بقلم: أكرم كريف*———–

ترجمة: أسماء بجاش-سبأ:———-

 

 

كسر قادة أكبر منظمتين مسلحتين إسلاميتين “تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية أو ما يُعرف ايضاً بتنظيم داعش” حاجز الصمت بعد أن وضعوا في مأزق على أرض الواقع, حيث أكد “أيمن الظواهري” في البيان الصادر عن تنظيم القاعدة في 22 أغسطس أن إحدى زوجاته الأربع، والمدعوة “أميمة حسن أحمد” قد تم القبض عليها من قبل السلطات العسكرية الباكستانية منذ ما يقرب من العام, إذ يشير البيان الصادر عن تنظيم القاعدة أن  ثلاثة زوجات لمقاتلي التنظيم وأطفالهن محتجزين لدى السلطات الباكستانية, ويبدو أن واحدة من بينهن هي زوجة زعيم التنظيم “ايمن الظواهري” التي فرت من منطقة وزيرستان الباكستانية قبل أكثر من أربع سنوات.

وبحسب ما ورد, فقد  تم أسرها وآخرين تربطهم صلة بتنظيم القاعدة، بعد فرارهم قبل عام من منطقة وزيرستان الجبلية الواقعة شمال غرب باكستان بعد تعرض المنطقة إلى لغارات جوية.

كانت لأميمة بصمات واضحة للغاية في المنظمة, حيث ساعدت المنظمة من خلال كتابة المقالات و المنشورات مختلفة.

ومن ناحية أخرى، لم ترغب القيادة العليا لتنظيم القاعدة في التعليق على خبر وفاة “ابن أسامة بن لادن”, إذ تم تأكيد المعلومات التي ذكرتها صحيفة نيويورك تايمز قبل شهر في 22 أغسطس من قبل “مارك إسبير”  وزير الدفاع الأمريكي, فعندما سئل عن خبر وفاة “حمزة بن لادن” خلال مقابلة  اجرتها معه قناة فوكس الأمريكية والتي بثت مساء الأربعاء، امتنع وزير الدفاع عن إعطاء تفاصيل عن حيثيات تلك العملية التي قتل فيها, حيث قال الرئيس الجديد للبنتاغون والذي تولى منصبه في نهاية شهر يوليو المنصرم:”ليس لدي التفاصيل, وإذا كان, فأنا لست متأكداً من أنني أستطيع مشاركتها معك, وعندما سئل عما إذا كان قد لقي حتفه، أجاب”هذا ما أفهمه”.

اعتبر العديد من الخبراء “حمزة بن لادن” الذي تم ادراجه على القائمة السوداء للولايات المتحدة الأمريكية للمتهمين بـ “الإرهاب”، كولي عهد لتنظيم القاعدة, حمزة بن لادن غالباً ما يعتبر “ولي عهد الجهاد”, حيث تظهر الوثائق، بما في ذلك الرسائل التي كشفت عنها وكالة “فرانس برس” في مايو من العام  2015,  أن “أسامة بن لادن” كان ينوي أن يخلفه ابنه “حمزة” في رئاسة الجهاد العالمي المناهض للغرب, فهو أحد الابناء الخمسة عشر لزعيم التنظيم، من  زوجته الثالثة، ونتيجة لذلك تم تجريده من الجنسية السعودية .

 

إدارة عمليات  تنظيم الدولة الإسلامية عهدت إلى “البرفسور”:

 

وعلى الجانب الأخر, أفادت التقارير أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “أبو بكر البغدادي” الذي أصيب بجروح خطيرة تلقاها خلال معركة في سوريا، قد سلم قيادة التنظيم إلى خليفته “عبد الله قرداش” من أبناء مدينة تلعفر، المعروف أيضاً باسم “البرفسور”، وهو جندي سابق في جيش الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

تم تقديم هذه المعلومات عن طريق وكالة الأنباء التابعة للتنظيم والمعروفة باسم “أعماق” في 16 أغسطس من هذا العام, وذلك بعد التأكيد على إصابة “أبو بكر البغدادي” البالغ من العمر الآن 48 عاماً، بالشلل في احدى سيقانه جراء الآثار المترتبة عن الحادث.

يعتبر “عبد الله قرداش” أحد معارف “البغدادي” القدامى, حيث كان سجيناً سابقاً في سجن بوكا بمحافظة البصرة جنوب العراق والذي كان يديره القوات الأميركية في حينها بعد غزو العراق في العام 2003 وهو نفس السجن الذي كان البغدادي موجوداً فيه بنفس الفترة، وبالتالي فإن العلاقة بين الرجلين- البغدادي و قرداش- وثيقة.

التقت مسارات الرجلين للمرة الثانية أثناء استيلاء تنظيم داعش على محافظة الموصل, حينها جاء “قرداش” شخصيا للترحيب وتقديم الولاء للبغدادي, ومن المقرر أن يتولى “قرداش” قيادة تنظيم داعش، وليس خلافة البغدادي, يقال ايضاً أن “عبد الله قرداش” يعتبر سليل قبيلة قريش التي ينتمي اليها نبي الإسلام “محمد”, وهذا ما يجعله مؤهلاً لنيل مركز الخلافة.

الاغتيالات والهجمات:

كيف نفسر هذه الأحداث الحاصلة على رأس هاتين المنظمتين؟

إذا انتهى عهد الخلافة بسبب استعادة سوريا والعراق للأراضي التي استولى عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» في الفترة بين عامي 2015 و 2017، فإن تنظيم داعش لا يزال أمامه مستقبل مشرق من خلال التوسع بين سكان أراضيه السابقة.

وبحسب الخبراء والمتخصصين, سيظل لدى تنظيم داعش الآلاف من المقاتلين، بما في ذلك مئات الأجانب الذين لن يتمكنوا من العودة, بالإضافة إلى غنائم الحرب التي تقدر قيمتها بأكثر من 50 مليون دولار, ناهيك عن القوة الإعلامية الضاربة للمنظمة الإرهابية والتي بقيت على حالها, حيث لا يزال المشتركون في حساب التليجرام لتنظيم داعش في تلقي تقارير يومية بشكلاً تقريبي عن العمليات ورسائل الدعاية التي تدعو إلى حشد التنظيم.

الأمر المختلف في طريقة العمل التي ينتهجها مقاتلي تنظيم داعش, لم تعد مسألة غزو الأراضي وإدارتها، بل جعل الحياة فيها مستحيلة جراء الاغتيالات والهجمات بالقنابل في المناطق التي خسرتها في سوريا والعراق.

وفي التقرير الصادر بعنوان “لا تتحدث عن العودة: استمرار الدولة الإسلامية”، يرى المحللون  في “مركز صوفان” أن “تنظيم الدولة الإسلامية” لا يزال على قيد الحياة وبصحة جيدة في العراق وسوريا, وفي تقرير آخر، يعود تاريخه إلى منتصف يوليو، يعتقد مجلس الأمن الدولي هو الآخر أن تنظيم “داعش” تكيف وتوطد وتهيئ لاحتمال عودته لتجدد معاقلها في العراق وسوريا وأماكن أخرى.

وفي موازاة ذلك، يحاول التنظيم الاستيطان في أفريقيا واليمن وآسيا الوسطى, وعلى مدار العامين الماضيين، كان هناك وجود للتنظيم في تونس وليبيا, كما تم إنشاء فروع محلية تابعة له:

 

–         تنظيم  داعش في الصومال ((ISS.

 

–         تنظيم داعش  وسط إفريقيا ((ISCAP

 

–         تنظيم داعش في الصحراء الكبرى (ISGS)

 

–         تنظيم داعش في غرب إفريقيا ISE))

 

مع الهدف النهائي المتمثل في إنشاء الخلافة الأفريقية التي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الكونغو  ومن المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي.

 

تراجع النفوذ في أفريقيا:

 

أما بالنسبة لتنظيم القاعدة، فلا ينبغي للتنظيم أن يعاني من اختفاء نجل زعيم التنظيم أسامة بن لادن، نظراً لان التنظيم لم يتأثر جراء مقتل الزعيم الكاريزمي له, حيث يواصل توسعه في الساحل وأفغانستان واليمن, بالإضافة إلى ارتفاع معدل الهجمات.

غزى تنظيم القاعدة، منذ بداية الحرب في مالي في العام 2015، العديد من المناطق الأخرى، حيث وطد نفسه بقوة في غرب ليبيا, حيث وصل إلى الجنوب من خلال إعادة فرض نفوذه في بوركينا فاسو والكاميرون و في غانا، سعياً مرة أخرى إلى إنشاء منطقة مستقلة تتمتع بالحكم الذاتي, أو على الأقل منطقة انسحاب مستدامة, ووفقاً لما أشار اليه المركز الأفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب (CAERT), ومقره في الجزائر العاصمة, ففي شهر يوليو 2019, تم تنفيذ 150 هجوماً مميتاً من قبل الجماعات المسلحة في القارة السمراء, حيث ركزت هذه الهجمات بشكل رئيسي على الساحل ومنطقة بحيرة تشاد والقرن الأفريقي.

وفيما يخص بتنظيم القاعدة، يرى الخبراء الذين التقوا مع وكالة فرانس برس, ان مقتل حمزة بن لادن كان بمثابة “ضربة قصمت ظهر البعير” لأنه عضو نشط إلى حدٍ ما في محاولات عودة ظهور التنظيم من جديد.

وفقاً للخبراء، لا يوجد دليل واضح على إن بن لادن  قد حصل على مهام أوكلت إليه  لاستقطاب الأجيال الشابة من المقاتلين والتنافس مع تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن جانبه, يرى بروس هوفمان، الخبير في مجال مكافحة الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية، أن القاعدة يجب أن لا تعاني كثيراً بدون مبرر من احتمال اختفاء ابن مؤسسها, ووفقا له، تعهد التنظيم، تحت قيادة “أيمن الظواهري”، بإعادة البناء من خلال “الامتيازات” في آسيا أو غرب إفريقيا، من أجل ملء الفراغ الناشئ عن تفكك تنظيم داعش, كما يرى أن “حمزة بن لادن”  كان شخصاً مهماً بسبب عائلته، ولكن أيضاً بسبب عمره, فتنظيم نجى عندما توفى الأب المؤسس, لذا فأنا متأكد من أن التنظيم قادر على التعامل مع هذا الوضع والبقاء على قيد الحياة حتى بعد وفاة الابن.

وفي الاخير, لا يبدو أن  أيمن الظواهري يتمتع الان بذات القوة والجاذبية التي امتلكها اسلافه, لذا لا يزال يبحث عن قيادة جديدة.

 

* أكرم كريف صحفي مستقل متخصص في قضايا الدفاع والأمن, يدير الآن موقع الويب الخاص بمعلومات menadefense.net حول الدفاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2011.

(موقع” ميدل اس اي- middleeasteye” البريطاني النسخة الفرنسية)