تطور مميت في الحرب الأهلية الكارثية في اليمن
بقلم: أندرو إنجلترا
(صحيفة “فايننشال تايمز” الامريكية- ترجمة: انيسة معيض-سبأ)
لقد جددت الاشتباكات الأخيرة الدعوات من اجل تظافر الجهود الدولية لإنهاء الفظائع.
لقد كان لاندلاع حرب في خضم حرب هو آخر ما يحتاجه اليمن’ فقد كانت البلد موطناً بالفعل لما تصفه الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم، وهي نتيجة لأربعة أعوام من الحرب بين التحالف الذي تقوده السعودية والمتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران, لكن منذ أن سيطر الانفصاليون الجنوبيون على عدن الشهر الماضي.
أن ما يحدث من صراع حالي فيما بين الفصائل اليمنية في التحالف الذي تقوده السعودية وهو الامر الذي يعوق جهود الأمم المتحدة للتوسط في إنهاء الحرب التي أودت بحياة أكثر من 10 آلاف شخص ودفعت بعشرة ملايين شخص إلى حافة المجاعة.
تم طرد الحكومة اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية من مقرها في عدن من قبل الانفصاليين بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم تسليح مقاتليه وتدريبهم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك الرئيسي للرياض في التحالف وأقرب حليف عربي.
في الأسبوع الماضي، تطورت الأزمة ودخلت مستوى جديد وذلك عندما اتهمت الحكومة اليمنية الإمارات بشن غارات جوية ضد قواتها مما أسفر عن مقتل العشرات.
ومن جانبها, قالت الدولة الخليجية إنها كانت تستهدف “الميليشيات الإرهابية” ولكن الهجمات تهدف على ما يبدو إلى الحيلولة دون تقدم القوات الحكومية نحو الانفصاليين.
هذا هو أحدث تطور كارثي في حرب أهلية التي اندلعت بعد أن استولى المتمردون الحوثيون على صنعاء العاصمة، ثم الدفع بالرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المنفى.
إن الجنوب معرض لخطر الانهيار التام والتحالف يظهر عليه التصدع بشكل متزايد, وتختبر العلاقات بين الإمارات والسعودية.
تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس 2015, لدعم حكومة الرئيس هادي التي انتقلت إلى عدن, وتحول هذا الصراع إلى حرب بالوكالة، حيث تتهم الرياض وأبو ظبي إيران بدعم الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن المكتظ بالسكان, لكن الصراع وصل إلى طريق مسدود.
بدأت التصدعات تظهر في التحالف عندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة في يوليو سحب قواتها، مستشهدة باتفاقية وقف إطلاق النار الهشة التي تدعمها الأمم المتحدة في الحديدة وهي مدينة حيوية على البحر الأحمر يسيطر عليها الحوثيون.
كانت الدولة الخليجية تدرس منذ فترة طويلة تقليص وجودها, حيث سئمت الإمارات الرئيس هادي وكانت محبطة جراء النقد فيما يخص دوره في اليمن الذي كان يشوه صورته, في حين تدرك أنه لا يوجد حل عسكري يلوح في الأفق.
وفي ذلك الوقت، أصرت الإمارات على أنها لا تزال ملتزمة بالتحالف السعودي، وادعت أن 90.000 من القوات اليمنية التي دربتها – بما في ذلك الانفصاليون- ستمنع أي فراغ من الظهور, ولكن في غضون أسابيع، استولى المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن.
دعت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى الحوار بين المعسكرات اليمنية المتنافسة, ولكن المجلس الانتقالي الجنوبي تقدم متوجهً بالقتال صوب المناطق المجاورة له في محافظتي أبين وشبوة.
سعت قوات هادي الأسبوع الماضي إلى تجدد القتال مما أدى إلى جولة أخرى من إراقة الدماء, لا شيء من هذا يجب أن يكون مفاجأة كبيرة.
تشمل القوات اليمنية الموالية للحكومة تحت مظلة التحالف المقاتلين القبليين والإسلاميين والانفصاليين والسلفيين، وكل هؤلاء لهم مصالح متباينة.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد هدد بالحرب قبل أشهر إذا لم يحصل على مقعد في محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة.
الرئيس هادي الذي يقضي معظم وقته في الرياض يفتقر إلى المصداقية, وتشكو ابو ظبي من أنه مدين للإصلاح وهي جماعة إسلامية تعتبرها أبو ظبي فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين.
ينظر كل من الإماراتيين والسعوديين إلى الحركات الإسلامية السياسية على أنها تمثل تهديد وجودي, لكن الرياض تعلم أنه بدون الرئيس هادي تتبخر مطالبتها بدعم الحكومة الشرعية.
في غضون ذلك، اتهمت حكومة الرئيس هادي الإمارات بدعم “الانقلاب”, وتنفي الدولة الخليجية ذلك وتنتقد “أدائهم الضعيف”.
إنها فوضى عارمة تدل على الحرب المأساوية التي اندلعت في أفقر دول العالم العربي.
المجتمع اليمني محطم, حيث يقوم الحوثيون بتجنيد الأطفال وتحويل مسار المساعدات الغذائية بينما يعاني الناس من الجوع.
لقد تسبب التحالف الذي تقوده السعودية والمسلّح بمليارات الدولارات من الأسلحة البريطانية والأمريكية في قتل آلاف المدنيين بسبب قصف الأسواق والمستشفيات والمدارس, بينما ينضم الصبيان الصغار إلى صفوف الجماعات المسلحة, في حين تزوج العائلات اليائسة فتياتها على امل تأمين مستقبل أفضل لهن, كما انهار القطاع الصحي والتعليمي.
وذكر تقرير لخبراء الأمم المتحدة العام الماضي أن جميع الأطراف مسؤولة عن انتهاكات قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
جددت الاشتباكات الأخيرة دعوات دولية تهدف لتضافر الجهود لإنهاء هذه الفظائع, الضغط الغربي على المملكة العربية السعودية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ساعد في تأمين اتفاق الحديدة في ديسمبر, ولكن لقد كان هناك تقدم ضئيل منذ ذلك الحين.
حذر مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مؤخراً من أن التشرذم “أصبح يمثل تهديداً أكثر قوة وإلحاحاً” حتى لو تم “خوض الجهود الدبلوماسية والتفاوض بشأنها والضغط والتأجيل” لعدة أشهر. فطوال الوقت، يزداد عمق الهاوية في اليمن.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.