السياسية || محمد محسن الجوهري*

في كل مرة يسقط فيها قائد عظيم من قادة الجهاد المقدس ضد أعداء الله من أهل الكتاب، نفاجأ بموجة من الشماتة والسخرية من مرتزقة اليمن من العفافيش وحزب الإصلاح، أكبر من سابقاتها، وكأن الموت محصور على الشرفاء فقط، وأن الخونة والمجرمين فوق سنة الله في هذه الأرض. ونسوا أن الموت الحقيقي هو موتهم هم، أما من يسقط في ساح الكرامة والشرف وعلى يد أعداء الله فقد حرم الله علينا الظن أو القول بأنه من الأموات.

والغريب أن هذه النوعية من المنافقين موجودة منذ أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا يتمنون موته، وينسون أن الموت سيطالهم أيضًا. فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" [الأنبياء: 35] وورد في سياق آخر: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" [الزمر: 30].

فالموت من السنن الثابتة في الحياة، حق على الصالح والطالح، ولأنه حق فقد أكرم الله عباده الصالحين بأن جعلهم شهداء في سبيله، وحرم عليهم الموت في الذل والخزي، بل حياةً قصيرة في سبيله تضيف إلى أسمائهم المجد والخلود.

ولو رجعنا بالزمن إلى ما قبل عشر سنوات، وتأملنا حال أولئك الذين رفعوا شعار "شكرًا سلمان" يوم أعلنت السعودية عدوانها الغادر على اليمن، لوجدنا أن الكثير منهم اختفوا من الساحة وغيبهم الموت أو الهزيمة، كما حصل مع عبدالمجيد الزنداني والعديد من قيادات وكوادر حزب الإصلاح ممن كانوا يتشمتون بضحايا المجازر السعودية في صنعاء وصعدة وغيرها.

بل أن بعضهم سقط بنيران السعودية نفسها، كما حدث لأفراد المرتزقة في العشرات من مواقع القتال بين صنعاء ومأرب والجوف. وقد ذكر المرتزق أمين العكيمي أن الاستهداف السعودي طال عشرات الجنود الذين كان يسمّيهم بالشرعية، مما أدى إلى هزيمته في مواجهة الجيش واللجان الشعبية عام 2020.

ولو تأملنا مصير الزنداني، حاخام حزب الإصلاح الأكبر، وكيف أفتى بأن التحالف السعودي الإماراتي هو تحالف من الله، ثم انتهى به الحال أن يُهان ويعتقل في السعودية، ثم يُطرد إلى تركيا، حيث مات صغيرًا ذليلاً، متناقضًا في كل مبادئه، لوجدنا دروسًا كثيرة تزجر عن الشماتة في موت الآخرين أو في القتل.

وحتى سائر الخونة، كالعفافيش، هل سلموا من الموت بسبب خيانتهم للوطن؟ ألم يتخلى عفاش عن تحالفه مع أنصار الله من أجل مصالح دنيوية وطمعًا في الحياة، فكانت عاقبته الموت؟ وهذا ما تكرر للكثير منهم في الداخل والخارج، وهم من كانوا يتربصون ويتآمرون لتفجير الوضع وتمكين العدوان من العاصمة صنعاء.

ولهم أن يقارنوا بين مصير الشهيد حسن الملصي رضوان الله عليه ومصير من هلك منهم وهم يقاتلون مع الإمارات والصهاينة في الساحل الغربي؛ فالأسماء كثيرة، وكلها انتهت هلاكًا في سبيل الشيطان. وهذه الكارثة تبرز ضرورة الحذر واليقظة، إذ اتضحت اليوم حقيقة أن من يقاتل مع الرياض وأبوظبي يقاتل في الواقع مع تل أبيب وواشنطن، فالتحالف واحد بقيادة المجرم نتنياهو، ولا حجة لهم مهما حاولوا تبرير خيانتهم لله والدين والوطن.

إن السنن الإلهية ثابتة، والموت حق على الجميع، والشهادة في سبيل الله ترفع الإنسان إلى أعلى درجات العزة، بينما الخيانة والفساد مصيرها الذل والهلاك. فليتذكر كل من يشمت أو يستهزئ: إنك ميت وإنهم ميتون، ولكن من استشهد في سبيل الله حي عند ربه، ومن عاش بالخيانة والظلم مات شر موتة ولو بعد حين.

﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ آل عمران، الآية 168.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب