السياسية || أنس القباطي*

التطورات العسكرية التي يشهدها الشمال السوري مؤشر على مخطط اعد سلفا، واوكل تنفيذه لأدوات محلية بدعم إقليمي وإشراف دولي.

مرحلة اولى
المخطط لا يستهدف سوريا وحدها، وانما بلاد الشام كمرحلة أولى، ومنها سيصدر إلى مصر، وباقي دول المنطقة.

التسمية
لاحظوا تسمية الفصيل المتطرف المسلح الذي برز الى الواجهة لقيادة العمل المسلح في حلب وادلب وحماة، ويتجه نحو حمص.
هذا الفصيل يحمل مسمى "هيئة تحرير الشام" وليس تحرير سوريا، ما يعني أن المخطط ابعد من سوريا، وان كل من لبنان والأردن مستهدفة تاليا.

توجه للسيطرة
من تتبع تحركات الفصائل ذات الخلفية الارهابية، والتي تنفذ أعمال مسلحة في الشمال السوري يتضح أنها لا تسعى لفصل الشمال عن الجنوب، وإنما تتجه للسيطرة على كامل الجغرافية السورية.
يتضح ذلك من توجه الفصائل المتطرفة نحو محافظة حمص، الواقعة الى الشمال من العاصمة السورية دمشق.
وبالتالي فإن تمكن هذه الفصائل من السيطرة على حمص، فإن الخطر القادم. سيتجه نحو دمشق العاصمة.

كما ان تتبع تحركات الفصائل المسلحة سيجد أن اتجاه التحرك من الشمال نحو الجنوب، ما يعطي مؤشرا بأن المخطط يهدف لاسقاط العاصمة دمشق، ومعها اسقاط نظام بشار الأسد.

مرحلة إعداد
التقدم المتسارع للفصائل المسلحة يؤشر إلى أن مرحلة إعداد مناسبة تم فيها تجهيز هذه الفصائل لتنفيذ خطة الاجتياح، مستغلة عوامل عديدة، أبرزها حالة الانهاك والتي تبعتها حالة استرخاء للجيش السوري، وما الحقه الوضع المعيشي الناجم عن انهيار قيمة العملة الوطنية من آثار اقتصادية ونفسية بمنتسبي الجيش السوري، اضف الى ذلك الانشغال الروسي بمعارك أوكرانيا.

تنظيمات إرهابية
والحقيقة أن من يقاتل الجيش السوري ليست فصائل معارضة مسلحة، وإنما تنظيمات ارهابية اعدت إعدادا خاصا لتنفيذ اجندات دولية في المنطقة، ورغم تصنيفها على اللوائح السوداء في عديد من الدول كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وتركيا، الا انها تغض الطرف عن تحركاتها في سوريا، ما يعني استحسان ما يحصل، لان الصمت علامة رضاء.

اجراس انذار
ما يحصل في سوريا يقرع أجراس الانذار بالخطر في الاردن ولبنان على وجه التحديد، لان سيطرة تنظيم ارهابي على الجغرافية السورية، يحمل عقيدة تحرير الشام، يعني أن القادم بعد سوريا ان تمكن التنظيم الارهابي ستكون جغرافيتي الأردن ولبنان المجاورتين لسوريا.

انهاك واسترخاء
ظل الجيش السوري يقاتل التنظيمات الارهابية منذ العام 2011، وحتى التوصل الى اتفاق خفض التصعيد بين تركيا وروسيا في العام 2019، أي ما يقارب 8 سنوات، وبالتأكيد تعرض للانهاك خلال سنوات الحرب، وبعد الاتفاق عانى منتسبيه من ظروف نفسية واقتصادية بالغة القسوة، جراء انهيار قيمة العملة الوطنية، وما ادت اليه من تداعيات سلبية على معيشتهم ومعيشة أسرهم، فكان الهجوم المباغت الذي استغل كل تلك العوامل، مستفيدا من الصدمة النفسية التي حققها الهجوم الأول، والذي ادى الى اكتساح مدينة حلب، وهكذا استمرت الهجمات على وتيرة عالية مستفيدة من حالة الارباك، التي خلقتها عملية المباغتة.

زمام المبادرة
لن يوقف تقدم الفصائل المسلحة الا استعادة الجيش السوري الإمساك بزمام المبادرة، كما حصل في العام 2015 عندما استعاد الجيش السوري قدرته على الهجوم بدعم جوي روسي، دعم بري ايراني ومن حزب الله.

دمشق في خطر
الفصائل المسلحة لا تقاتل اليوم في سوريا بأسلوب حرب العصابات، كما كان سابقا، وانما تقاتل بأساليب تقترب من اساليب الجيوش النظامية، فقد صارت تمتلك الدبابات والأسلحة الثقيلة والحديثة، باستثناء المقاتلات الحربية، وهنا ينبغي أن يقوم سلاح الجو السوري بإسناد روسي بدوره الكامل في الحد من تقدم الفصائل المسلحة نحو حمص، لأن سقوطها يعني سقوط آخر خطوط الدفاع عن العاصمة دمشق.

ضلوع إقليمي ودولي
المظهر شبه النظامي الذي ظهرت به الفصائل المسلحة يؤكد حجم الدعم الذي تلقته من قوى اقليمية ودولية خلال الخمس السنوات التي أعقبت اتفاق خفض التصعيد، حيث تم خلال هذه السنوات تجهيز هذه الفصائل بالعتاد من ناحية، وتزويدها بمقاتلين جدد من مختلف محافظات الشمال السوري، وعلى وجه التحديد من محافظات الشمال السوري.

تجنيد واسع
وتفيد معلومات متداولة أن عملية تجنيد واسعة نفذتها هيئة تحرير الشام خلال الثلاث السنوات الماضية، تم خلالها تجنيد قرابة 15 ألف شاب أغلبهم من محافظات حلب وحمص وادلب وحماة، مستغلة حالة الفقر وتفشي البطالة والتسرب من المدارس، فضلا عن الراتب الذي تمنحه للمجند والذي يصل الى 300 دولار، ويعد مناسبا لشاب يعيش في بيئة فقيرة، تقل فيها فرص العمل.

ثمن الصمت
صمت الأردن ولبنان ومن بعدهما مصر على ما يحصل في سوريا سيدفعان ثمنه عاجلا أم آجلا، ما لم يحصل متغير دولي يخلط الأوراق ويلخبط مسار المخططات، لأن سقوط سوريا يعني التوجه نحو باقي بلاد الشام، لأن من أسقطها تنظيمات تحمل عقيدة السيطرة على كامل جغرافية بلاد الشام.

العدوان الصهيوني
وبالعودة الى ما تعرضت له سوريا من عدوان صهيوني خلال السنوات الثلاث الماضية، يتضح أن الهدف من ذلك كان شل قدرة سلاح الجو السوري، تمهيدا لتنفيذ مخطط تمكين الفصائل المسلحة من محافظات الشمال والتوجه جنوبا نحو العاصمة دمشق.

سيناريو
وبالتالي فإنه ووفقا لهذا السيناريو فإن ما عجز عن تحقيقه الكيان الصهيوني في جنوب لبنان، ستوكل مهمة تحقيقه لفصائل مسلحة قادمة من سوريا نحو شمال لبنان، والأمر نفسه سيطبق باتجاه الأردن.

ضغط
ويبدو أن شروط واملاءات فرضت على القيادة السورية قبل تنفيذ العملية المسلحة، ووجهت بالرفض، فكان هذا العمل المسلح للضغط على النظام، ولا يستبعد أن يكون جزء من تلك الشروط مرتبط بفك الارتباط بروسيا وإيران.

استخدام أوراق واستعادة التوازن
وعليه فإن وقف العمليات العسكرية في سوريا مرتبط بتحركات لحلفاء سوريا وعلى الأخص روسيا، من خلال التلويح باستخدام أوراق مؤثرة على داعمي الفصائل المسلحة، في عديد من ملفات المنطقة، والملفات الساخنة حول العالم، عوضا عن ترتيب الجيش السوري لصفوفه، وتحوله من الدفاع الى الهجوم، وتدخل سلاح الجو الروسي بفاعلية لوقف تقدم الفصائل المسلحة.

* المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من عرب جورنال