السياسية : تقرير || صادق سريع*

"اليمن يبدأ مرحلة الرعب في البحر الأحمر"، هكذا عنونت مجلة "لويدز ليست" تقريرها بالبنط العريض، كرسالة تحذيرية للشركات البحرية العالمية؛ خوفاً من تصاعد الصراع البحري الدولي بعد إعلان اليمن "بدء المرحلة الرابعة لتصعيد الحصار البحري على "إسرائيل"، إسناداً لغزة.

المجلة البحرية البريطانية، اعتبرت إعلان قوات صنعاء بمثابة تهديد وتصعيد جديد، وبداية مرحلة رعب جديدة تستهدف منظومة اقتصاد وأمن ملاحة الموانئ "الإسرائيلية" وكافة الشركات والسفن التي تتعامل معها، ليس فقط في البحر الأحمر، بل في أي بحر تطاله أسلحتها.

وأعلنت القوات المسلحة اليمنية في الـ27 من يوليو الجاري، تصعيد العمليات البحرية العسكرية الإسنادية لغزة، ببدء تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحريّ على "إسرائيل"، وتستهدف كافة الشركات والسفن ذات العلاقة بموانئها بأي جنسية، وفي أي منطقة تطالها أيادي القوات اليمنية.

وحذّرت كافة شركات الشحن البحري والسفن من التعامل مع موانئ "إسرائيل" في الأراضي المحتلة، وأكدت أنها ستستهدف أي سفينة لأي شركة تنتهك ما جاء في بيانها العسكري من لحظة إعلانه، بغض النظر عن وجهتها ومكانها.

الخبير البحري مارتن كيلي، وهو يشغل منصب رئيس قسم الاستشارات في شركة "EOS Risk"، هي شركة عالمية متخصصة في إدارة المخاطر الأمنية للشركات وإدارة الأزمات، أكد جدية تحذير القوات اليمنية في تطبيق قرارها فعليًا، مستشهدًا بعملية إغراق سفينة "ماجيك سيز" في البحر الأحمر كدليل على جدية تحذير صنعاء.

وإذ دعا المحلل البحري بشركة "ريسك إنتليجنس" العالمية والمتخصصة في تقديم حلول استخبارات المخاطر، ديرك سيبيلز، مالكي سفن الشحن إلى التعامل بجدية بالغة مع تهديد اليمن، قال: "تجاهل التهديد قد يسبب خسائر جسيمة، وعلى مالكي شركات الشحن والسفن البحرية أخذ العبرة بما حصل للسفينتين 'ماجيك سيز' و'إنفينيتي سي'."

وتواصل قوات صنعاء معركة إسناد غزة، بفرض حظر جوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا "إسرائيل" في الأراضي المحتلة، وحصار بحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، مما تسبب في إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.

بدء مرحلة العزلة القاسية

في السياق، اعتبرت صحيفة "إسرائيل نيوز" الإعلان الأخير لصنعاء تهديداً غير مسبوق النطاق، يثير قلق الكيان بشكل خاص لتأثيره المباشر على قطاعات الملاحة والسياحة البحرية وكل السفن التي تتعامل مع موانئه.

وأكدت، عن مصادر في القطاع البحري، أن عمليات التأمين على السفن باتت مستحيلة، بعد أن أصبحت الشركات الدولية تتجاهل "إسرائيل" كما لو أنها غير موجودة على الخريطة، ما يسبب سلسلة اضطرابات تهدد خطوط الإنتاج والإمداد وسلاسل التوريد، وترفع أسعار السلع والبضائع، في ظل العجز المتنامي في عمليات الاستيراد والتصدير.

التحذير الذي أطلقته "إسرائيل نيوز" هو: أن الاقتصاد الإسرائيلي يتعرض لضربة هي الأقسى منذ عقود، وأن التهديد اليمني الأخير قد يشكّل بداية انهيار حركة الملاحة والتجارة البحرية المرتبطة بالموانئ "الإسرائيلية".

وماذا أيضاً؟ إن "إسرائيل" مقبلة على مرحلة عزلة دولية قاسية تفوق قدرات حماية أمريكا ودول الغرب، في ظل فشل احتواء القدرات البحرية اليمنية المتنامية.

ووصفت إعلان اليمن بـ"التصعيد الإستراتيجي غير المسبوق" في معركة الإسناد المفتوحة لغزة ضد "إسرائيل"، وقد توعدا اليمنيين بإغراق أي سفينة ترسو في الموانئ الإسرائيلية أو تتعامل معها.

وأشارت إلى أن تهديد صنعاء يأتي بعد سلسلة استهدافات نوعية ضد سفينتي "ماجيك سيز" و"إيترنيتي سي"، اللتين أغرقت قوات بحرية صنعاء إحداهما في البحر الأحمر.

الخلاصة، وفق رؤية الصحيفة العبرية، إن إعلان القوات اليمنية يعد قرارًا جذريًا يصعد قواعد الاشتباك البحري، ويحوّل قوة صنعاء إلى لاعب بحري يزلزل معادلة الأمن البحري العالمية.

وأعلنت صنعاء نهاية 2023 فتح معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" إسنادًا لغزة، وفرضت قواتها المسلحة حصارًا بحريًا على سفن "إسرائيل" والمملوكة لها والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.

تهديد يهز موانئ "إسرائيل"

في الشأن ذاته، قال موقع "آيس" الاقتصادي العِبري: "إن قرار القوات اليمنية بإعلان البدء بتنفيذ المرحلة الرابعة يعد تهديدًا تصعيديًا جديدًا يمكن أن يهز موانئ 'إسرائيل'".

وأضاف: "لقد تسبب اليمنيون في إغلاق ميناء أم الرشراش، والآن يحاولون فرض حصار بحري على الشركات البحرية الدولية عن العمل مع بقية الموانئ الإسرائيلية".

واعتبر موقع "بورت تو بورت" العِبري المتخصص في الملاحة البحرية أن التصعيد الجديد لصنعاء هدفه الضغط على "إسرائيل" لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، عبر شل حركة الملاحة التجارية في الموانئ الإسرائيلية مثل حيفا وأشدود المحتلين، على غرار ميناء أم الرشراش الذي أُغلق رسميًا بهجمات الصواريخ والمسيرات اليمنية.

.. و "رسالة لا لبس فيها"

وهكذا وصف محللون عسكريون أمريكيون لموقع معهد البحرية الأمريكي، إعلان قوات صنعاء قرار المرحلة الرابعة من التصعيد البحري العسكري بـ"التصعيد الأخطر" منذ بدء الهجمات اليمنية في نوفمبر 2023.

واعتبروه "رسالة قوة لا لبس فيها"، جاءت بعد عمليات إغراق القوات اليمنية سفينتي "ماجيك سيز" و"إيترنيتي سي"، ما يعد مؤشرًا عمليًا على التحول النوعي في الأداء العسكري والعملياتي للبحرية اليمنية.

وأكدوا أن غياب الوجود العسكري المباشر للقوات والقطع البحرية الأمريكية في البحر الأحمر يعكس تراجع قدرات قوة الردع البحري لواشنطن.

الرسالة التحذيرية المقلقة، في تقرير خبراء موقع الجيش الأمريكي للغرب و"إسرائيل"، هي: "أن الهجمات اليمنية لم تعد مجرد إرباك لحركة الشحن، بل تحوّلت إلى نموذج تدريبي متقدم يرفع من كفاءة الحرب البحرية اليمنية في ميدان فعلي، ويختبر حدود رد الفعل الدولي".

والخبر اليقين، وفق رؤيتهم العسكرية، هو: "أن البحرية اليمنية باتت اليوم تمتلك زمام المبادرة في البحر الأحمر، في ظل غياب فاعل للأسطول البحري الأمريكي، وتراجع قدرات الردع الغربي، وأن صنعاء تُعيد رسم خرائط الملاحة والسيادة من بوابة غزة، فيما يقف العالم مشلولًا أمام هذا التحول الجيوسياسي الذي بات يفرض نفسه على الممرات البحرية الدولية".

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت بـ430 عملية أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين: الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي.