تعز في معركة مفتوحة مع حزب الإصلاح
السياسية || محمد محسن الجوهري*
أينما حلت جماعة حزب الإصلاح حلَّ القتل والإرهاب، ولو كانت تلك الجماعة تحمل الجميل لأحد لحملته لمدينة تعز التي قبلت بهم كمكونٍ سياسي فكفاؤها بالقتل والإجرام، وما جريمة اغتيال افتهان المشهري إلا حلقة واحدة ضمن سلسلة طويلة من الإعدامات الميدانية التي تنفذها جماعة الإخوان في وضح النهار، وبدعمٍ وتمويلٍ من المجتمع الدولي.
ومن الشواهد الدامغة على نهج حزب الإصلاح في تعز سلسلةُ الاغتيالات التي طالت ناشطين وأكاديميين في شوارع المدينة، وهي جرائم هزّت الرأي العام وكشفت حجم الاستباحة التي تمارسها الجماعة ضد كل من يختلف معها.
ولم تقتصر الانتهاكات على الاغتيالات فحسب، بل امتدت إلى الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق المعارضين في سجون سرية يديرها مسلحو الإصلاح داخل المدينة، حيث وثّقت منظمات حقوقية عشرات الحالات التي تعكس صورة واضحة لنهج قمعي منظم يستهدف خنق الأصوات الحرة وإسكات كل معارض.
لقد بات واضحاً لأبناء تعز أن المدينة التي حلمت بالحرية والعدالة أصبحت أسيرة لعصابة مسلحة تفرض أجنداتها بالقوة، فلا يمر يوم إلا وتُسجَّل فيه حادثة قتل أو اعتداء أو نهب. ومع كل ذلك، يظل الإصلاح يرفع شعارات زائفة باسم الدين والوطن، بينما أعماله لا تمتّ لا إلى الدين ولا إلى الوطنية بصلة، وما كان الحزب ليقدم على مثل هذه الجرائم لولا الغطاء الدولي المقدم له تحت اسم "شرعية".
وبما أن تعز تشهد اليوم انتفاضة شعبية متصاعدة ضد النهج الإجرامي الذي ينتهجه حزب الإصلاح، فإن المدينة مُلزمة بمواصلة معركتها حتى النهاية؛ فالتراجع الآن لن يعيد الحقوق ولن يضمن سلامة المستقبل، بل سيفتح الباب أمام مزيد من الجرائم والانتهاكات المنظمة. لقد أظهرت حادثة تصفية الشهيد أفتهان المشهري أن ميليشيات الإصلاح لا تتورع عن استخدام السلاح في مواجهة كل من يفضح فسادها أو يطالب بمحاسبتها، ومع خروج الناس إلى الشوارع فإن الحزب سيتعامل مع التظاهرات الشعبية على أنها جريمة تستحق الرد بالرصاص والاعتقال والإخفاء القسري لكل من شاركوا في تنظيمها.
في عقلية قادة الإصلاح، كل من يخالفهم في الرأي يستحق التصفية، فكيف بمن يجرؤ على الانتفاض ضدهم علانية ويطالب بمحاكمتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الأبرياء والعُزّل؟ لذلك لم يعد الأمر مجرد خلاف سياسي، بل تحوّل إلى صراع بين مدينة تبحث عن العدالة والحرية وبين حزبٍ مسلّح يمارس القتل والإرهاب كوسيلة للتسلط. إن مواجهة هذا النهج القمعي باتت مسؤولية جماعية، وتوثيق جرائم الإصلاح وفضح داعميه محليًا ودوليًا هو الطريق الأمثل لحماية تعز من مستقبل قاتم يراد فرضه عليها.
إن عملية اغتيال المشهري، وما سبقها من إجرامٍ ممنهج، يؤكد أن حزب الإصلاح لا يؤمن بأي ثقافة سوى ثقافة الموت، فالنفسية التي زرعها الزنداني وأمثاله في نفوس أتباعه هي النفسية اليهودية التي ترى الحق في ذبح كل مخالف، ولو تمكنت هذه الجماعة من اليمنيين كافة لكان المشهد دموي بامتياز، لكن مشيئة الله قضت بفشل مخططاتهم التآمرية حتى وإن أنفق التحالف السعودي – الإماراتي المليارات لتمكينهم من رقاب الشعب اليمني.
إن استمرار حزب الإصلاح في نهجه الإجرامي واغتيالاته الممنهجة يهدد مستقبل تعز بأسره، وما لم يتحرك أهل المدينة والمجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم، فإن الفوضى والدمار سيصبحان القاعدة. فالانتفاضة الشعبية الراهنة هي إنذارٌ واضح لكل من يعتقد أنه يمكنه الإفلات من العقاب، وتحذير صارم بأن استمرار القتل والإرهاب لن يمر دون حساب.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

