السياسية : تقرير || صادق سريع*
مع استمرار هجمات جبهة الإسناد اليمنية ضد عدوان الإبادة وحرب التجويع الصهيونية على سكان قطاع غزة، تتزايد مخاوف الجبهة الداخلية الإسرائيلية والمسؤولين الأمنيين والاقتصاديين في قطاعات الغاز والتقنية الرقمية، من ضربات صواريخ صنعاء.
هذه المخاوف المحتملة تؤكدها دراسة بحثية وأمنية واستخباراتية واقتصادية حديثة، لمعهد "دراسات الأمن القومي INSS"، الإسرائيلي وهو مركز بحثي في جامعة يافا المحتلة، يهتم بقضايا الأمن القومي والصراعات والشؤون الاستراتيجية، حول الأضرار والتداعيات الأمنية والاقتصادية والإستراتيجية جراء استمرار إطلاق العمليات العسكرية المساندة لغزة من اليمن على "إسرائيل".
دراسة المخاوف الأمنية القصوى في "إسرائيل"، هكذا تبدو في تعريفات أبعادها الجيو سياسية والإقتصادية، توقعت احتمالية تصعيد القوات المسلحة اليمنية عملياتها العسكرية، واستهداف قنوات الغاز وكابلات الاتصالات البحرية على ساحل البحر الأحمر، وهو ما أعتبره خبراء المعهد تهديدًا مباشرًا وإستراتيجيًا على البنية التحتية لقطاع الاتصالات والمنظومة الرقمية والاقتصادية "الإسرائيلية" عمومًا.
وأقرّوا أن هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر وإلى عمق الكيان، تُلحق أضراراً جسيمة كبيرة في البنى التحتية، ورفع تكاليف الشحن والتأمين البحري على السفن، ناهيك عن الضغوطات المستمرة والارتفاعات السعرية المتزايدة في أجور النقل البحرية والبرية.
وأكدوا تسببها في رفع فواتير التأمين على السفن المرتبطة بـ"إسرائيل" في البحر الأحمر بنسبة تزيد عن 300 بالمئة عام 2024، وضاعفت مدة إبحار الرحلات البحرية القادمة من موانئ آسيا إلى الكيان من 20 إلى 45 يومًا.
وأيضاً، هي وراء رفع أسعار السلع والبضائع بنسب كبيرة تزيد عن 50 بالمئة، وبالتالي انعكست تلك الزيادات بشكل مباشر على رفع الأسعار على المستهلكين، ما يشكّل أعباء إضافية كبيرة على قدراتهم الشرائية المنهكة.
من الإرباك إلى التهديد الإستراتيجي!
المؤكد وفق تقرير معهد الأمن القومي، فقد أدى الضغط الكبير للعمليات اليمنية إلى تغيير خطوط الشحن البحري، وازدحام طرق النقل البرية التي لم تكن معدّة لهكذا ازدحامات مفاجئة واختناقات واسعة في حركة السير، وارتفاعات سعرية إضافية في أجور التوصيل، وزيادة ساعات رحلات نقل السلع، ما أثّر سلبًا على المستهلك.
والخلاصة البحثية للدراسة الإستراتيجية لخبراء المعهد الصهيوني تقول: "إن هجمات الإسناد اليمنية لم تعد مجرد عمليات إرباك لحركة الملاحة البحرية العالمية، بل تحوّلت إلى تهديد إستراتيجي مباشر، أجبرت 'إسرائيل' على تصنيف منطقة البحر الأحمر كساحة صراع توازي ساحات المواجهات التقليدية في غزة ولبنان".
وأعلن اليمن في نوفمبر 2023، معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، لإسناد غزة ضد العدوان الصهيوني، وفرضت قواته المسلحة حصارًا بحريًا على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.
وتواصل القوات المسلحة فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع استمرار الحصار البحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، وقد أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: روبيمار في 18 فبراير 2024، توتور في 12 يونيو 2024، ماجيك سيز في 8 يوليو 2025، إيترنيتي سي في 9 يوليو 2025.
موجة تحذيرات عاجلة
وكان موقع "جي قبطان"، المختص في الأخبار والخدمات البحرية على مستوى العالم، قد أطلق تحذيرًا عاجلًا، الأربعاء الفائت، إلى مالكي شركات الشحن والسفن البحرية في العالم، لتفادي التحذيرات التصعيدية الأخيرة لصنعاء بتوسيع عمليات استهداف كل الشركات والسفن المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية.
وقال: "نحذر شركات النقل البحري بتوخّي أقصى درجات الحذر من تهديدات العمليات التصعيدية واسعة النطاق التي أعلنتها القوات اليمنية، الأسبوع الفائت، وقد أصبحت خطوط النقل البحرية مثل (هاباغ - لويد، وووان ويانغ مينغ، وسي إم إيه سي جي إم) في مرمى نيران صواريخ صنعاء".
وأضاف بلهجة شديدة: "إن أي شركة أو سفينة شحن لها ارتباط بموانئ 'إسرائيل' لن تتمكن من الهروب من ضربات الصواريخ والمسيّرات اليمنية".
وكانت القوات المسلحة اليمنية قد أعلنت في 27 يوليو الفائت، تصعيد العمليات الإسنادية لغزة بتنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحريّ على "إسرائيل"، ضد كافة الشركات والسفن بأي جنسية وفي أي مكان تطالها صواريخها، إذا كانت لها علاقة بموانئ الكيان.
..وتحول جذري في الصراع
وقالت كبيرة مستشاري "إي إي بحري"، وهي شركة عالمية مقرها في الدنمارك تقدم خدمات استشارية للسفن، دستين أوزيغور، للموقع: "إن إعلان القوات اليمنية يُمثل لحظة تحول جذري في صراع البحر الأحمر، بتهديد أي سفن تابعة لأي شركة لها صلة مع 'إسرائيل'، مما يُشكّل استهداف شبكة بحرية ضخمة".
وأضافت: "أشك في أن أيًا من الشركات والسفن البحرية التي لها علاقة بخطوط الإمداد مع 'إسرائيل' ستجرؤ على الإبحار من البحر الأحمر وتقدم نفسها ضحية وهدفًا حقيقيًا لهجمات اليمنيين".
خلاصة تقرير خبراء موقع "جي قبطان" تقرّ بتأثير تهديد العمليات العسكرية اليمنية في المرحلة الرابعة بشكل كبير ومباشر على أنشطة أغلب شركات وخدمات وسفن الشحن البحرية على امتداد خطوط الإمداد البحرية من آسيا إلى أوروبا.
وقد أعلنت شركة "ميرسك" الدنماركية، وهي إحدى شركات الشحن البحري الكبرى في العالم، نهاية الأسبوع الفائت، فرض رسوم طوارئ إضافية على كل حاوية تمر من البحر الأحمر، بعد التصعيد الأخير لصنعاء.
يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية استهدفت في معركة إسناد غزة - بفضل الله وتأييده - بـ430 عملية عسكرية، أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين الأحمر والعربي، والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة على أهداف في عمق "إسرائيل".