اليمن يُشعل جحيم المرحلة الرابعة على "إسرائيل"
السياسية : تقرير || صادق سريع*
تستمر القوات المسلحة اليمنية فرض المعادلات العسكرية بمعادلة ردع بحرية جديدة أمام قوى العدوان الصهيو - أمريكي ووكلائه في المنطقة، في أحدث بيان إسناد عسكري عملياتي تصعيدي أعلنته مساء أحد 27 يوليو الجاري، بعنوان "بدء المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو الإسرائيلي"، ضمن معركة الإسناد المستمرة لكسر حصار التجويع القاتل ووقف حرب التدمير والإبادة التي تُرتكب في غزة.
هذا البيان اليمني الأخير صيغت مفرداته من المبادئ الإنسانية والأخلاقية والإصالة اليمنية والنخوة العربية والشرف العسكري، وهو ليس الأول ولن يكون البيان الأخير، في قراءة أبعاده السياسية وتحليل رسائله العسكرية.
ورُسمت خطته التكتيكية وأهدافه اللوجستية والإستراتيجية بعناية، وصيغت كلماته التضامنية وعباراته الإسنادية بلغة عسكرية مقصدها هدف إنساني بحت، للضغط على العدو الإسرائيلي بضرب منظومته الاقتصادية وشل ملاحته البحرية مع استهداف كل شركات وسفن الشحن التي تتعامل مع مؤانئه بدون إستثناء، وبأي بحار تطالها مديات صواريخ ومسيّرات صنعاء.
بدأت سردية البيان العسكري التاريخي، بعد "بسم الله الرحمن الرحيم"، بآية النصر من القرآن الكريم، وأستهلت الوضع المأساوي وآخر المستجدات الكارثية التي يعيشها الغزّيون في القطاع المحاصر والمجوّع جراء استمرار آلة الحرب والتجويع الصهيونية، والخذلان العربي والإسلامي والعالمي المقيت.
ثم قال: "إن اليمن، وأمام استمرارِ هذه المجازر المروّعة والوحشية وغير المسبوقة في تاريخنا المعاصر، يجدُ نفسه أمام مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية تجاه المظلومين الذين يتعرضون وبشكل يومي وعلى مدار الساعة للقتل والتدمير بالقصف الجويّ والبريّ والبحريّ، وبالتجويع والتعطيش جرّاء الحصار الخانق والشديد على غزة الصامدة الأبية، وهو ما لا يمكن أن يقبله أيّ إنسان، فكيف بالعرب والمسلمين؟".
وأضاف الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، بعد التوكل على الله والاعتماد عليه عزّ وجلّ في كل مرة يتلو بيانه العسكري: "قررت القوات المسلحة اليمنية تصعيد عملياتها العسكرية الإسنادية، والبدء في تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحريّ على العدو الإسرائيلي".
وتابع: "هذه المرحلة تشملُ استهداف كافة السفن التابعة لأيّ شركة تتعامل مع موانئ العدوِّ الإسرائيليّ بأيّ جنسية كانت، وفي أيِّ منطقة تطاله أيادي القوات المسلحة".
رسالة اليمن الإنسانية
وحذّر كافة شركات الشحن البحري تحذيراً مباشراً شديد اللهجة بوقف التعامل مع موانئ "إسرائيل" من لحظة إعلان هذا التحذير، كما حذر أيضاً السفن التي ستنتهك ما جاء في بيان القوات المسلحة بأنها ستُستهدف بغض النظر عن وجهتها ومكانها.
ودعا في بيانه العسكري كافة الدول إلى الضغط على "إسرائيل" لوقف عدوانها ورفع الحصار عن قطاع غزة، مؤكدًا أنه "لا يمكن لأي حر على هذه الأرض أن يقبل بما يجري".
الرسالة الإنسانية، التي أراد العميد سريع إيصالها من صنعاء إلى العالم عبر بيان مساء يوم الـ 27 من يوليو 2025، هي: "أن ما تقوم به القوات المسلحة اليمنية يعبّر عن التزامها الأخلاقي والإنساني تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني الشقيق، وأن كافة العمليات العسكرية ستتوقف فور وقف العدوان الصهيوني على غزة ورفع الحصار عنها".
وتواصل القوات المسلحة اليمنية واجبها المقدس في إسناد غزة، بفرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، والحصار البحري المستمر في البحر الأحمر على سفنها، مما تسبب في إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.
وأعلنت صنعاء نهاية 2023، فتح معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، إسنادًا لغزة، وفرضت قواتها المسلحة حصارًا بحريًا على سفن "إسرائيل" والمملوكة لها والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.
هكذا حوّل اليمنيين البحر الأحمر لساحة اختبار!
في الصِّلة ذاتها، أقرّ خبراء عسكريون بوكالات الاستخبارات والبحرية الأمريكية والبريطانية لصحيفة "ذا نيويورك صن" اللندنية، بتطور القدرات العسكرية اليمنية ونجاح اليمنيين في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة اختبار حديثة للمواجهات البحرية مع بحريات أمريكا والغرب، وهو ما يثير قلقاً متزايداً لدى واشنطن ويافا المحتلة.
وأكدوا فشل العدوان الأمريكي والبريطاني و'الإسرائيلي' في كبح قدرات قوات صنعاء، بل زادت هجماتها المستمرة والمتصاعدة أكثر جرأة وتعقيداً.
واعتبروا أن التطور اللافت في إستراتيجية الهجمات اليمنية يعكس تقدماً في القدرات العسكرية لليمن ويثير قلقاً كبيراً بمراكز القرار في أمريكا و"إسرائيل" وحلفائهم.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا و"إسرائيل" ودول أوروبية أخرى قد شنّت عدوانًا جوياً وبحرياً على اليمن في 12 يناير 2024، في سبيل تأمين ملاحة السفن "الإسرائيلية" في البحر الأحمر، بأكثر من 950 غارة وقصفًا جويًّا، خلّف 250 شهيدًا و714 جريحًا من المدنيين.
وفي 15 مارس 2025، شنّت عدوانًا جويًا آخر على اليمن باسم عملية "الفارس الخشن" بأكثر من 1,500 غارة جوية لمدة 53 يومًا، أدت إلى استشهاد 280 مدنيًّا، وإصابة أكثر من 650 آخرين.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن في ثلاثاء 6 مايو 2025، وقف عدوان بلاده على اليمن، في تأكيد لا يحتمل الشك على فشل أهداف عدوان إدارته (تدمير القوات المسلحة اليمنية ووقف هجماتها على سفن "إسرائيل" ودول العدوان في البحر الأحمر).
تصريح ترامب لم يكن مجرد إعلان وقف العدوان الجوي على المناطق الحرة بحكومة صنعاء، بل كان بمثابة إعلان الهزيمة من رئيس الولايات المتحدة إلى العالم ورسالة خاصة إلى "إسرائيل" عنوانها "فشلنا في اليمن"، ومفادها: "لا طاقة لنا بمواجهة اليمنيين ونعتذر بشدة لتركك وحيدة في مواجهة صواريخهم ومسيّراتهم".
المكسب الكبير لليمن
بدوره، أكد مركز صوفان الأمريكي فشل حملات العدوان الغربية والعقوبات الاقتصادية الأمريكية على اليمن، في وقف هجمات القوات اليمنية المساندة لغزة، في البحر الأحمر وعلى "إسرائيل".
وقال، وهو مركز بحثي أمني متخصص في التحليلات والحوار الإستراتيجي، في تحليل عسكري بعنوان "العقوبات والعدوان العسكري في وقف هجمات اليمنيين": "لا يزال اليمنيون صامدين على الرغم من حملات العدوان العسكري الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي وضغوطات العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها واشنطن على حكومة صنعاء".
وأضاف: "إن إغلاق اليمنيين لميناء أم الرشراش 'الإسرائيلي' يُعد مكسباً كبيراً لليمن، الذي يربط استمرار هجماته بإنهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة".
يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت بـ430 عملية أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين: الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي.

