السياسية || محمد محسن الجوهري*

لا يمكن أن تنصر الحق وأنت تخشى من الموت، بل إن الخوف من الموت مؤشر على العقائد الباطلة، وقد ربط الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بين "حب الموت" والولاية لله وضمان دخول الجنة.
{إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} الجمعة (6)
{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (94)
ولأن اليهود أكثر الناس بعداً عن الحق، فهم أكثر الناس عشقاً للحياة، وكذلك الحال لكل الفرق الباطلة في هذا العالم، ويزداد خوفها من الموت كلما ابتعدت عن الحق، وهذا هو حال مرتزقة اليمن، الذين باعوا أنفسهم بالمال الخليجي، واليوم يعملون على خدمة الصهيونية العالمية بالمجان، أو بأجور زهيدة، وهذه كارثة كبرى سببها الأول حب الدنيا الذي قادهم إلى العبث مع دعاة الموت من المجاهدين من أنصار الله، ممن أثبتوا على مدى عقدين ونيّف أن الجهاد والموت بالنسبة لهم نزهة لا أكثر.

وهذه الشجاعة مؤشر قوي على صحة العقيدة التي يؤمنون بها، والمستمدة من كتاب الله الكريم، وتحت قيادة أعلام الهدى من آل بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

وأمام أمة كهذه، ليس من مصلحة اليهود وأذنابهم الدخول في حرب مباشرة، ويكفي أن يرتبط اسم أنصار الله بصراعٍ ما مع أي طرف آخر، حتى يكون ذلك طالع شؤم على عدوهم، واقتراباً لا إرادياً من الموت الذي فروا منه في مواطن كثيرة من قبل.

ونتذكر هنا نظام عفاش، كيف تلاشى وانهار بسبب عشقه للحياة والمصالح، وحتى في فتنة ديسمبر 2017، فشلت كل مؤامراته وجحافله أمام ثلة من المؤمنين، والسبب نظرة كل طرفٍ منهما إلى الموت وطريقة تعامله معه، فكيف سيقوى من يعشق الحياة على مواجهة من يقهر الموت.

"عشاق الحياة" قد يمتلكون القوة، والعدة، والعدد، بل وقد يملكون أحدث ما وصل إليه العلم من تقنيات الحرب وأسلحة الدمار، لكنهم يتراجعون في اللحظة الحاسمة، لا لأنهم عاجزون، بل لأن حبهم للحياة يقيّدهم، ويمنعهم من أن يخطوا الخطوة الأخيرة في أرض المعركة. فهم في قرارة أنفسهم لا يريدون أن يموتوا من أجل قضية لا يؤمنون بها، أو من أجل مال لا يستحق الموت، أو سلطة لا تدوم. ولهذا، فإنهم يقاتلون بخوف، ويتحصنون بشك، ويتراجعون عند أول ارتباك، لأنهم دائماً يبحثون عن طريق للنجاة، لا عن طريق للنصر.

وعلى واشنطن، ومن يلوذ بها من أدوات ومرتزقة في المنطقة، أن يعوا حقيقة ثابتة لا تتغير مهما تزيّنت الأوهام أو تكرر الغرور: أنكم تخوضون معركة ليست متكافئة من حيث العقيدة، فأنتم تمضون إليها وأنتم تحملون معكم خوفكم من الموت، أما أنصار الله، فيمضون إليها وكأنهم ذاهبون إلى موعد حياة.

فمن الخطأ الكبير أن تظنوا أن التفوق الجوي أو الأموال أو المرتزقة تصنع نصرًا حقيقيًا أمام رجالٍ قد باعوا أرواحهم لله، ورأوا في الشهادة عرسًا لا مأتما. أنتم، بمن فيكم جنرالاتكم وخبراؤكم، تحسبون لكل خطوة ألف حساب، لأن الموت في نظركم نهاية، بينما هو عند خصومكم بداية. وهذه معادلة لا يمكنكم كسرها مهما امتلكتم من ترسانات.


*المقال يعبر عن رأي الكاتب