بقلم:  آخيم شتاينر*

٢٠١٩(صحيفة “فرانكفورترروندشاو” الألمانية – ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)

الوضع في اليمن كارثي، ويمكن أن يزداد سوءا. التصعيد الأخير في جنوب البلاد لا يبشر بالخير. كنت هناك مؤخرا. لقد وصلت الحياة الاقتصادية إلى طريق مسدود.

لقد تم تدمير الطرق والمدارس والمنازل والأراضي الزراعية. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف في السنوات الأربع منذ اندلاع الحرب. لقد أعاد الصراع الدامي البلاد ٢٠ عاماً إلى الوراء، وهو ما يعادل جيلاً بشرياً تقريباً.

تعتبر الأمم المتحدة في الوقت الحالي اليمن أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق. حيث أن 80 في المائة من السكان أو ما يزيد قليلاً عن 23 مليون شخص يعتمدون على المساعدة الخارجية. وبدون هذه المساعدة، سيتضورون جوعا حتى الموت أو يموتون من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بسبب نقص الأدوية. لقد أجتاح البلاد أكبر حالة تفشٍ لوباء الكوليرا التي كان بالإمكان يمكن احتواؤها. وهناك تهديد آخر بانتشاره ثانية. يمكن وصف الوضع في اليمن بكلمة واحدة وهو أنه وضع  “لا يطاق”.

الصراع في اليمن: اهتمام أقل من سوريا أو ليبيا

ومع ذلك، هناك أيضاً بوادر أمل. في صنعاء، في شمال البلاد، قابلت مديرة مدرسة ما تزال مدرستها مفتوحة لآلاف الأطفال، على الرغم من أن المعلمين لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور. وفي الجنوب، في عدن ، قابلت مهندسين يقومون بإصلاح نظام المياه والصرف الصحي لدرء خطر الأمراض المعدية.

ويمكنني سرد المزيد من القصص المشابه، فعلى الرغم من كل المعاناة، هناك رغبة كبيرة في تحدي الأزمة. لا يزال العديد من اليمنيين المتعلمين تعليما جيدا ماكثين في البلاد، على الرغم من أنهم يستطيعون البحث عن سبل العيش في أماكن أخرى. إنهم لا يريدون التخلي عن فكرة أن بلادهم يمكن أن تجد السلام وتلحق بركب التقدم مرة أخرى. إنهم بحاجة الى الدعم.

ولكن في الواقع ، يظل الصراع في اليمن يحتل المرتبة الثانية لدى الاهتمام الدولي أمام الاضطرابات الرئيسية الأخرى مثل سوريا وليبيا. وهذا ظلم كبير. لأنه في هذه الحرب بالوكالة، التي تشمل إيران والمملكة العربية السعودية وغيرها، نجد جميع المكونات التي تعتبر نموذجية لخلق الأزمات المعقدة والتي يمكن أن تتعدى حدود الدولة بسبب انهيار الدولة والانهيار الاقتصادي والجوع والأمراض المعدية، السكان النازحون داخليا واللاجئون وعودة الإرهابيين. ووجود دولة لم تعد تستحق مسمى دولة لن يستطيع المجتمع الدولي تحملها.

لا تنسوا اليمن:

من المهم للغاية ألا ننسى اليمن. وبعبارات ملموسة، هذا يعني ثلاثة أشياء: مواصلة المفاوضات بلا كلل تحت رعاية الأمم المتحدة، مهما كانت صعبة. واتفاق ستوكهولم في ديسمبر الماضي يعتبر بداية مهمة. في النهاية، تحتاج البلاد إلى سلام دائم ، يجب على جميع أطراف النزاع دعمه. ثانيا ، يجب أن تستمر المساعدة الإنسانية. سيكون من المميت خفض الالتزام بإمداد البلاد بالمواد الغذائية بسبب نقص الموارد المالية.

وثالثا، هناك حاجة إلى مناهج التنمية في قلب الأزمة. المساعدات الإنسانية الآن، التنمية في وقت لاحق – هذا المبدأ لا ينفع هنا. وبالإمكان دراسته وتطبيقه في العديد من الصراعات ولكن في اليمن هناك  احتياج إلى إغاثة ملموسة تتعدى المساعدات الفورية.

فهذا من شأنه أن يقوي القوى الإيجابية في المجتمع، والتي لا غنى عنها لوضع حد دائم للعنف. يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالفعل في هذا الاتجاه في مختلف المشاريع والبرامج في البلاد. وهي تتراوح بين إمدادات المياه والزراعة والتعليم وبناء الطرق. هذا ليس سهلاً في الغالب ، كما يوضحه لنا  مثال ميناء الحديدة.

إنه يشكل شريان حياة مهم للبلد، فجزء كبير من جميع الواردات وكذلك البضائع الإنسانية تأتي إلى البلاد عبر هذا الميناء. ومع ذلك، فقد تضررت بشدة من القتال. كنت هناك ورأيت السفن القليلة التي وصلت إلى الحديدة والتي توجب تفريغها يدويا. تحاول الأمم المتحدة حاليا جاهدة إصلاح الميناء. و في الوقت نفسه، لا تزال المدينة تتعرض للهجوم ، أي أن العمل يجري في منطقة محفوفة بالمخاطر.

لا ننتظر أي مدح لعملنا في هذه الظروف الصعبة. هذا عملنا. والأمر الأكثر أهمية هو أن يعترف المجتمع الدولي بالصراع على ما هو عليه: كارثة إنسانية من الدرجة الأولى ومصدر خطير للنيران في منطقة هشة بالفعل. والدفع باستمرار بثلاثية: التفاوض، المساعدة، التطوير.

____

*آخيم شتاينر هو مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 2017، ويشغل أيضاً منصب نائب رئيس مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي توحد 40 كياناً في منظومة الأمم المتحدة تعمل لدعم التنمية المستدامة.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.