يتسحاق بريك: حماس تتعاظم و"إسرائيل" تفقد السيطرة
السياسية:
جدّد اللواء احتياط في جيش الاحتلال والمفوض السابق لشكاوى جنود العدو يتسحاق بريك انتقاده اللاذع لرئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو لعدم اتخاذه قرارًا حتى الآن بوقف الحرب على غزة.
بريك كتب، في مقالة في صحيفة "معاريف"، أن نتنياهو قال في مقابلة نُشرت في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إنه لن يوافق على وقف الحرب "قبل إزالة حماس، ولن نتركهم في السلطة في غزة، على بعد 50 كم من "تل أبيب"، ولكن هذا لن يحدث".
تعليقًا على هذا التصريح، رأى بريك أنه: "لا توجد أكذوبة أو شعارات أكبر من تصريحات رئيس الحكومة، ومع مرور الوقت تبتعد "إسرائيل" عن قدرتها على إزالة حماس. اليوم، حماس تسيطر على قطاع غزة بقبضة حديدية، والآلاف من مُقاتليها مُتحصنون في الأنفاق تحت الأرض التي يبلغ طولها مئات الكيلومترات. وفي الآونة الأخيرة، تلقّت تعزيزات من 3000 مقاتل شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عامًا".
كما أشار بريك الى أن: "حماس تستمرّ في تلقي الذخيرة والوسائل القتالية من سيناء، عبر الأنفاق تحت محور "فيلادلفيا"، وكذلك عبر محلّقات من مصر. حتى الأنفاق تحت محور نيتساريم لم تُغلق، والوسائل القتالية ومقاتلو حماس يعبرون من خلالها بحرية إلى شمال القطاع".
ويتابع: "كل التصريحات من المستويين السياسي والعسكري بأننا نسيطر على محوري "فيلادلفيا" و"نيتساريم" هي أوهام. صحيح أننا موجودون في الأعلى، لكن كل شيء ما زال يُدار في الأسفل في الأنفاق، من دون أي سيطرة من الجيش "الإسرائيلي". حماس ما تزال تُدير قطاع غزة، وعُدنا للمرة الخامسة إلى مخيم جباليا وعدة مناطق أخرى مشابهة. نحن نفقد العديد من الجنود، وهناك جرحى إصابتهم بالغة، حيث فقط في المرة الخامسة لدخول مخيم جباليا فقدنا نحو 40 جنديًا".
بريك أكد أن: "الجيش "الإسرائيلي" غير قادر على إزالة حماس؛ لأنه لا يوجد فائض قوات. الجنود لا يبقون في المناطق التي يحتلونها لمدة طويلة، وهذا هو السبب في عدم قدرتهم على القضاء على سلطة حماس وتدمير أنفاقها بشكل جدي. الجيش "الإسرائيلي" ينفذ مداهمات متكررة بلا هدف، ولا يمكنها إسقاط حماس. لكن باسم هذه "الكليشيهات"، يتخلّى نتنياهو عن إنقاذ الأسرى. كل هذا يخدم مصلحته العليا للاستمرار في الحرب للبقاء في السلطة".
بحسب بريك، إهمال الأسرى وتركهم يموتون في أنفاق حماس هو انتهاك شديد للقيم الأساسية التي نشأت عليها الأجيال من الجنود و"المدنيين" (المستوطنين). هذا الإهمال هو خيانة من "إسرائيل" لـ"مواطنيها". عواقب هذه الأفعال المُشينة من نتنياهو ورفاقه ستؤدي إلى نتائج كارثية. "الإسرائيليون" والجنود الذين خانتهم "الدولة"، في أصعب لحظاتهم، سيظهرون عدم رغبتهم في تقديم أيّ دعم لها، ومن المؤكد أنهم سيظهرون عدم رغبتهم في الانضمام للجيش.
وأردف يقول: "نتذكر جميعًا هتافات الفرح من المستويين السياسي والعسكري والمعلقين في الإعلام عندما قضي على (الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن) نصر الله ورفاقه، وقلنا إننا هزمنا حزب الله. تحليلات كثيرة تردّدت في وسائل الإعلام عن "الشرق الأوسط الجديد"، مثل أننا على أعتاب حسم المنطقة بأسرها، وأننا قضينا على حزب الله وأزلنا قدراته بشكل كامل. فقط أنا، قلت إننا أضعفنا حزب الله لكن لم نهزمه. وبالفعل، لم يمضِ وقت طويل حتى استأنف حزب الله القتال ضدنا في حرب استنزاف. على الرغم من تصفية قياداته البارزة، استمر في القتال بشكل أكثر قوة بعشرات المرات مقارنة بالسنة الأولى من الحرب. لقد أطلق صواريخ وقذائف صاروخية وطائرات مسيّرة إلى عُمق "إسرائيل" وأدى إلى أضرار كبيرة في الممتلكات والأرواح من الحدود الشمالية وحتى "تل أبيب". لذلك قرّر المستوى السياسي قبول وقف إطلاق النار الذي يعني الاستسلام لشروط حزب الله، وأعادت قوات الجيش إلى "إسرائيل" الإدراك أنه غير قادر على هزيمة حزب الله".
وأكمل: "الجيش الإسرائيلي، في الـ20 سنة الأخيرة، قلّص من قواته البرية بأكثر من ألف دبابة، 50% من أفواج المدفعية، العديد من ألوية المشاة وغيرهم، بالإجمال 6 فرق. وهذا هو السبب في عدم قدرة الجيش "الإسرائيلي" على التوغل في عمق تشكيلات العدو، أو البقاء في الأماكن التي احتلها أو التمركز في عدة جبهات في آن. لهذا السبب لم يتمكّن الجيش من هزيمة حماس ولا حزب الله. هناك فرق كبير بين ما يحدث على الأرض وبين أكاذيب المستوييْن السياسي والعسكري اللذيْن يحاولان خلق صورة إيجابية على حساب الحقيقة. ولكن هذا ليس كافيًا. بعد أن احتل المتطرفون سورية، سمعنا مرة أخرى هتافات الفرح من المستوييْن السياسي والعسكري وجزءًا كبيرّا من الجمهور. وكانت هذه الهتافات تقول لقد أصبنا بشدة المحور الإيراني بفضل الجيش، ولم يعد لدينا أعداء أو تهديدات".
ويرد بريك: "يُذكّرني هذا بالعجرفة والغطرسة وانعدام المسؤولية نفسها التي سمعناها في السنوات التي سبقت العملية التي نفّذتها حماس في غلاف غزة، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما كنا نقول إننا الجيش الأقوى في الشرق الأوسط . وقد عرضتُ الحقيقة الصادقة التي تحققت في النهاية، ما أحزن كل من يحاول خداع الجمهور. والآن نعود إلى الظاهرة نفسها من الرضا عن النفس من دون أن نفهم ونستعد للتهديدات المستقبلية التي ستكون أكثر خطورة بعشرات المرات من تلك التي مررنا بها".
وخلص بريك الى أن ليس لدى "اسرائيل" أيّ أمل مع القيادة السياسية والقيادة الرفيعة العسكرية الحالية"، وقال: "لن يكون بالإمكان إنقاذ "إسرائيل" من الانهيار، وفتح أفق جديد، إلّا باستبدالهم فورًا بجيل جديد من القادة".
* المادة نقلت من موقع العهد الاخباري