم الأحرار، وكابوس "إسرائيل" ومرعب الغرب الذي كبّد العدو خسائر هائلة أكثر من رُبع قرن في محاولاته الفاشلة وحملاته العدوانية وعمليات الاغتيال للخلاص منه.

انتصر بالشهادة مؤسسًا نموذجًا ثوريًا عالميًا عابرًا للتاريخ والجغرافيا ستتوارثه الأجيال عبر الأزمان، بثورة تحررية أرعبت قلب الكيان وأشعلت شرارة الأحرار حبًا للجهاد أكثر من حب العملاء لذة الخضوع بمهنة العمالة.

رحل الثائر الأممي الأمين المفوّه وبقت روحه الطاهرة وكلمات خطاباته الثائرة في التعبئة المعنوية والحرب النفسية، وقد تحوّلت ثورته وذكراه إلى محطة ثورية ملهمة للأحرار والمجاهدين في الجبهات المقدّسة ضد غطرسة العدو.

حوّل الشهيد المقاوم حزبه المقاوم إلى جبهة مقاومة عسكرية إقليمية بقوة جبارة وترسانة تسليحية متطوّرة وغيّرت مفاهيم الحروب العسكرية وصنعت المعادلات العسكرية والسياسية، في المنطقة وانتصرت في كل الحروب ضد جيش الاحتلال وحلفائه العرب والغرب.

وحقق انتصارات عظيمة حين أجبر كيان الاحتلال على الانسحاب من جنوب لبنان بلا قيود أو شروط في حرب عام 2000، وحقق توازن الردع ومعادلة "ما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا" حتى 2024، بصمود المقاومة ضد العدوان الصهيوني في 2006.

من مواقفه العروبية التي كشفت حقيقة خذلان حكام العرب في دفاعه عن فلسطين قضيّة الأمة ضد الاحتلال حين رد على عرض وقف العدوان الصهيو - أمريكي على لبنان عام 2024، مقابل إيقاف الحزب جبهته العسكرية المساندة لغزة: "أتعطينا الأمان وأطفال غزة بلا أمان".

وفي الذكرى الأولى لاستشهاد الأمينين العامين لحزب الله اللبناني، السيدين الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفّي الدين، قال قائد الثورة، السيد عبد الملك الحوثي: "شهيد الإسلام والإنسانية الأمين الشهيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- كان رجلًا استثنائيًا وقف كالجبل الشامخ، وأسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي تحت أقدام المجاهدين بالنصر الكبير في حرب 2006، ضد العدو".

وأضاف: "كان وما يزال رعبًا وكابوسًا للصهاينة، غرس مفهوم الهزيمة في وعيهم بعد هزائم العرب، وفرض صوت الصرخة الشهيرة 'إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت' في ذاكرتهم وحوّلها إلى هاجس أمني في واقعهم".

وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم: "لن نسمح بنزع السلاح، وسنواجه المؤامرات بمواجهة كربلائية في معركة الوجود.. نزع السلاح يعني نزعَ القوة، هدفه تحقيق أهداف 'إسرائيل'".

وأضاف: "سيدي، رحيلك مفجع، ونورك ساطع، غادرت الدنيا فأشرقت عليها من عليائك، فأصبح حضورك أكثر، أنت القائد والملهم وحامل راية فلسطين التي زرعتها في قلوبنا فأينعت مقاومةً صلبةً أبيةً فتحت زمنَ الانتصارات".

وأكد مجددًا للعهد: "إنا على العهدِ يا نصرالله، نواصل نهجك نحمل أمانة الإسلام والمقاومة وتحرير فلسطين، ومستمرون وثابتون وحاضرون للشهادة لن نترك السلاح ولن نتخلى عن السلاح".

ولد الشهيد حسن نصرالله عام 1960، وعاش حياته العسكرية بعيداً عن الأضواء كزعيم عربي لجبهة مقاومة عسكرية مرغت أنف العدو تحت التراب لمدة 32 عاما، منذ توليه منصب الأمين العام في 16 فبراير 1992، خلفًا للأمين العام السابق عباس موسوي، الذي اغتالته "إسرائيل" بصاروخ استهدف موكبه.

وأحيا اللبنانيون وأحرار العرب والعالم، في الـ27 من سبتمبر الجاري، ذكرى استشهاد الأمينين، نصرالله وصفّي الذين اُستشهدا في معركة إسناد غزة والدفاع عن الوطن ودعم جبهات المقاومة العربية والأمة ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة.