أحمد يحيى الديلمي

عندما تتلوث العقول بالزيغ والظلال وينحرف الحاكم عن اصول منهج العقيدة ويستبيح الحرمات تصبح الامة بحاجة ماسة الى صعقة كهربائية قوية توقض الامة وتنبهها الى خطورة الاختلالات وضرورة التصدي لها قبل ان تستفحل في الواقع هذا هو الموقف الذي اقدم عليه الامام الحسين عليه السلام فأختار ثقافة التضحية وإيثار العقيدة والامة على النفس كيف لا وهو القائل :

 ان كان دين محمد لن يستقيم  *** الا بقتلى فيا سيوف خذيني

  فدل على اعظم معاني العطاء والبذل اذا كان القصد حماية العقيدة من الاختلالات ومنع الظلم والجور ومحاولات الميل بقيم ومبادئ ومرتكزات العقيدة الى هاوية الظلال والغي بحيث استطاع بصدق التضحية واخلاص الاصحاب تحقيق ما يلي :

  • ترسيخ قاعدة (انتصار الدم على السيف ) .
  • ايقاض الامه من السبات والغفلة .
  • قيادة اعظم واقدس ثورة في التاريخ الانساني .
  • الاسهام في تطوير نظرية الاسلام واقرار شرعية الخروج على الحاكم الظالم .
  • القيام بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والارتقاء بها الى مرتبة الوجوب .

تبعا للمضامين التي اسلفت تتضح اهمية احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين كأساس مكمل لهوية الدين وشروط الانتماء اليه .

مع ذلك فأن المأساة ببشاعتها احدثت شرخا عميقا في جدار القلوب وأصابت المشاعر في مقتل بفعل التناقض في تقييم ما حدث وسعي علماء وفقهاء كبار الى تجريد العملية من القيمة الانسانية السامية عبر تجاهل الاسس البعض للأسف اسقط واقعة كربلاء من قمة جبل السمو الراقي والاخلاقي الى ارض الواقع القاحل الذي يعيشه هو فسعى الى اثارة النقمة ضد الامام الحسين عليه السلام بمزعوم انه اخطأ بالخروج على امام عصره كما ثبت عن ابن تيمية ومن اقتفى اثره وسار على نهجه وثمة من تعاطى على نفس النهج باستحياء فأخذ موقفا وسط ولم يدرك معاني التضحية والفداء للحفاظ على مسار الدين فانتهى اتباع هذا الفريق الى موقف هزيل خالي من صادق الانتماء للدين ورددوا المقولة المشهورة (سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين ) .

كلمة سيدنا اعطت بعدا اخر جعلت الفريق الاخر يحتفي بالذكرى باسلوب المبالغة والتطرف اذ تتداعت في عقولهم قدسية المكان فأسالوا الدماء واذرفوا الدموع بينما وجد فريق اخر يحيي الذكرى بطقوس اخذ العبرة وتوظيف مشاعر الحزن للاتعاظ وإعلان الولاء للحسين والحب لآل البيت كأساس لاستقامة الدين كي يعود الاسلام الى جوهرة الحقيقي .

تبعا لما اسلفت فان الاصوات الناشز لتعارض احياء الذكرى الاليمة تعني الاساءة الى الرسول صل الله عليه وعلى اله وسلم والمطلوب تغيير هذه السلوكيات السيئة عبر بث الوعي ومحو الجهل الذي تشعب في النفوس نتيجة تغيير مناهج التعليم والحديث عن مأساة الحسين باستحياء

وما حدث من ابتزاز لمشاعر البسطاء ولقد ادت هذه الاساليب فعلها في ظل تراخي علماء الدفع المسبق الذين تواطؤا مع هذا التوجه بدعم مناصرة السنة وهو افتراء كاذب لان الحسين هو اساس السنة وهو الاطار المرجعي والوحيد للدين وعنوان الثورة المتفرد وعلى هذا الاساس يجب النظر الى الذكرى وصاحبها بنقاء وحب يجسد صدق الارتباط بالدين واقتفاء لدور الحسين السبط عليه السلام وهذا هو الموقف الذي يترجم ثقافة الانتماء الحقيقي للدين .

والله من وراء القصد ،،،