السياسية:

أكد الكاتب الأميركي أندرو كوريبكو أن من أبرز فئات المقاتلين الأجانب في صفوف "هيئة تحرير الشام" مقاتلي الأويغور من إقليم شينجيانغ الصيني، وهي الفئة التي تحمل اليوم اسم الحزب الإسلامي التركستاني.

وفي مقالة نُشرت على موقع "Asia Times"، لفت الكاتب إلى أن هذه الجماعة تتمركز في إدلب في سورية منذ عام 2017، وإلى أن هناك تاريخًا من التعاون بينها وبين المجموعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، وذلك دعمًا لمساعي إقامة دولة أويغورية في الصين.

وأضاف أنه على هذا الأساس صنف مجلس الأمن الجماعة بالارهابية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة قد ألغت هذا التصنيف أواخر عام 2020 بحجة أن الجماعة لم تعد ناشطة، ليتبين أن ذلك غير صحيح.

وقال الكاتب، إن أعضاء من الجماعة سجلوا شريط فيديو من سورية دعوا فيها إلى الجهاد المسلح ضد الصين.

كذلك تحدث الكاتب عن الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، واصفًا إياه بأنه أكبر مشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية، مشيرًا إلى أن جيش تحرير بلوشستان يقوم منذ سنوات باستهداف هذا المشروع.

وإذ قال، إن حركة طالبان الأفغانية تقيم علاقات جيدة مع الصين، وبالتالي قد لا ترحب بالحزب الإسلامي التركستاني في أفغانستان، لفت إلى أن طالبان لا تسيطر بشكل كامل على كل الأراضي الأفغانية، كما تبين من خلال استمرار وجود خلايا لتنظيم "داعش" خرسان هناك.

وشدد على أن طالبان سبق أن استضافت الحزب الإسلامي التركستاني انطلاقًا من مبدأ توفير الملاذ للجماعات التي تحمل فكراً إسلامياً مشابهاً، والطلب منها في الوقت نفسه أن لا تشكل تهديداً لأطراف أخرى.

بناء عليه، قال الكاتب إن الحزب الإسلامي التركستاني قد يستعيد وجوده في أفغانستان "مع أو من دون طالبان الأفغانية".

كما حذر من أن الجماعة قد تشن بالتالي هجمات على الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان على غرار ما يفعل جيش تحرير بلوشستان.

ورأى أنه لا يمكن استبعاد اغتنام الحزب الإسلامي التركستاني الفرصة لاستهداف "الخاصرة الرخوة" لدى الصين بغية الرفع من شأن الجماعة.

كذلك تحدث الكاتب عن احتمال اغتنام الفرصة في منطقة آسيا الوسطى، مشيرًا إلى أن بعض المقاتلين الأجانب في صفوف هيئة تحرير الشام هم من هذه المنطقة، وتحديدًا الأوزبكيون.

ولفت إلى أن هناك جاليات من الأويغور في كازاخستان وقرغيزستان والتي يمكن أن يستفيد من أفرادها الحزب الإسلامي التركستاني كمجندين، سواء من أجل شن الهجمات على مشاريع الحزام والطريق هناك أم داخل باكستان. كما تحدث في السياق نفسه عن تنفيذ الهجمات في إقليم شينجيانغ وتلقي التدريب في أفغانستان أو سورية.

وتابع الكاتب، أن هذه الاحتمالات تفيد بأن الحزب الإسلامي التركستاني لا يهدد إقليم شينجيانغ فحسب، بل وتطرح تساؤلات حول رعاية تركيا غير المباشرة للحزب من خلال قبول أنقرة الضمني بتحالفه مع "هيئة تحرير الشام" المدعومة تركيًا.

وأردف الكاتب أن تركيا تعتبر نفسها زعيمة "منظمة الدول التركية" التي تشمل كازاخستان وقرغيزستان وأوزباكستان، إلا أن مواطني هذه الدول وخاصة الأوزبكيون أصبحوا يتلقون التدريب من "هيئة تحرير الشام" واكتسبوا تجربة قتالية في سورية.

وأضاف، أنه سيكون من الصعب على تركيا تقديم نفسها كشريك يمكن التعويل عليه لهذه الدول، بينما سمحت لبعض مواطنيها أن يتحولوا إلى تهديد إرهابي محتمل دون أن تحرك ساكنًا.

كما قال الكاتب، إن هناك عاملاً آخر يجب أخذه في الحسبان وهو دور جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، مشيرًا إلى ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن أن هذا الجهاز لعب دورًا في التقدم الميداني الذي حققته "هيئة تحرير الشام" على الأراضي السورية.

وأردف أن كييف كانت دعمت مسلحين في مالي ضد عناصر شركة "Wagner" الروسية وأيضًا القوات المسلحة السودانية ضد قوات التدخل السريع التي يزعم أنها مدعومة من "Wagner".

وقال إن جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية "الـ GUR" المعاصر هو عبارة عن مشروع أسسته "الـ CIA"، وذلك بحسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" أواخر عام 2023 الماضي.

وعليه تحدث الكاتب عن إمكانية استفادة "الـCIA" من جهاز "GUR" من أجل إدارة أو أقله تشجيع الحزب الإسلامي التركستاني على التوسع نحو منطقة آسيا الوسطى الجيواستراتيجية الواقعة بين روسيا والصين. وأوضح أن ذلك يمكن أن يحصل حتى وإن كانت تعارضه تركيا، وإن بإمكان أنقرة تجنب هذا السيناريو من خلال استخدام نفوذها مع "هيئة تحرير الشام" لأخذ إجراءات صارمة بحق الحزب الإسلامي التركستاني في سورية عبر نزع سلاحه.

الكاتب الأميركي أكد، أن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية جدًا، والتي ربما تفتقد إليها تركيا في المرحلة الراهنة. وأردف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد قدم نفسه على أنه مناصر لقضية الأويغور، لكنه خفف من خطابه على هذا الصعيد مؤخرًا لدواع براغماتية من أجل تحسين العلاقات مع الصين. وبالتالي خلص الكاتب إلى أن اردوغان قد يتهم بالخيانة من قبل بعض "الإسلاميين" من قاعدته الشعبية في الداخل، ناهيك عن الذين هم في الخارج والذين يدعمون سياسته الخارجية "الإسلاموية"، وعليه قد يمتنع عن التحرك في هذا السياق.

ورأى أن أردوغان قد يجد نفسه أمام مشكلة كبيرة قد تقوض سياسته الخارجية في حال عدم اتخاذ خطوات حاسمة، أقله لجهة احتواء الحزب الإسلامي التركستاني في سورية ومنع الأويغور ومواطني دول آسيا الوسطى والشيشانيين من السفر إلى هناك عبر تركيا أو تلقي التدريب على أيدي الحزب الإسلامي التركستاني أو "هيئة تحرير الشام".

وأوضح أن هؤلاء توجهوا إلى سورية لكسب التدريب والتجربة القتالية مع موافقة تركيا الضمنية، وبالتالي فإن أردوغان يتحمل مسؤولية أي هجمات مستقبلية قد تقع.

كذلك قال الكاتب، إن باكستان هي من أقرب شركاء تركيا، وبالتالي فإن وصول الأويغور إلى أفغانستان من أجل شن حرب هجينة على الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني سيشكل فضيحة كبرى، لافتًا إلى أن الممر الاقتصادي المذكور يصور على أنه يشكل الأرضية للتنمية الاقتصادية المستقبلية لباكستان.

وأضاف الكاتب، أن قيام عناصر الحزب الإسلامي التركستاني بالتحرك وحدهم أو بالتواطؤ مع الاستخبارات العسكرية الأوكرانية مسألة ثانوية، كون تركيا ستبقى تتحمل مسؤولية جزئية، وأن روسيا والصين وجمهوريات آسيا الوسطى وباكستان ستراقب بالتالي عن كثب ما الذي سيفعله أردوغان.

* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري