جرائم الحرب التي ارتكبها كلا الجانبين في اليمن ، حسب لجنة خبراء الأمم المتحدة
بقلم: نيك كومينغ بروس:—-
ترجمة: نجاة نور– سبأ:——-
قالت لجنة من الخبراء الدوليين ان جميع أطراف الحرب في اليمن يرتكبون انتهاكات مروعة من القتل التعسفي إلى الاغتصاب والتعذيب، مشيرة إلى أن إفلاتهم من العقاب يؤكد الفشل الجماعي للمجتمع الدولي.
وذكر الخبراء في تقرير لهم أنهم سيقدمونه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الأسبوع المقبل يقولون فيه أن السلطات السعودية التي تقود الغارات الجوية في اليمن والتي تسببت في خسائر فادحة في صفوف المدنيين وعمقت الأزمة الإنسانية الرهيبة في البلد قد تتحمل مسؤولية جنائية عن جرائم الحرب, كما أن السلطات الحوثية ربما تكون قد ارتكبت جرائم حرب من قصف للمناطق المدنية بشكل عشوائي، واستهدف المدنيين بالقناصة، ومارسوا حرب الحصار، وجندوا الأطفال للقتال, بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيران من المرجح أيضاً أنهم يكونوا متواطئين في الانتهاكات من خلال توفير الدعم الاستخباراتي واللوجستي، ومن خلال نقل الأسلحة التي غالباً ما توصف بأنها “غير قانونية” وأدت إلى إدامة الصراع.
قال كمال الجندوبي، رئيس لجنة الخبراء في بيان له أن على المجتمع الدولي التوقف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات والوضع الإنساني الذي لا يطاق في اليمن, كما حث البيان المجتمع الدولي على فتح تحقيق مستقل لمحاسبة المسؤولين.
قالت اللجنة إنها قدمت أسماء الاشخاص الذين حددتهم كمسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية إلى ميشيل باشيليت مسؤولة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وسيقرر مجلس حقوق الإنسان الذي تقوده، ما إذا كان سيواصل تنفيذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك إجراء تحقيقات إضافية.
تخوض المملكة العربية السعودية والإمارات في اليمن حرباً للإطاحة بالحركة الحوثية منذ العام 2015,، وهو فصيل يمني يسيطر على العاصمة، فهذه الحملة العسكرية تهدف إلى استعادة الحكومة اليمنية الهشة المعترف بها دولياً.
أسفرت هذه الحرب عن مقتل الآلاف من المدنيين، وخاصة في الغارات الجوية التي تقودها السعودية, كما دفعت بالبلد إلى حافة المجاعة.
عارضت السعودية قرار مجلس حقوق الإنسان بإنشاء لجنة تحقيق ورفضت التعاون معها, كما رفضته كلا من الإمارات التي انسحبت إلى حد كبير من الحرب في يوليو المنصرم، الحكومة اليمنية, ونتيجة لذلك، لم تتمكن اللجنة من زيارة اليمن أو الرياض واستندت في نتائجها على أكثر من 600 مقابلة مع الضحايا والشهود والمصادر الأخرى وكذلك الأدلة الوثائقية.
ويضيف التقرير إلى الضغوط التي واجهتها المملكة العربية السعودية في المجلس هذا العام بشأن مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، والمعاملة القاسية التي تتعامل بها الحكومة السعودية مع نشطاء حقوق الإنسان, حيث تأمل جماعات حقوق الإنسان أن يجدد المجلس ويعزز صلاحية لجنة الخبراء ويزودهم بمزيد من الموارد للحفاظ على الأدلة وتحديد مرتكبين الجرائم وهياكل القيادة.
أشار جون فيشر، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في جنيف إلى أن الضحايا يستحقون أن يعرفوا أن المجتمع الدولي يقف معهم, وأضاف أن الجناة بحاجة إلى تلقي رسالة قوية مفادها أن الذين يرتكبون جرائم خطيرة سيواجهون العدالة.
قال الخبراء إن الضربات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية على أهداف مدنية في عامي 2018 و 2019 فشلت في معالجة المخاوف بشأن تحديد أهدافها بدقة, وقد تؤدي إلى مسؤولية جنائية عن جرائم الحرب على جميع مستويات القيادة العسكرية.
وجاءت النتائج التي توصلت إليها اللجنة بعد يومين من قصف طائرات التحالف لسجن على بعد حوالي 60 ميلاً جنوبي العاصمة صنعاء، والتي أكد الصليب الأحمر الدولي إن تلك الغارات قد تسببت في مقتل وجرح نحو 170 سجيناً.
وقال التقرير المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة الناجمة عن الفشل المستمر في تصحيح الأخطاء اثناء عملية الاستهداف ستقع على عاتق أعلى مستويات القيادة العسكرية، وأيضا المسؤولون المدنيون.
كما تضمن التقرير أيضاً قائمة سرية بأسماء المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، لكن أعضاء اللجنة رفضوا تقديم أي معلومات حول هوية أو عدد الأشخاص الموجودين فيه.
قال تشارلز جارواي ، الخبير القانون في النزاعات المسلحة وأحد أعضاء اللجنة للصحفيين: “لا توجد أيدي نظيفة في هذا الصراع, فالجميع مسؤول.
رصدت الأمم المتحدة ما يقرب من 20.000 ضحية من المدنيين في اليمن، في الفترة ما بين مارس 2015 ويونيو 2019, بما في ذلك أكثر من 7290 حالة وفاة، لكن اللجنة أكدت أن لا أحد يعرف المدى الحقيقي للخسائر وقال أن هذه الأرقام هي على الأرجح أقل من إجمالي الخسائر في الواقع.
إن الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف أدت إل تدمير وإتلاف الأراضي الزراعية، ومرافق المياه، والبنية التحتية والموانئ والمرافق الطبية، مما زاد من عمق الازمة باعتبارها أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب الأمم المتحدة.
وذكر التقرير إن قوات الحوثيين زرعت الألغام في الأراضي الزراعية واستخدمت المستشفيات للأغراض العسكرية واستهدفت المدنيين عمدا بالقناصة.
أدى الحصار البحري الذي فرضه التحالف على اليمن وإغلاق مطار صنعاء إلى الحد بشكل كبير من واردات وإيصال المساعدات الإنسانية إلى 24 مليون شخصاً يعتمدون عليها اعتمادا كلياً للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الملايين الذين يتأرجحون على شفا المجاعة.
كما قام الحوثيين بعرقلة وتحويل عمليات ايصال المساعدات الإنسانية وطبقوا أساليب شبيهة بالحصار حول مدينتي تعز وحجة.
قالت اللجنة أن الموظفين الإماراتيين والقوات اليمنية الموالية لهم قاموا بتعذيب السجناء واغتصابهم واستخدموا العنف الجنسي بانتظام لإجبارهم على الاعتراف أو إذلال السجناء أو تجنيدهم بالقوة، كما قامت القوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية بقصف الأهداف المدنية بشكل عشوائي واللجوء إلى العنف الجنسي.
السلطات الحوثية واللجان الشعبية التابعة لها كانت المسؤولة عن حالات الاختفاء القسري، واستشهد التقرير بشهادات المعتقلين السابقين الذين قالوا إن من اختطفهم هم الحوثيين وقاموا بتعذيبهم واغتصابهم ومارسوا أشكالاً أخرى من العنف الجنسي على السجناء, بينما جثث السجناء الذين لقوا حتفهم في السجن حملت اثار تعذيب، حسبما أفاد الخبراء.
وقالت اللجنة أن قوات الحوثيين جندت أيضاً أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، كما أرسلت أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 14 و 16 عاماً لجبهات القتال.
أن القوات المدعومة من الإمارات أيضاً جندت أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً وأن العديد منهم قُتلوا في المعارك التي خاضها التحالف لمحاولة السيطرة على ميناء الحديدة.
أن الأحزاب المتحاربة تنتقد بشكل متزايد النقاد والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني, ومن جانبها, قالت ميليسا بارك، العضو في اللجنة: أي شخص يتحدث باسم الشعب مستهدف من قبل جميع أطراف النزاع.
رضية المتوكل، رئيسة منظمة يمنية لحقوق الإنسان، قالت في بيان أن المدنيين حوصروا بين الحوثيين والسعوديين والأحزاب الأخرى لفترة طويلة, وإذا كانت هذه الانتهاكات ستنتهي بشكل نهائي، فيجب التحقيق في الانتهاكات التي حدثت، ومحاسبة مرتكبيها، ومنح الضحايا العدالة والتعويض.
(صحيفة ” نيويورك تايمز ” الامريكية)