السياسية || محمد محسن الجوهري*

في إطار الحرب المستمرة لتفكيك محور المقاومة خدمةً للكيان الصهيوني، تعمل وسائل إعلام المحور القطري – التركي على إثارة نعرات لا قيمة لها فعلياً بين اليمن وإيران، عبر افتعال أزمات وهمية بين القطرين الشقيقين، لتأكيد أن العلاقة بينهما تقوم على التبعية وليس على التحالف المشترك في مواجهة الكيان الصهيوني.

وبما أن القضية تافهة ولا تحتاج أصلاً للنقاش، فإننا هنا نوضح أن إيران لم ولن توجه أوامر لأي طرف في محور المقاومة، وكل علاقتها مع أطراف المحور قائمة على الشعور بالمسؤولية الجهادية تجاه القضية الفلسطينية وما يتعرض له شعبها من جرائم حرب على مدى عقود. ولم تكن إيران -عبر تاريخها الإسلامي- إلا حليفًا يحترم خصوصية شركائه، ويقف إلى جانبهم حسب طلبهم، ويشهد بذلك حركة حماس التي تعتبر جزءاً أساسياً في المحور، ولم نسمع منها أي تذمر من جهة إيران.

لكن دول الخليج، وسائر الأنظمة العميلة لم تعرف في تاريخها معنى التحالفات السياسية، فعلاقاتها مع الغرب قائمة على التبعية المطلقة، والعبودية تجاه البيت الأبيض، لذا لا يستوعب قادتها أن هناك أطرافًا دولية أخرى تتعامل باحترام فيما بينها، لأنها لم يسبق أن عوملت بذلك. وربما من الصعب على قادتها أن يدخلوا في أي تحالف دون أن يتلقوا التوجيهات والإهانات من سادته.

ونذكر دول الخليج بأن إيران الإسلامية ليست إيران الشاه، والذي كان يسوم دول الخليج ذلاً وقهراً. ولو أنها تقدس الحرية لتحالفت مع إيران الخميني الإسلامية التي ترفض إملاء التوجيهات لسائر دول المنطقة. ولكن من اعتاد العبودية ترك إيران وذهب ليفتش عن سيدٍ جديد ليملأ الفراغ الذي خلفه الشاه محمد رضا بهلوي.

كما نذكر دول الخليج أن بشار الأسد رفض كل إغراءاتهم مقابل أن يتخلى عن تحالفه مع إيران، والسبب أنه يعرف الفرق بين الرجال وأشباه الرجال، ولهذا فضَّل أن يسقط نظامه على أن يخضع لما تخضع له الأنظمة الخليجية من الذل والعبودية على يد الغرب والكيان الصهيوني المؤقت. وهذا حال حماس من قبل، ومعها كل أطراف المحور الجهادي العظيم.

في الختام، نوضح بأن العلاقات بين اليمن وإيران تتجاوز مجرد الأوامر أو التوجيهات، إذ تقوم على أسس من الشراكة الاستراتيجية والرؤية المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية. إن محاولات تفكيك محور المقاومة من خلال إثارة النزاعات الوهمية لن تؤدي إلا إلى تعزيز الروابط بين الأطراف التي تسعى لتحقيق العدالة والحرية. في ظل الصراعات الجارية، تبقى القضية الفلسطينية محور اهتمام الجميع، ويعكس التوافق بين اليمن وإيران التزامًا مشتركًا بمبادئ الجهاد والمقاومة. إن فهم هذه الديناميات يعزز من قدرة الشعوب في المنطقة على بناء مستقبل متماسك خالٍ من التبعية، ويؤكد على أهمية التحالفات الحقيقية المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب