السياســـية: تقرير || صادق سريع*

"موقف اليمنيين المشرِّف مع غزة ليس غريباً على أهل اليمن الأبطال، اليمن هو أصل العروبة ومنبت الأصالة، هم أهل المروءة والنجدة، وهم من يغيثون الملهوف وينصرون المظلوم"، هكذا هو اليمن في نظر السياسي اللبناني خليل القاضي.

وقال: "ما قام به اليمن على مدار اثنين وعشرين شهراً من عمليات عسكرية بطولية، قد ألحقت بالكيان الصهيوني خسائر فادحة على جميع الأصعدة: الاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يعرفه الجميع وما يخفى عن العامة".

وأضاف: "ورغم كل المآسي والأزمات التي يمر بها الشعب اليمني العظيم، إلا أنه لن ينثني عن القيام بواجبه الأخوي، وقد هب كل اليمنيين بما أوتوا من قوة وعزيمة لمواجهة أعتى القوى الاستعمارية لتقديم الدعم والإسناد لإخوانهم في غزة".

وتابع، في حوار لموقع "عرب جورنال" حول دور جبهة الإسناد اليمنية مع غزة: "في البداية تساءل كثير من المراقبين والمحللين، عن ماذا سيدعم اليمن من موقعه البعيد عن ساحة الصراع، ولكن بعد تكشف الحقائق وأرقام الخسائر الاقتصادية، بعد إخراج اليمنيين ميناء أم الرشراش عن الخدمة، وسيخرجون بضرباتهم الدقيقة ميناء حيفا ويدخلون 'إسرائيل' في أزمة اقتصادية أكبر".

وزاد: "هذه المسألة أعادت طرح المفاهيم من جذورها، وأثبتت أن الضربات اليمنية الحالية هي ضربات إستراتيجية دقيقة، فأنت قد تطلق آلاف الصواريخ دون تحقيق النتيجة المرجوة، بينما يمكنك بصاروخ واحد أو مسيّرة واحدة تحقيق الهدف المنشود".

وأشار إلى أن القوات اليمنية ركزت، منذ بدء عملياتها العسكرية المساندة لغزة، على إخراج ميناء أم الرشراش عن الخدمة، والآن أصبح هدفهم التالي إخراج ميناء حيفا عن الخدمة.

وأكد: "هذا الأمر ليس صعباً على اليمنيين الذين أثبتوا جدارتهم وقدرتهم على تنفيذ مثل هذه العمليات بدقة واحترافية، لقد نفذوا ذلك في الفترة السابقة عبر قصف مراكز حيوية في هذه المناطق".

وأعلن اليمن في نوفمبر 2023، معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" لإسناد غزة ضد العدوان الصهيوني، وفرضت قواته المسلحة حصارًا بحريًا على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.

وتواصل قواته فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع استمرار الحصار البحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، وقد أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: روبيمار في 18 فبراير 2024، توتور في 12 يونيو 2024، ماجيك سيز في 8 يوليو 2025، إيترنيتي سي في 9 يوليو 2025.

وبحسب خبير الصراع الإسرائيلي - العربي القاضي، فقد نجحت الضربات اليمنية الدقيقة والموجعة للكيان في إخراج موانئه أم الرشراش وحيفا عن الخدمة، وشكلت ضربة إستراتيجية لاقتصاده، ودفعت الجميع لإعادة النظر مع موقف اليمن الضارب في صميم التوازنات الإقليمية والدولية، وأثبتت أن القوة هي لغة الحوار الوحيدة مع العدو.

الأمر المحسوم في عقيدته السياسية كباحث سياسي، من واقع الصراع، أن الولايات المتحدة، في ظل إدارة ترامب، وجدت نفسها غير قادرة على ردع اليمنيين، فسارعت إلى عقد اتفاق مع اليمن لحماية سفنها من الضربات اليمنية في البحر الأحمر.

والحقيقة الثابتة، من رؤيته لأحداث معركة الإسناد في البحر الأحمر، أن اليمن أجبر أمريكا على الرضوخ للتفاوض، وعلم الجميع أن الاحترام الدولي يُكتسب بالقدرة على فرض الأمر الواقع، لا بالاستجداء.

وعن موقف ما يسمى بـ"النظام العربي" الرسمي، قال: "أشبه بجثة هامدة منذ عقود طويلة، لا ننتظر منه شيئاً، فكل قممه لا تزيد عن كونها اجتماعات صورية تخرج بقرارات لا تساوي الحبر الذي كُتبت به".

وعن استمرار عدوان حرب الإبادة والتجويع بغزة، أضاف: "لا أملك إلا أن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ هذه الكلمات العظيمة تختزل ببلاغة موجعة حجم المأساة التي يعيشها إخواننا في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة المحاصر".

وأكد: "إن خيار المقاومة والصمود هو السبيل الوحيد لتحرير الأرض والعرض، وإن نزع سلاح المقاومة هو بمثابة نزع روح لبنان من جسده؛ لأن المقاومة تمثل روح لبنان وحياته.. فكيف نطلب من شعب يتعرَّض للقتل والتشريد يومياً أن يهادن عدوه؟!".

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية استهدفت في معركة إسناد غزة - بفضل الله وتأييده - بـ 430 عملية عسكرية، أكثر من 245 قِطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين الأحمر والعربي، والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة على أهداف في عمق "إسرائيل".