ثورة 21 سبتمبر: إنجاز يمني خالص نحو السيادة والكرامة
سليم الغابري*
في الحادي والعشرين من سبتمبر، سطّر الشعب اليمني ملحمة وطنية عظيمة، أثبتت للعالم أجمع أن الإرادة الشعبية الحرة، عندما تتحد وتتجاوز الانقسامات، قادرة على تحقيق المستحيل، فثورة 21 سبتمبر لم تكن مجرد تغيير في النظام، بل كانت انتصارًا حقيقيًا للسيادة الوطنية، ورفضًا قاطعًا للوصاية الخارجية التي كادت أن تبتلع هوية هذا البلد العريق.
منذ اللحظة الأولى، تميزت ثورة 21 سبتمبر بأصالتها ونقائها، ولم تكن مدفوعة بأجندات خارجية، ولم تكن رهينة لتمويلات مشبوهة، وقد انطلقت من رحم معاناة شعب أنهكته الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، والانهيار الأمني، والتدخلات السافرة للقوى الخارجية التي حولت اليمن إلى ساحة لتصفية حساباتها، فكانت إرادة يمنية خالصة، وجهدًا يمنيًا خالصًا، غذته تضحيات أبناء الشعب اليمني بعزم لا يلين.
كان اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر يعيش تحت وطأة وصاية أمريكية خانقة؛ فكان السفير الأمريكي في صنعاء يتصرف كرئيس فوق كل السلطات، يقرر ويفرض ويوجه، بينما كانت السلطات المحلية تخضع له وتنفذ إملاءاته، ولقد تم إهدار السيادة والاستقلال، وتم التفريط الكامل بهما، وكانت القوى التي أذعنت للوصاية الأجنبية مرتهنة للخارج بشكل تام، ولهذا، جاءت ثورة 21 سبتمبر لتكسر هذه القيود، ولتعيد للشعب اليمني سيادته وكرامته، ولتؤكد أن مصير هذا البلد يجب أن يُصنع بأيدي أبنائه.
ولم تقتصر ثورة 21 سبتمبر على تحقيق إنجاز سياسي وعسكري فحسب، بل جسدت أيضاً أداءً راقياً ونظيفاً يتسم بالانضباط العالي، ولم تشهد الثورة اعتداءات أو تعسفات أو تجاوزات ظالمة، ولم تكن هناك تصفية حسابات، بل على العكس، استتب الأمن والاستقرار في العاصمة صنعاء، وتم توفير الطمأنينة لكل المواطنين بمختلف توجهاتهم السياسية، وهذا الأداء الراقي يعكس القيم الأصيلة للشعب اليمني، وقيمه الإيمانية، وتسامحه، وابتعاده عن التصرفات الإجرامية والوحشية التي يمارسها المرتزقة والجماعات التكفيرية.
لم تمر ثورة 21 سبتمبر مرور الكرام على الأعداء، فالعدوين الأمريكي والإسرائيلي وأدواتهم الإقليمية والمحلية أدركوا خطورة هذا الإنجاز اليمني الفريد الذي يحيي الأمل في نفوس الشعوب الأخرى، ولهذا عملوا بكل جهد على تمزيق النسيج الاجتماعي، وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية والعرقية، بهدف تفكيك الشعب اليمني وبعثرته وجعله قابلاً للسيطرة الأمريكية و"الإسرائيلية"، لكن الشعب اليمني، بوعيه وبصيرته القرآنية وأصالته الإيمانية وقيادته الحكيمة، صمد في وجه هذه المؤامرات وتحرر من كل طواغيت الأرض.
إن ثورة 21 سبتمبر لم تكن نهاية المطاف، بل كانت بداية لمرحلة جديدة من البناء والتنمية، فاليمن، بفضل هذه الثورة التحررية العظيمة، يتجاوز التحديات والصعوبات ويحولها إلى فرص لبناء بنية قوية ومتماسكة، واقتصاد مقاوم، وزراعة قوية، ليصبح بلداً منتجاً وقوياً عسكرياً. إن الشعب اليمني، بتمسكه وبهويته الإيمانية وحريته وكرامته الإنسانية، قادر على بناء حضارة رائدة تليق بتاريخه العريق وتطلعاته المستقبلية.
لقد مثلت ثورة 21 سبتمبر لحظة تاريخية فارقة، أعادت لليمنيين صوتهم المسلوب، وكسرت حالة الارتهان التي كانت تعيشها البلاد، وأعادت التوازن للمشهد السياسي والاجتماعي، وكانت تتويجًا لمسار طويل من النضال الشعبي، الذي رفض الفساد والتبعية والظلم، واليوم، ورغم كل التحديات والعدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، تظل هذه الثورة مصدر إلهام للشعوب الباحثة عن الحرية والسيادة والاستقلال.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب
* المسيرة نت

