هجمات الإمارات ضد اليمنيين تكشف عن التمزق في نسيج التحالف الذي تقوده السعودية
بقلم: أندرو إنجلترا و سيمون كير
(صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية, ترجمة: نجاة نور– سبأ)
قالت الإمارات العربية المتحدة إنها نفذت غارات جوية على “الميليشيات الإرهابية” في اليمن بعد ساعات من اتهام الحكومة اليمنية لها بقتل العشرات من قواتها في القصف الذي قامت بها في مدينة عدن.
تمثل الاشتباكات تصعيداً للصراع بين الحلفاء في دول التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية فيما أصبحت حرباً أهلية متعددة الجهات.
اصبحت معركة التحالف التي تستمر لأكثر من أربع سنوات ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران اكثر تعقيداً بسبب اندلاع القتال بين الانفصاليين في جنوب اليمن، الذين كانوا جزءاً من التحالف، والمقاتلين الموالين للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.
سيطرت القوات الانفصالية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والمسلحين المدعومين من قبل الإمارات، الشهر الماضي على مدينة عدن الساحلية، والتي كانت مقراً مؤقتاً لإدارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ويبدو جلياً أن الضربات الجوية الإماراتية كانت تهدف إلى منع القوات الموالية لهادي من التقدم ضد الانفصاليين هناك, حيث شن المقاتلون الموالون للحكومة هجوماً لاستعادة مدينة عدن هذا الأسبوع, بيد أن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي زعمت يوم الخميس أنها لا تزال تسيطر على المدينة، فيما اتهمت الحكومة اليمنية في بداية الأمر ان الغارات التي شنته الإمارات قد تسببت بمقتل ما لا يقل عن 30 فرداً من قواتها, وصرحت وزارة الدفاع اليمنية في وقت لاحق إن أكثر من 300 شخص قد قتلوا وجرحوا في الهجمات الجوية التي قامت بها الإمارات.
قالت الحكومة اليمنية إنها “تُحمل الأمارات المسؤولية الكاملة عن هذا الاستهداف الصارخ ضد قواتها وهو أمر غير قانوني وخارج عن المعايير الدولية”.
ودعت المملكة العربية السعودية إلى وقف هذا “التصعيد العسكري غير المشروع وغير المبرر” وطالبت المجتمع الدولي بإدانة هذا الحادث.
فيما صرحت الإمارات في بيان لها إن عمليتها العسكرية “ضد الميليشيات الإرهابية كانت تستند إلى معلومات استخباراتية ميدانية مؤكدة بأن الميليشيات كانت تستعد لاستهداف قوات التحالف”.
البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية ذكرت “إن التصعيد الأخير في الهجمات ضد قوات التحالف العربي والمدنيين يشكل تهديدا خطيرا لأمن التحالف”. “وقد استلزم هذا بدوره إلى تنفيذ غارات جوية دقيقة ومباشرة في 28 و 29 أغسطس 2019 ضد الميليشيات الإرهابية.”
فيما أصدرت الإمارات والسعودية هذا الأسبوع بياناً مشتركاً كررا فيه دعوتهما للفصائل اليمنية المتحاربة لإجراء محادثات لكن القتال بين القوات التابعه للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية لهادي مستمرة.
تدخلت السعودية والإمارات عسكرياً في اليمن في مارس 2015 لدعم حكومة الرئيس هادي بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء، بينما اتهمت إيران بدعم حركة التمرد هذه.
لكن منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية، لم تثق الإمارات العربية المتحدة – وهي معارض قوي للقوى الإسلامية بحزب الإصلاح وهي حركة إسلامية في الحكومة اليمنية.
وصلت العلاقات بين أبو ظبي وحكومة هادي إلى مستوى متدنٍ بعد اندلاع الاشتباكات حول عدن والمحافظات المجاورة لها هذا الشهر.
كما فرضت احداث الجنوب المتوترة ضغطاً على التحالف السعودي الإماراتي وأكدت على تباين مصالح دول الخليج القوية.
تعاونت الرياض وأبو ظبي لمحاربة الحركات الإسلامية السياسية في الشرق الأوسط وتأثير إيران المنافسة لهم منذ اضطرابات الربيع العربي عام 2011, مع اتباع سياسات تدخل خارجية متزايدة, لكن قرار الإمارات البدء في تقليص وجودها العسكري في اليمن في يوليو المنصرم قد غير ديناميكيات التحالف.
عبر مجلس الأمن الدولي عن قلقه إزاء الاشتباكات الدائرة في المناطق الجنوبية ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس, حيث أحدثت الحرب في اليمن ما تصفه الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم، وتسببت في دفع أكثر من 10 ملايين شخص إلى حافة المجاعة، فيما قتل آلاف المدنيين جراء الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف.
وصفت جماعات الإغاثة المشاهد في عدن بعد الجولة الأخيرة من القتال بالفوضى, في حين قال جاسون لي، القائم بأعمال المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، “أن الموظفون الميدانيون أشاروا إلى أن الناس يشعرون بالرعب.”
وأضاف: “لقد تصاعد الموقف بسرعة بحيث لم تتح لهم الفرصة لإخلاء منازلهم أو الحصول على إمدادات مثل الغذاء أو المياه النظيفة، وتم إغلاق المتاجر”, فالوضع متوتر للغاية الناس خائفون مما سيحدث بعد ذلك.
لقد سمعنا أصوات الطائرات الحربية أثناء القصف والقنابل تلقى على الأرض وهذه القنابل التي تقتل وتشوه وتدمّر بشكل عشوائي.”
يدعو الانفصاليون الذين يريدون جنوب اليمن المستقل، إلى لعب دور في محادثات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة سعيا لإنهاء الصراع, حيث كانت المناطق الجنوبية مستقلة حتى عام 1990 عندما اتحدت مع الشمال.