ما بين البتر والحصار.. طفل غزاوي يحوّل ماسورة إلى ساق كي لا يفقد حلمه
السياسية - وكالات:
في خيمة مهترئة لا تقي من حرّ ولا برد، يحاول طفل غزاوي في العاشرة أن ينتزع من بين ركام الحرب لحظة لعب.
"راتب اقليق"، الذي حرمته صواريخ العدو الإسرائيلي من ساقه ومن والدته وأخيه، لم يجد سوى ماسورة صرف صحي يربطها بجسده الصغير ليواصل حلمه الوحيد: أن يركل كرة مثل باقي الأطفال. مشهد يلخص كيف تُدفن الطفولة في غزة تحت قسوة الحصار والنار.
على أرضية إسفلتية قرب الخيمة المؤقتة في دير البلح في قطاع غزة ، يتكئ "راتب" على الماسورة البديلة ويركل بها كرة بلاستيكية، محاولاً سرقة لحظات فرح من واقعٍ مثقل بالفقد.
راتب نزح مع والدته وأشقائه من شمال قطاع غزة في بداية الحرب، بحثاً عن الأمان، لكنه لم يجده.
ففي مواصي خان يونس استهدفتهم صواريخ العدو الإسرائيلي، فاستشهدت والدته وشقيقه الأصغر، وأصيب هو بجراح خطيرة انتهت ببتر ساقه.
بعد ثلاثة أشهر من الألم، لم يجد سوى ماسورة صرف صحي ارتجلها كطرف صناعي بدائي يساعده على اللعب، رغم ما تسببه له من جروح ونزيف متكرر.
يقول بصوت طفولي مكسور لــ صحيفة (فلسطين): "بدي ألعب مع الأولاد، ما لقيت غير هذا الحل."
جده إبراهيم يروي بحرقة: "وجدناه في المستشفى بعد القصف، قال الأطباء إن الإمكانيات لا تسمح بإنقاذ رجله… اليوم كل ما يتمناه أن يلعب مثل باقي الأطفال."
لكن الحصار الممتد منذ 18 عاماً يحرم آلاف الأطفال من الأطراف الصناعية، إذ تمنع سلطات العدو الإسرائيلي دخول المواد اللازمة بحجة "الاستخدام المزدوج".
الدكتور محمد الخالدي، المختص في صناعة الأطراف، يؤكد أن أكثر من 2000 طفل في هذه الحرب فقدوا أطرافهم، بينما عمليات التركيب تقريبا توقفت بسبب شح المواد.
ووفق وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، سُجّل أكثر من 6500 حالة بتر منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2024، يشكّل الأطفال نسبة كبيرة منها.
منظمات دولية كالعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش اتهمت "إسرائيل" باستخدام الحصار سلاحاً ضد المدنيين، وحرمان الأطفال من العلاج والأطراف الصناعية.
وبينما تسرد المنظمات أرقام الضحايا والقوانين الدولية تُذكر بجرائم العدو الإسرائيلي، يبقى راتب شاهداً حياً على جرح مفتوح لا يندمل.
هو ليس مجرد رقم في قوائم المبتور بعض من اطرافهم، بل صورة لطفل يصرّ أن يركض خلف كرة حتى ولو بساق من ماسورة، ليصرخ في وجه العالم أن الطفولة في غزة تستحق أكثر من حياة مؤقتة وأحلام مكسورة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 يرتكب العدو الاسرائيلي، بدعم أمريكي، إبادة جماعية في غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلا النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

