السياسية : تقرير || صادق سريع*

"البحرية اليمنية باتت تفرض حضوراً لا يمكن إنكاره في البحر الأحمر، بقدرات وتخطيط عسكري دقيق يُظهر تحولاً تكتيكياً أثار قلقاً حقيقياً داخل غرف عمليات التحالفات العسكرية البحرية لدول العدوان"، وفقاً لرئيس تحرير صحيفة "لويدز ليست" البحرية، الصحفي ريتشارد ميد.

وقال: "لا توجد قوة بحرية قادرة على مواجهة القدرات العسكرية اليمنية، حيث لم تكن عمليات إغراق سفينتَيْ "ماجيك سيز" و"إيتيرنيتي سي" بهجمات زوارق مسيّرة صغيرة بقدرات فائقة على إغراق أقوى السفن الأمنية، عملاً عابراً، بل بداية مرحلة جديدة في معركة البحر، مما يعكس تطوراً نوعياً في تكتيكاتها البحرية".

وأضاف: "شكّل ظهور طاقم سفينة إيتيرنيتي سي الـ11 فرداً على قيد الحياة في مقطع مرئي بثّه الإعلام الحربي التابع للجيش اليمني، حدثاً صادماً للصناعة البحرية، يُظهر أن صنعاء لا تكتفي بالرد العسكري، بل تمارس ضغطاً إعلامياً ذكياً ضمن إستراتيجية متكاملة، بتقنية الرسائل المرئية لتأكيد قدرتها على التحكم في مسرح العمليات وتوجيه رسائل للعالم مفادها أن البحر لم يعد مُتاحاً لمن يدعم 'إسرائيل' على حساب غزة".

وتابع بنبرة مهزومة من تغيّر قواعد الاشتباك البحرية: "إن القوات اليمنية تدرك تماماً هشاشة الوجود البحري الغربي وغياب أي قوة إنقاذ بحرية لإنقاذ طواقم السفن في عرض البحر الأحمر".

وحسب سردية ريتشارد ميد، فإن فرق حماية الأمن البحري الدولية تصف عمليات القوات اليمنية في البحر الأحمر بـ"الهجمات المسعورة"، ما يعد اعترافاً ضمنياً بتوسيع وتصعيد عملياتها البحرية، في واحدة من أصعب وأطول المواجهات البحرية التي عرفها العالم الحديث.

المحسوم برأيه كمسؤول أول للصحيفة البريطانية الأقدم في العالم والمتخصصة في نشر الأخبار والتحليلات وبيانات الشحن البحرية العالمية، أن العمليات البحرية اليمنية تُعيد تعريف ما يُعرف بالردع البحري في المعادلات العسكرية، وهذا ليس مجرد تغيير في الصياغة، بل اتساع بنك الأهداف ونوايا التصعيد السياسي والعسكري، وقد حذرت في بيانها العسكري الأخير، بأنها ستستهدف الشركات والسفن التي تتعامل مع موانئ "إسرائيل" بأي جنسية وإلى أي وجهة كانت.

والأكيد، في إقرار مقاله كمحلل صحفي وخبير بحري، هو أن التطورات البحرية تمثل بداية موجات الرسائل المرئية لبحّارة محتجزين، في ظل انعدام الردع الفعلي، وانسحاب بحريات وسفن الغرب من خطوط الاشتباك البحرية، ما يجعل البحر الأحمر ساحة مفتوحة لمعادلة جديدة تُديرها بحرية صنعاء بثقة وحسابات دقيقة، وسط العجز الدولي المتزايد عن احتواء الأزمة أو فرض قوة ردع حقيقية.

وكانت المجلة قد اعتبرت في تقرير الثلاثاء الفائت، إعلان اليمن تنفيذ المرحلة الرابعة بمثابة تهديد لبدء مرحلة رعب جديدة تستهدف المنظومة الاقتصادية وملاحة الموانئ "الإسرائيلية" وكل الشركات والسفن المرتبطة بها، في أي بحر تطاله أسلحتها.

وأعلنت القوات المسلحة اليمنية في 27 يوليو 2025، تصعيد العمليات البحرية العسكرية الإسنادية لغزة، ببدء تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحري على "إسرائيل"، باستهداف الشركات والسفن ذات العلاقة مع موانئها في أي مكان تطالها أسلحتها.

وتواصل إسناد غزة، بفرض حظر جوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، وحصار بحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، مما تسبب في إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: روبيمار في 18 فبراير 2024، وتوتور في 12 يونيو 2024، ثم ماجيك سيز في 8 يوليو 2025، والأخيرة إيترنيتي سي في 9 يوليو 2025.

قوة صنعاء تُربك حسابات الغرب

في الصلة ذاتها، أقرت صحيفة "ذا صن" أن القدرات العسكرية المتطورة للقوات المسلحة اليمنية أربكت حسابات صُنّاع القرار في أمريكا و"إسرائيل" ودول أوروبا، وأسهمت في إعادة رسم موازين القوة الإقليمية في المنطقة.

وقالت: "إن هذه القدرات تشكل مصدر قلق حقيقي لـ'إسرائيل' والولايات المتحدة، حيث أثرت العمليات البحرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية بالحظر البحري ضد ملاحة السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها في بحار الأحمر والعربي وباب المندب والمحيط الهندي، إسناداً لغزة".

وأضافت: "لقد فشلت الحملات العدوانية الأمريكية و'الإسرائيلية' والأوروبية، في كسر إرادة اليمنيين، الذين نجحوا في فرض معادلات الردع في البحر الأحمر، رغم كل المحاولات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتدخلات السياسية".

وشنّت الولايات المتحدة وبريطانيا و"إسرائيل" ودول أوروبية، عدوانًا جوياً وبحرياً على اليمن في 12 يناير 2024، بهدف تأمين حركة ملاحة السفن "الإسرائيلية" في البحر الأحمر، بأكثر من 950 غارة وقصفًا جويًّا، خلّف 250 شهيدًا و714 جريحًا من المدنيين.

وفي 15 مارس 2025، استأنفت عدواناً جوياً آخر على اليمن باسم عملية "الفارس الخشن" بأكثر من 1,500 غارة جوية استمر 53 يومًا، أدى إلى استشهاد 280 مدنيًّا، وإصابة أكثر من 650 آخرين.

خلاصة "ذا صن" البريطانية، التي تُعد أول صحيفة يومية توزع في بريطانيا وأيرلندا، والثانية في العالم بالنسخة الإنجليزية، تؤكد: "أن معركة البحر الأحمر أصبحت النموذج الواضح على صمود اليمنيين بوجه القوى الكبرى، رغم الحصار والعدوان العسكري الغربي والضغوطات الدولية المستمرة، التي تعبر عن حالة الإرباك والقلق من تنامي قوة صنعاء، التي تمكنت بقدراتها العسكرية من إعادة تشكيل قواعد اشتباك جديدة، وإفشال المشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة".

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت بـ430 عملية، أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين: الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي.