مبارك حزام العسالي*

لم تكن الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في اليمن مُجَـرّد طقس ديني أَو مناسبة اجتماعية فحسب، بل هي رسالة سياسية واضحة لكل أعداء الأُمَّــة، وبخَاصَّة للكيان الصهيوني وحلفائه.


الحشود المليونية التي خرجت في مختلف المحافظات، من المدن الكبرى إلى القرى النائية، تعكس وحدة اليمنيين وقوتهم في مواجهة المؤامرات الخارجية، وتؤكّـد أن الشعب اليمني مرتبط بهويته الإسلامية وقضاياه القومية.

كل علم أخضر يرفرف، وكل صوت تكبير وصلوات على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هو تصريح سياسي صريح بأن اليمن لا يخضع للعدوان ولا للضغوط، وأنه قادر على التلاحم الشعبي في وجه أي تهديد خارجي. هذه الحشود تحولت إلى قوة معنوية ضخمة، تثبت أن اليمنيين مستعدون للدفاع عن قضيتهم، وعن غزة وكل الأراضي الفلسطينية، بكل ما يملكون من إيمان وإرادَة وعزيمة.

الحشود المليونية ليست مُجَـرّد أرقام، بل هي رافعة سياسية واستراتيجية، تترجم الولاء للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى موقف عملي من العدوان والاحتلال. إنها رسالة للعالم: اليمنيون متوحدون في حب نبيهم، ومتحدون في الدفاع عن الأُمَّــة، وصامدون رغم الحصار والقصف، وكل ذلك يعزز قدرتهم على الصمود والمواجهة في المعركة مع الكيان الصهيوني وحلفائه.

كما أن هذا التجمع الضخم يشكل درسًا في القوة الشعبيّة والسياسية. فحين يخرج الملايين في احتفال ديني، فإن ذلك يرسل رسالة مزدوجة: داخليًّا للشعب نفسه بأن التلاحم قوة، وخارجيًّا للعدو بأن كُـلّ محاولة لكسر إرادَة اليمنيين ستبوء بالفشل. فالحشد الروحي يتحول هنا إلى حشد سياسي واستراتيجي، يثبت أن اليمن ليس مستسلمًا، وأن صموده ينبع من جذور إيمانية وثقافية عميقة.

الحضور المليوني أَيْـضًا يرمز إلى القدرة على التعبئة الشعبيّة، وهو ما يمثل عنصرًا استراتيجيًّا في أية مواجهة سياسية وعسكرية. فالشعب الذي يستطيع أن يتجمع بهذا الشكل في مناسبة دينية قادر على توحيد طاقاته في المعركة ضد العدوّ الصهيوني، وتحويل الروحانيات إلى فعل سياسي، والولاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صمود ومواجهة في ساحات القتال والمواجهة الإعلامية والدبلوماسية.

الحشود المليونية في المولد النبوي الشريف ليست مُجَـرّد احتفال، بل رسالة سياسية واستراتيجية قوية. هي إعلان للعالم، وبخَاصَّة للعدو الصهيوني، أن اليمنيين شعب واحد متماسك، متجذر في دينه وثقافته، وأن حبهم للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرتهم على الصمود والمواجهة والدفاع عن الأُمَّــة. ومن يظن أن هذا الحدث مُجَـرّد احتفال تقليدي فقد أخطأ؛ فالرسالة هنا واضحة: اليمن لا يُكسر، وقضيته حاضرة في قلب كُـلّ مواطن، ومعركة الأُمَّــة مُستمرّة، ولن تتوقف عزيمة شعبها عن نصرة الحق والدفاع عن كرامته ومقدساته.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب
* المسيرة نت