التوترات المتصاعدة بين الحلفاء منذ فترة طويلة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يمكن أن تؤدي إلى انفصال الجنوب في اليمن وتضرر حملة الضغط التي يقوم بها البيت الأبيض على إيران.

بقلم: الكسندرا ستارك

(مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

اندلعت في 7 أغسطس اشتباكات في العاصمة الصيفية لليمن مدينة عدن الساحلية, حيث حرض المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) اندلاع هذه ألاشتباكات ويعتبر المجلس تحالف من قوات الميليشيا الانفصالية التي دعمتها ودربتها دولة الإمارات العربية المتحدة ضد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والتي تدعمها المملكة العربية السعودية.

يسلط النزاع الضوء على التوترات طويلة أمد بين الأهداف الإماراتية والسعودية في اليمن. وقد كشف هذا بدوره عن شقاق أوسع بين مقاربات السياسة الإقليمية لهذين الشريكين الرئيسيين في مجال الأمن، وهو ما يمكن أن يوقع واشنطن في نزاع إقليمي آخر ويعقد موقف إدارة ترامب بشأن إيران.

في الوقت الذي حاول فيه القادة السعوديون والإماراتيون التقليل من شأن هذا الصدع، فإن القتال الأخير في عدن يوضح أن المقاربات السعودية والإماراتية للصراع اليمني قد اختلفت منذ بداية تدخل التحالف في الحرب الأهلية في اليمن في مارس 2015.

كانت الأولوية الرئيسية للمملكة العربية السعودية القيام  بتأمين حدودها الجنوبية من خطر الحوثيين الذين يتلقون الدعم من إيران المنافس الإقليمي لهم,  لذلك ركزت جهودها على محاربة الحوثيين في الشمال ودعمت حكومة هادي باعتبارها الكيان الحاكم الوحيد الذي يستحق الاعتراف الدولي.

على النقيض من ذلك، سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تعزيز دورها في الصراع لتوسيع نطاق وصولها العسكري والاقتصادي إلى القرن الأفريقي ومضيق باب المندب وهو رابط حيوي في طرق التجارة العالمية.

في حين أن كلاً من القادة السعوديين والإماراتيين ينظرون إلى إيران على أنها تهديد خطير، إلا أن دولة الإمارات تظل أكثر عرضة للمواجهة بسبب قربها الجغرافي وعلاقاتها التجارية الكبيرة مع الجمهورية الإسلامية, وقد شجع هذا النهج الإماراتي الأكثر واقعية تجاه إيران: بينما تنضم الإمارات العربية المتحدة إلى المملكة العربية السعودية في إدانة النفوذ الإيراني والنشاط العسكري في المنطقة، فإنها تحافظ على علاقات دبلوماسية (وإن كانت قد انخفضت منذ عام 2016) مع إيران.

يؤكد الانهيار الصريح بين القوات المدعومة من السعودية والإمارات في عدن على الجهود التي بذلتها الإمارات في الآونة الأخيرة لتنأى بنفسها عن سياسة السعودية الإقليمية.

يشعر القادة الإماراتيون بالقلق من أن التوترات المتصاعدة مع إيران المجاورة لها يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة وتسبب أضراراً جسيمة للنموذج الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يسعى إلى التنويع بعيداً عن الاعتماد على النفط وذلك عن طريق تطوير قطاعات أخرى مثل السياحة والصناعة المالية, بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن القادة الإماراتيين سئموا من توجيه  قدر كبير من اللوم اليهم فيما يخص سقوط الضحايا المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية المدمرة في اليمن؛ في حين اتُهمت الميليشيات التي ترعاها دولة الإمارات بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، فقد أدت الحملة الجوية العشوائية التي تقودها المملكة العربية السعودية إلى وقوع معظم الإصابات في صفوف المدنيين في اليمن.

لقد تحملت دولة الإمارات المسؤولية عن جنوب اليمن، ونشرت قواتها هناك لتوفير التدريب والدعم للميليشيات الجنوبية المحلية، والقيام بعمليات مكافحة الإرهاب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والقيام بتقديم مساعدات التنمية الاقتصادية للمنطقة, ولقد كان المجلس الانتقالي الجنوبي شريكاً مألوفاً في هذه العمليات.

هذه السلوكيات متباينة التركيز أدت إلى توتر مستويات الصدع التي خلفتها اتفاقية الوحدة التي تم التفاوض عليها على عجل في عام 1990 والتي ضمت  شمال وجنوب اليمن.

كان البلد كيانين سياسيين منفصلين لعدة قرون, وكان الاتحاد السوفيتي مصدراً مهماً للمساعدات الخارجية لجنوب اليمن، أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حتى أواخر الثمانينيات.

أدت الخسارة المفاجئة لراعي القوة العظمى إلى الاندماج في ربيع عام 1990, لكن التوحد خلف الكثير من الجنوبيين يشكون من المظالم التي لم تتم معالجتها حول التمثيل في الحكومة المركزية الجديدة وتوزيع موارد الدولة.

استمرت هذه المظالم في الجنوب واندلعت نتيجة لها حرب الانفصال ألأهلية في عام 1994 وما تلاها من صعود للحركة الجنوبية الشعبية (أو الحراك) في عام 2007. وحرك المجلس الانتقالي الجنوبي، التي انبثق من الحراك الجنوبي لرد هجوم الحوثيين في عام 2015. في حين أن الحوثيين ليس لهم  موقف واضح من انفصال الجنوب.

إن قلقهم يكمن إلى حد كبير على موطنهم صعدة شمال البلد, ويستمر الدعم الشعبي على نطاق واسع للانفصال في الجنوب حتى يومنا هذا، كما يتضح من مظاهرة حاشدة في الأسبوع الماضي لدعم استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن.

المعارضة المشتركة  لكلاً من حكومة هادي والمجلس الانتقالي للحوثيين جعلتهم متحيزين اسمياً، لكنهم كانوا دائماً رفقاء غريبون.

الآن، مع التدريب والدعم الإماراتي، أصبحت القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أكثر تنظيماً وقدرة وتسليحاً بالأسلحة الثقيلة مع استمرار النزاع، حتى مع استمرارها في دعم استقلال الجنوب.

في حين أن القادة السعوديين كانوا يعرفون أن أهداف قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تتعارض مع حكومة هادي – والقتال الذي اندلع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي في عدن في يناير 2018 أكد ذلك – يبدو أن الرياض مستعدة للنظر بطريقة اخرى تصب لمصلحة جمع الحلفاء في معركتها ضد الحوثيين.