الخطة الخمسية الأولى والرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية.. رزنامة الرئيسين الشهيدين
السياسية – خاص:
في عادة الشعوب والأمم عندما تفيق من مخاضات وتغيرات كبرى عاشتها ، أن تحدد لها رؤية ترسم لها طريق النهوض والبناء والتحديث ، وهذا ما حدث في الجمهورية اليمنية في كل منعطفات تاريخها الحديث، ابتداءً من الخطة الخمسية الاولى التي وضعها الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي عقب حركة تصحيح 13 يونيو، وانتهاءً بالرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والتي دشنها الرئيس الشهيد صالح الصماد تحت شعار “يد تحمي ويد تبني”.ولعل من أجمل المفارقات في (الخطة والرؤية) أن ظروف انطلاقهما متشابهة إلى حدٍ كبير؛ فكلاهما جاءا بعد فترة من التبعية والفوضى وتشظي وضعف الدولة، كما أنهما ايضا أكدا إصرار اليمانيون على المضي في مشاريعهم الاستقلالية والتنموية والنهضوية مهما كان الثمن غالياً. فالخطة الخمسية قدم الحمدي الرئيس حياته ثمناً لتنفيذها، ولم يبخل الصماد الرئيس بحياته وقدمها رخيصة لتنفيذ الرؤية الوطنية لبناء اليمن الحر الموحد، والقاتل على ما يبدوا واحد، ولكن حرص قيادة المجلس السياسي الاعلى على تنفيذ الرؤية وإخراجها الى النور جعلها واقعا ملموسا أكثر من خطة.
الجريدة السياسية تستعرض محطات من مراحل تنفيذ الخطة الخمسية الاولى، وكذلك محطات من مراحل الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة :
أولاً – بناء المواطن اليمني ومؤسسات الدولة :
يقول الرئيس الحمدي في خطاب متلفز حول ما تم تنفيذه من الخطة الخمسية :” إن هذا العصر هو عصر الحضارة والتقدم والازدهار، ولكن الدخول اليه لا يمكن ان يتم ارتجالاً ولا عفوياً لا بد من التخطيط العلمي والبرمجة القائمة على أساس من فهم ما نريد وخطتنا الخمسية قد جاءت بعد دراسات متكاملة وناضجة وساهمت في وضعها الخبرات العلمية التي استعنا بها…
هناك من يضع بعض التساؤلات حول هذه الخطة وأهمها انها أعطت جانب برامج الخدمات اكثر من الذي أعطته برامج التنمية، وهناك من يركز على جانب التمويل فالجانب الأول نقول ان جانب الخدمات لم يأخذ النصيب الأوفر وان معظم هذا الجانب هو خدمات الإنماء، التعليم مثلاً من الخدمات التي تقدمها الدولة للشعب لكنه مرتبط بالتنمية في الخطة الخمسية، فالمعاهد العليا مثلاً كمعاهد المعلمين والمعاهد الصحية والمعاهد الهندسية زراعية وميكانيك والمعاهد التجارية والفنية والمهنية والحرفية قد جاءت ضمن توجهنا وأعطتها خطتنا الخمسية اعظم الاهتمام، وهي اذا نحن أمعنا النظر وجدنا انها خدمات استهلاكية عادية وانما هي خدمات لبناء الفرد وإعداده ليكون داخل المجتمع كفاءة تسهم في التطور وصنع الرخاء واختصار الزمن لقهر التخلف وإدراك موكب التحضر الإنساني وقيم الحياة الحضارية.
وفي الرؤية الوطنية يقول الرئيس الشهيد صالح الصماد:” في ختام العام الثالث للعدوان وبداية العام الرابع للصمود نعلن عن إطلاق مشروع بناء الدولة، وإرساء مبدأ العمل المؤسسي، بالتوازي مع معركة التصدي للعدوان في مختلف الجبهات، مشروع تسنده الجبهات ويسند الجبهات عنوانه وشعاره (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، ونحن ننطلق في هذا المشروع نعرف أن الطريق طويلٌ ومحفوفٌ بالتحديات، وخاصة في ظل العدوان والحصار، وكنا بقدر التحدي في جبهات القتال وصمدنا وحطمنا احلام الغزاة والمحتلين فسنكون بإذن الله بمستوى التحدي على طريق بناء الدولة”.
ويؤكد الرئيس مهدي المشاط عزم وإصرار الدولة على المضي في تنفيذ الرؤية الوطنية قائلاً:”إن العمل وفق هذه الرؤية الوطنية بإرادة وعزم يضع اليمن على الطريق القويم نحو المستقبل المشرق وذلك كفيل بإيجاد موطئ قدم ثابت وراسخ لليمن في المنطقة والإقليم وبين الأمم، نعم هذا هو مشروعنا للمستقبل نقدمه ونحن ندرك جيداً كل العوامل المحيطة بواقعنا والتحديات التي يأتي في مقدمتها العدوان والحصار بكل أنواعه وأثاره، فلتتكاتف الجهود المخلصة لهذا الوطن للبدء في التأسيس الصحيح لبناء الدولة اليمنية الحديثة وعلى بركة الله ندشن معاً أولى لبنات هذا الاساس ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”.
وبناءً على توجيهات الرئيس المشاط انطلقت كل وزارت ومؤسسات الدولة في تنفيذ محاور الرؤية الوطنية (12) وهي: محور المصالحة الوطنية والحل السياسي، محور منظومة إدارة الحكم، محور البناء الاجتماعي، محور الاقتصاد، محور التنمية الإدارية والبناء المؤسسي، محور الأمن والعدالة، محور الابتكار والمعرفة والبحث العلمي، محور البنية التحتية وخدماتها، محور الأمن القومي والسياسة الخارجية، محور البيئة والتنمية العمرانية، وهذه المراحل سيتم تنفيذها على مدى 12 عاما من 2019 – 2030 وفق مراحل معينة.
ثانياً- اليمن الحر الموحد:
اهتمت الخطة الخمسية الاولى بأن يكون اليمن موحداً وحراً وهذا ما أكده الرئيس ابراهيم الحمدي في خطابه السابق الذكر حيث قال: هناك موضوع كلنا نوليه اهمية قصوى ذلك هو موضوع اعادة الوحدة اليمنية كمطلب شعبي لأبناء الشطرين، وكهدف أساسي من أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من اكتوبر فماذا عملناه من جانبنا وماذا عمله اخوتنا هناك من جانبهم خلال هذا العام فقط…
من جانبنا أيها الاخوة سعينا الى ابعد مما كنا نتصور، التقيت بالأخ الرئيس سالم ربيّع علي رئيس مجلس الرئاسة في فبراير(شباط) في مدينة قعطبة، ووجدنا انه من الأفضل ان نتبع الطرق الواضحة والسهلة وصولاً الى ما نريده لوطننا من عودة الى اصله والى حقيقته التاريخية وذلك بتوحيد بعض المنهج الدراسي بالنسبة لقطاع الطلبة والطالبات والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، وقد خطونا في ما يتعلق بالمنهج الدراسي خطوة لها أهمية كبرى، فقد تشكلت لجنة مشتركة فالفت كتاب التاريخ اليمني للمدارس اليمنية في الشطرين وهاهو تحت الطبع وسيدرس من هذا العام الدراسي، ولقد وصل الأخ الرئيس سالم ربيّع علي الى صنعاء أخيرا حيث التقينا والتقى بالاخوة جميعاً وأكدنا على ان يظل هذا هو مسلكنا حتى نخلق الجو الملائم للدخول في القضية ونحقق النجاح الكامل للوحدة اليمنية إن شاء الله…
وفي الرؤية الوطنية قام الرئيس مهدي المشاط في 28 أغسطس 2019 بإصدار قرار تشكيل فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي للأزمة اليمنية، حيث حددت الرؤية الوطنية في محورها الأول “المصالحة الوطنية” للبدء بإجراء مصالحة سياسية بين المكونات السياسية والأحزاب في الداخل كمرحلة أولى وشرط أساسي للإنتقال إلى إجراء المصالحة مع القوى السياسية التي تعمل من الخارج.
وقد تم تحديد أربعة أهداف استراتيجية بهدف تهيئة الظروف المناسبة للحوار والمصالحة الوطنية الشاملة تضم جميع الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية التي ترغب في الحوار والمصالحة، بناء على توفير المتطلبات اللازمة لإجراء الحوار كما يتم في تلك المرحلة استنهاض القيم الوطنية والإخوة الإنسانية والإسلامية لدى المجتمع والأطراف السياسية ودفعهم للتوجه نحو السلام.
أما المصالحة الوطنية على مستوى الداخل فذلك لتهيئة أجواء ومناخات مناسبة يتم بعدها دعوة القوى والأطراف المتواجدة في الخارج للعودة والتصالح معهم وإيجاد حلول لأي مشاكل قد تعترضهم وضمان حريتهم وأمنهم وممارسة أنشطتهم في الداخل بما لا يتعارض مع المصالح الوطنية العليا.
بعد ذلك تأتي مرحلة استئناف العملية السياسية وتحقيق السلام العادل الذي يحفظ للشعب اليمني كرامته وسيادته واستقلاله ووحدته وحقه في الإختيار، ويرجع ذلك إلى القوى والمكونات السياسية التي سيتم التصالح معها وتعود لممارسة دورها السياسي بشكل طبيعي، ويرتكز ذلك على إنجاز رؤية وطنية شاملة للسلام والمصالحة وتكوين شبكات وطنية لدعم السلام العادل ودعم المفاوضات، وتفعيل دور الوفد الوطني في التعريف بمبادئ الحل السياسي على مستوى الخارج.
ثالثاً- الجيش القوي والأمن الدائم:
في هذا المحور يؤكد الرئيس الحمدي على أهم انجاز للخطة الخمسية في بناء الجيش والأمن؛ فيقول :”في ظل الثورة والنظام الجمهوري وفي إطار المبادئ الستة الخالدة توجهنا نحو إعادة بناء القوات المسلحة والأمن ووضعهما اداة في يد الشعب ممثلاً في السلطة الوطنية بعد ان كانت صورة للتمزيق وميداناً لسباق النفعية من مراكز القوى لكسب ولاء البعض منها وجعلها حراسة لمصالح ذاتية، ولم نبال من انزعاج وغضب أولئك الاخوة الذين تضرروا من الإجراءات التي اتخذتها القيادة لإعادة الجيش والأمن ملكاً للشعب وحماية لمكاسبه ونظامه ومبادئ ثورته.
ويضيف الرئيس الشهيد الحمدي بالقول: ان حركة الثالث عشر من يونيو التصحيحية قد وضعت القوات المسلحة والأمن في وضعها الطبيعي فهما اليوم ملك الشعب وأداة طيعة في يده لحماية أهداف ثورته وخدمة كل غرض له نحو التطور والازدهار، ونحن اليوم عندما ننظمها كما وكيفا لا نعمل ذلك إلا لتظلان في مسار حركة الثالث عشر من يونيو في إطار ثورتنا الظافرة حارستين للشعب ومكاسبه وسيادته واستقلاله وأداة في يد الشعب لصد الشرور وقمع كل من يخرج على الحق والعدل باغياً معتدياً وضرب من لا يرعوي عن الغي يسيء على أخواته المواطنين ويتحدى في بلادنا سلطان الله وهي الدولة…
ويردف القول: ان بناء القوات المسلحة والأمن كما وكيفاً لا يقتصر الغرض فيه على هذه المهام الداخلية بل يتجاوزها الى ما هو ابعد.. ولهذا فنحن سنظل نبني قواتنا المسلحة والأمن ونكتفي بهما لمواجهة اي خطر يهدد أمننا وسيادتنا واستقلالنا…
أما الرؤية الوطنية لبناء الدولة فقد حرصت على بناء جيش يمني قوي يدافع ويذود عن الوطن بكل ما أٌوتي من قوة، وتوفير أمن وسكينة واستقرار وحفاظ على حياة وممتلكات كل مواطني الدولة اليمنية، وكانت الانجازات العسكرية التي حققها الجيش واللجان الشعبية شاهدة على ذلك، وقطعت المؤسسة العسكرية شوطاً مهماً في إعادة التنظيم والبناء وحققت نجاحات نوعية على صعيد الصناعات العسكرية المختلفة.
وهدفت الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة إلى بناء جيش وطني قوي مبني على أسس حديثة ومعايير وطنية، يكون ملكاً للشعب يحمي الوطن وسيادته واستقلاله، ومؤسسات أمنية حديثة تقدم خدمات أمن فعالة تصون الحقوق والحريات وتحمي المواطن وتوفر المناخ اللازم للاستقرار والتنمية.
وقد مرت الصناعة العسكرية اليمنية بعدة مراحل وصولاً إلى مرحلة الإنتاج والتطوير وبعد أن استكملت كافة المراحل.
وفيما يخص الامن أصدر الرئيس المشاط قرارا جمهوريا في 31 أغسطس 2019م قضاء بدمج جهاز الأمن القومي والجهاز المركزي للأمن السياسي في جهاز الأمن والمخابرات، رغبة في تطوير منظومة أمن قومي تحمي مصالح اليمن وتضمن سيادة واستقلال قراره، في ظل علاقات خارجية فعالة، تخدم المصالح العليا للوطن، وتقوم على مبادئ التكافؤ والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بشكل عام.