أحمد يحيى الديلمي—–

ها هي أيام الشهر الكريم تتصرم وتجرجر أذيالها لتعلن نهاية شهر الصوم والناس يتساءلون بمرارة هل سنلاحظ نفس السيناريو الذي شاهدناه في البداية من الإرباك وعدم التوافق على تحديد اليوم الأخير من هذا الشهر ودخول عيد الفطر المبارك ، أقول هذا الكلام لأننا عشنا نفس الإرهاصات قبل دخول شهر رمضان ، حيث كان العلامة الحجة / شمس الدين شرف الدين مفتي الديار اليمنية قد تسأل بمرارة عن أسباب تنامي الاختلافات في رمضان وحاول في خطاب أخر جمعة في شعبان أن يوضح موقف الإسلام الصحيح من الأعمال التي تجعل الخلافات تتصاعد في المساجد مع دخول أول يوم من الشهر الكريم ، ولم يكتفي بحديث المنبر لكنه تحرك عملياً من موقع الإحساس بالمسئولية لمعالجة أهم نقطة تثير الخلاف وتتفاقم معها حالات الشك والارتياب كونها تتصل بزمن الإفطار والإمساك مع وجود اجتهادات حول تفسير الزمن الوارد في القرآن الكريم ، فأختار خمسة معنيين من أهل الثقة ارسلهم إلى عيبان لمعرفة لحظة دخول المغرب استناداً إلى العلامات الثابتة في الكتاب والسنة ، ثم أرسلهم إلى منطقة جحانة – خولان لتحديد زمن الإمساك ومن ثم اعتماد تقارير الفرقتين وإصدارها في شكل فتوى ملزمة وتكليف مؤذن الجامع الكبير للعمل بها وقيام وزارة الأوقاف والإرشاد بإبلاغ سدنة الجوامع الأخرى بالعاصمة مع مراعاة فارق الزمن في المحافظات الأخرى .

قبل الاسترسال في الحديث أجدها فرصة لبيان أسباب اللغط في تحديد دخول الشهر الكريم فالمفتي نفسه فوجئ بأن لجنة الأهلة في الحديدة تعاطت بشكل فردي وخالفت الآلية المتبعة في كل عام بإبلاغ مجلس القضاء وهيئة الإفتاء بما يترجح لديها والهيئة بدورها تتواصل مع جهات أخرى أو تتبع طرق أخرى للتأكد من سلامة المعلومة لصياغة البيان بما يترجح على أساس سليم ، إلا أن الهيئة وجدت نفسها أمام أمر واقع مما أضطر المفتي إلى إصدار بيان شخصي قدم فيه وجه النظر الرسمية وأعقبه بما ترجح لديه في شكل نصيحة لمن يبحث عن الدقة ويتحرى الحقيقة لذاتها ، هذه النقطة وجدها المتربصين الباحثين عن الثغرات فرصة للتشكيك وإثارة البلبلة وإلقاء التهم الجزافية بلا رحمة ودون مراعاة لأبسط قيم العقيدة تبعاً لما حذر منه فضيلة المفتي في نفس الخطاب السالف الذكر ، حيث قال أن البعض لديه نوايا مُبيتة لإشاعة الخلاف واستخدام كل أدوات القدح والتشكيك في نوايا ومقاصد الآخرين كأنه مبيت الخلاف منذ زمن أو أنه يترصد البلاد للآخرين لمجرد ذلك بشكل مسف لا علاقة له بالإسلام ولا للحرص على تحري الدقة ، وهذا ما شهدناه في موضوع صلاة التهجد فمع أنها نافلة غير سنة ولم يتأكد اتصالها بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ولا بأحد صحابته ، بل أنها بدعة تخالف نص قرآني عظيم كما جاء في قوله تعالى ” ومن الليل تهجد به نافلة لك ” كلمة لك يعني الحصر والقصر أي تخص كل إنسان بذاته لا أن يتم أدائها عبر مكبرات الصوت وتختلط فيها حالات الصدق مع أمواج الريا والنفاق باعتبارها فعل ذاتي يتصل بذات الإنسان وإرادته وحرصه على طاعه الله سبحانه وتعالى خالياً دون أن يراه أحد ، مع ذلك أعتبر البعض أن مجرد المطالبة بإغلاق مكبرات الصوت جريمة وضلوا يتلصصون للمراوحة بين الإغلاق والفتح ، مع أن ولي أمرهم القابع في الرياض قد اصدر توجيهات بإغلاق مكبرات الصوت في هذه الصلوات التراويح والتهجد ، أن أنه يبدو أن هؤلاء لا يهمهم التقرب إلى الله بقدر ما يهمهم الوفاء بالالتزام لمن يدفع لهم المال ، وهذه معضلة كبيرة ومسوءه في حقهم نأمل أن يتحاشوها في العام القادم إنشاء الله وأن يجعلوا من هذه الصلوات قربة لله سبحانه وتعالى ليس فيها أي رياء أو نفاق ، هل يتعظ مثل هؤلاء؟!! ويدركوا أنهم يخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وأنهم إنما ينالون من الله الخسران وسوء العاقبة لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب ، ولا يقبل مثل هذا الغث والسمين الذي يتوجه به صاحبه لرضاء الأشخاص عن طريق اتخاذ العبادة وسيلة لذلك وهذا أعظم خطأ يقترفوه في حق أنفسهم وفي حق الدين والله يحفظنا من الزلل ويحفظ العباد والبلاد من كيد الكائدين ومكر الماكرين ، وأن يأخذ المعتدين أخذ عزيز مقتدر إنه على ما يشاء قدير .. والله من وراء القصد ..