اليمن..ساحة جديدة لتنظيم القاعدة وداعش!
بقلم: ميلاني شافرون
(صحيفة”ميديابارت” الفرنسية – ترجمة: محمد السياري- سبأ)
شكل الصراع القائم على الأراضي اليمنية فرصة سانحة وفريدة من نوعها لتعمد الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يعرف بـ”داعش” إلى ممارسة نشاطاتها وعملياتها الإرهابية على نطاق اوسع، في الوقت الذي يتجه فيه المتمردون الحوثيون في صنعاء – الموالون للنظام الشيعي في طهران – إلى تكثيف عملياتهم الهجومية ضد النظام الشرعي المنتخب من قبل الشعب.
وفي المقابل من ذلك وبشكل يدعو للاستغراب جاء تواجد مثل هذه الجماعات الإرهابية وفي هكذا التوقيت ليقدم للرئيس المنتخب، عبد ربه منصور هادي، الفرصة المثلى للاستفادة من قدراتها وإمكانياتها العسكرية كقوة ضاربة في وجه متمردي الشمال من ناحية وانفصالي الجنوب من ناحية أخرى.
ووفقاً لما صرحت به الناطقة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، رافينا شمدساني، فقد لوحظ في ظل هذه الفترة أن المجاميع الإرهابية المسلحة المنتمية إلى تنظيم القاعدة وداعش قد سارعت إلى التصعيد من حدة ووتيرة ممارساتها في اليمن، ومما لا شك فيه أن ذلك الأمر قد “أثر وبشكل خطير على حياة المدنيين بمختلف فئاتهم”.
كما وصفت مسؤولة الأمم المتحدة الوضع بأنة “أنموذج حي للتنامي الخطير والسريع لحالة انعدام الأمن والاستقرار”.
وبالرغم مما يبدو عليه الأمر كونها حرب أهلية مقررة سلفاً، وإلا أنها تظل واحدة من بين حروب عديدة شهدتها وتشهدها هذه المنطقة المنكوبة من شبة الجزيرة العربية.
ومن المعلوم للجميع أن كلاً من حزب الإصلاح وجماعة أنصار الشريعة يلعبون أدواراً رئيسة وفعالة فيما أسمته العديد من وسائل الإعلام المختلفة بـ”حرب أهلية في قلب حرب أهلية”.
يمثل ظهور أنصار الشريعة في العديد من الدول العربية بداية انطلاقة جديدة للحراك السلفي الجهادي وحزمة جديدة من الأهداف الاستراتيجية الطموحة.
كان أول ظهور لهذه الجماعة في اليمن – وهي عبارة عن تنظيم مؤلف من العناصر الداعية بالشريعة الإسلامية وأنصار المذهب الجهادي – في منطقة أبين التي تقع في الجزء الجنوبي من البلد في مايو من العام 2011؛ ومن المعروف أن معظم أعضاء هذه الجماعة من العناصر الجهادية التي سبقت لها المشاركة في الحرب التي قامت ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ومن ثم تمكنت من العودة إلى اليمن في العام 1990.
تعُد الولايات المتحدة الأميركية هذا الفرع المتمركز في اليمن من أشد وأخطر الجماعات الإرهابية وأكثرها دموية.
وفي مطلع شهر أغسطس من هذا العام تم رصد عدة هجمات استهدفت عدداً من المنشآت الأمنية والعسكرية التابعة للنظام الشرعي في البلد في محافظتي عدن وأبين، ومن ثم تبنت القاعدة الهجوم مُعلنة مسؤوليتها الكاملة عن ذلك.
وفي ظل تفاقم الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار الناجم عن الحرب الأهلية، سارع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية – والممثل تمثيلاً جيداً في اليمن من خلال أنصار الشريعة الإسلامية – إلى استغلال تلك الفرصة وتحقيق أفضل درجات الاستفادة بالعمل على توسيع نطاق عملياتها في هذا الجزء من البلد.
وأما اللاعب الآخر في هذا الصراع فيتمثل في الحزب السياسي اليمني الذي يُعرف لدى العامة باسم “حزب الإصلاح”, وهو يعتبر من أقوى أحزاب المعارض الرئيسة والفاعلة في البلد ولاسيما في ظل حكومة الرئيس السابق، علي عبد الله صالح.
وفيما يتعلق بالولاء والانتماء فهو من الأطراف المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين المعروفة في مصر, وفضلاً عن ذلك فهو ثاني أكبر حزب في البلد بعد حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي، عبد ربه منصور هادي.
وتجدر الاشارة هنا إلى امتلاك هذا الحزب لقوة مسلحة ضاربة لا يستهان بها ولا يُؤمن جانبها.
وبعيداً عن أية مبالغة يمكننا هنا أن نجزم بأنَ هذين اللاعبين قد وفرا لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابيين الطريقة المثلى للتسلل والتوغل داخل الأراضي اليمنية ولو بشكل غير مباشر؛ الأمر الذي أفضى في نهاية المطاف إلى تفاقم الأزمة وتدهور الأوضاع الإنسانية والحيلولة دون توفر أية إمكانية لإحلال السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة.
ومن هذا المنطلق نجد المقاتلين الحوثيين والمجاميع الإرهابية المتطرفة قد ركزت جل اهتمامها على استهداف ومهاجمة الأمن القومي والبنى التحتية في جنوب البلد بهدف زيادة درجة التصدع في صفوف قوى التحالف العسكري العربي الذي تتولى قيادته المملكة العربية السعودية وحلفائها.
ومن منظورٍ أكثر أتساعاً يمكننا هنا أن نقول بأن رحى المعركة القائمة في اليمن تدور بين ميدانين رئيسيين: أما الميدان الأولى ففيه يتواجه متمردو الشمال المعروفون باسم حركة أنصار الله مع الحكومة اليمنية المعترف بها رسمياً ودستورياً من قبل المجتمع الدولي وبدعمٍ من الولايات المتحدة الأميركية وعصبة من القوى الإقليمية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ وأما في الميدان الآخر فنجد الصراع قائماً بين دعاة وأنصار الوحدة اليمنية من جانب ورعاة المذهب الانفصالي في الجنوب من جانبٍ آخر.
وخلاصة للقول فقد أدى ذلك الصراع على مدى أربعة أعوام ويزيد إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلد؛ ووفقاً للمعايير المطروحة من قبل منظمة الأمم المتحدة لتصنيف درجة الأزمات في مناطق الصراع، تعد أزمة اليمن الأشد سوءاً في العالم وعلى مر التأريخ كونها قد دفعت بالبلد إلى تخوم المجاعة والعديد من الكوارث الانسانية فضلاً عن تشريد ونزوح أكثر من 3 مليون شخص خارج مناطق الصراع.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.