كيان الأسدي*

أحدثكم عن اليمن، ذاك البلد الذي لم يترك درباً للوفاء إلا وسلكه، ولم يسمع نداءً للحق إلا لبّاه. اليمن الذي إذا سمع صرخة: «هل من ناصر ينصرني؟» صعد الجبال، وخاض الوديان، وعبر البحار والقارات، ليسجّل اسمه في سجل الخالدين: أوّل من لبّى.

يا تاريخ، دوّن بحروفٍ من نور أنّ اليمن كان أوّل دولة عربية تقدّم وزراءها شهداء في سبيل فلسطين.
اليمن الذي قال فيه يعسوب الدين، قلعُ باب خيبر، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

«يا معشر همدان، أنتم درعي ورمحي».

فالسلام عليكم يا درع عليّ وهو يواجه مرحباً، والسلام عليكم يا سيوف الإيمان يوم عزّ النصير.

إنّ هذا الشعب العظيم يمتلك من القوة والعزيمة ما لا تملكه أمم، ويملك قبل ذلك وبعده ما هو أعظم: الإيمان الصادق، والتوكل على الله. ومن هنا فهو الأجدر بالثأر لدماء الشهداء الطاهرة، والأقدر على تلقين نتنياهو دروساً لن ينساها ما دام حيّاً. بل إني على يقين – وأنا أخاطب رجال الله في يمن العزة والشموخ – أنكم أنتم حماة المحور وسياجه المنيع.

لقد كان النتن يصف سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) بأنه «محور المحور»، وهو يدرك في قرارة نفسه أنّ اليمن هو قلب هذا المحور النابض، ورصانته وشجاعته وبسالته، وهو القبضة القادرة على قلع الكيان الصهيوني كما قلع أمير المؤمنين باب خيبر وأذلّ جبابرة اليهود من قبل.

فهنيئاً لكم أيها اليمنيون هذا العزّ وهذا الفخر، وهنيئاً لنا بكم، لأنكم منّا ونحن منكم. وفي العراق نؤمن أنّ عمقنا العربي هو اليمن، وأن عروبتنا امتداد من عروبة اليمن؛ فإن لم نكن #كلّنا_يمن، فإنّا – والعياذ بالله – كما وصفت مولاتنا الزهراء (عليها السلام) غدر الأمة بنبيها:

«كنتم تَشربون الطُّرُق، وتقتاتون القِدَّ، أذلّةً خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بأبي محمد (صلى الله عليه وآله)».

ويأبى الله لنا إلا أن نكون من الذين وصفهم رسوله الأعظم ﷺ:
«الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية».

* كاتب وباحث بالشأن العراقي والإقليمي
* المقال يعبر عن رأي الكاتب