بقلم: ريتشارد هول وبيل ترو

ترجمة: انيسة معيض- سبأ:

كشف باحثون في موقع الصحافة الاستقصائية “Bellingcat” أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها ربما يكونون قد استخدموا غارات جوية “مزدوجة ” في اليمن.

يجد التكتيك الحربي أن الصواريخ تُطلق في المرة الاولى، ثم يعاد إطلاق صواريخ مرة أخرى عندما يهرع العاملون إلى إنقاذ المصابين, وهو ما يؤدي إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين بشكل كبير ويعرض المنقذين للخطر.

تم العثور على أدلة تشير إلى أن الأهداف المدنية في اليمن تعرضت لضربات جوية مزدوجة, وفحص الباحثون الصور ومقاطع الفيديو مفتوحة المصدر للهجمات التي نفذها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

ويأتي تقريرهم، الذي اصدر يوم الاثنين واطلعت عليه  صحيفة “الإندبندنت”، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة البريطانية لاستئناف حكم محكمة الاستئناف الذي أجبرتها على تجميد مبيعات أسلحة المملكة المتحدة إلى السعودية بينما يعيد النظر فيما إذا كان يمكن أن هذه الاسلحة قد استخدمت لخرق القانون الإنساني الدولي.

يقول الباحثون الذين يقفون وراء هذا التقرير إن الضربات الجوية  التي يحتمل أن تنتهك القانون الإنساني لم تتوقف، مما يشير إلى “خطر واضح من أن الأسلحة التي تبيعها المملكة المتحدة قد تستخدم في الخروقات”, ومن خلال فحص صور الأقمار الصناعية الملتقطة نتيجة الغارات الجوية، وجد الباحثون في  الصحافة الاستقصائية- وهي منظمة غير ربحية متخصصة في التحقيقات مفتوحة المصدر- أن ست حوادث على الأقل يبدو فيها أن المناطق المدنية قد تعرضت  للضربات المزدوجة, وشملت تلك الأهداف قاعة للعزاء وسوقين ومطعماً ومسجداً ومنطقة سكنية.

جاء في التقرير: يبدو أن الهجمات على هذه المواقع تسببت في مقتل وجرح عدد أكبر بكثير من المدنيين مما كان متناسباً مع أي ميزة عسكرية محتملة, وفي بعض الحالات، يبدو أن مثل هذا الأذى الفظيع الذي وقع على المدنيين متوقعاً تماماً، مما يشير إلى أن أعضاء التحالف قاموا عمداً بهجمات عشوائية أو غير متناسبة”.

في حادثة واحدة، قتل في صباح 6 يوليو 2015 حوالي 40 شخصاً في غارتين جويتين ضربتا سوقاً في المنطقة الجنوبية لحج.

باستخدام صور الأقمار الصناعية، حدد باحثو الصحافة الاستقصائية الهدف باعتباره “سوق يعج بالمواشي”, وبعد دراسة الصور ومقاطع الفيديو في أعقاب الهجوم، حدد الفريق اثنتين من الحفر الكبيرة جداً في الموقع, وقال ملخص التقرير إن الأدلة تشير إلى أنها” ضربة جوية مزدوجة”.

تم استخدام نفس الطريقة لتحديد نوع القصف في خمس حوادث أخرى على الأقل، بما في ذلك الهجوم على قاعة العزاء في العاصمة صنعاء في أكتوبر 2016, والذي أسفر عن مقتل أكثر من 150 مدنياً.

تظهر صور الأقمار الصناعية للمبنى وجود فتحتين متميزتين في الأرض حيث اخترقت الصواريخ القاعة, في حين نفى التحالف في البداية مسؤوليته عن الهجوم، قبل إلقاء اللوم على فشل المخابرات.

قالت روان شايف قائد الفريق اليمني للصحافة الاستقصائية لصحيفة الاندبندنت: “عندما يضرب التحالف السوق مرتين، فإنه يظهر أن هناك افتقار إلى الإرادة لتقليل الخسائر في اوساط المدنيين أو الأضرار الجانبية، إن الناس سوف يأتون بعد الضربة الأولى، ومن الواضح أنك ستضرب أول المستجيبين والمدنيين.

“حتى لو كان هناك هدف عسكري في هذه المواقع، فإن الأدلة تشير إلى أنهم كانوا يستهدفون الأفراد، وليس مستودعات الأسلحة بسبب عدم وجود انفجارات ثانوية”, وأضافت: “ان القصف مرتين يأتي للتأكد من أن الشخص قد لقي حدفه، والتسبب في كل هذه الأضرار الجانبية، فهذا تهور”

يزعم تقرير الصحافة الاستقصائية أيضاً أن التحقيقات التي أجراها التحالف في الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني “تبدو انها كانت رمزية في طبيعتها ولم تجرى إلا رداً على الغضب الدولي الشديد”.

يتطابق هذا التقييم مع نتائج تقرير مشابه من فريق من المحامين الدوليين ومجموعة يمنية لحقوق الإنسان صدرت في وقت سابق من هذا الشهر.

اورد التقرير المؤلف من 300 صفحة وجود مجموعة من انتهاكات القانون الدولي من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن, كما تزعم أن الرياض تسترت على أدلة جرائم الحرب في التحقيقات اللاحقة للغارات الجوية المميتة.

تدخلت الرياض في الحرب الأهلية في اليمن عام 2015 لإعادة السلطة لحكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والتي أطاح بها الحوثيون الذين تدعمهم إيران.

لقد اتهمت الأمم المتحدة التحالف السعودي بضربات جوية “واسعة النطاق ومنهجيه على أهداف مدنية”.

لقد اعترف التحالف الذي تقوده الرياض وابو طبي بالتسبب في وقوع إصابات بين المدنيين في الماضي، لكنه يعزو الوفيات إلى انها حدثت نتيجة لـ “أخطاء غير مقصودة” ويقول إنه ملتزم ويؤيد القانون الدولي.

إلى جانب الولايات المتحدة، لعبت المملكة المتحدة دوراً رئيسياً في دعم الحملة العسكرية للتحالف ضد الحوثيين- الذين اتهمتهم الأمم المتحدة أيضاً بارتكاب جرائم حرب.

 

( صحيفة”الاندبندنت” البريطانية)