السياسية || محمد محسن الجوهري*

في عقيدة الإخوان الكثير من التناقضات الجوهرية خاصة حول قضية فلسطين، وها نحن نرى أغلب التنظيمات السياسية المرتبطة بالجماعة تدير ظهرها اليوم عن فلسطين وغزة، وتنخرط في مشاريع سياسية معادية للقضية المركزية للعرب والمسلمين كما هو ظاهر للعيان في كل من اليمن وسورية، حيث تتبنى جماعة الإخوان مواقف موالية للغرب المتصهين، وتفتعل حروب وأزمات لحرف بوصلة الجهاد عن قبلتها الأولى في فلسطين المحتلة، وقد كشف الإعلام العبري مؤخراً عن صلات وثيقة مع الفصائل المسلحة في سورية، وأنها لا تضمر العداء للكيان الصهيوني، بل وتنوي تطبيع العلاقات الدبلوماسية معه في حال نجحت في الإطاحة بنظام الأسد.

كما لم يكن صدفة أن اندلاع التصعيد في حلب وإدلب تزامن مع خفض التصعيد لجيش العدو الإسرائيلي في لبنان، لينتقل إلى جبهة أخرى في محور المقاومة، والتي تشكل حجر الزاوية في إمداد المجاهدين في غزة ولبنان بالعتاد والسلاح، ما يؤكد أن التصعيد ضد سورية إجراءٌ عقابي لردعها عن موقفها النضالي تماماً كما توعدت نتنياهو من قبل.

وفي اليمن، يقف حزب الإصلاح الموالي لجماعة الإخوان، إلى جانب العدوان الدولي على البلاد، ويدين بكل وضوح الهجمات اليمنية المساندة لفلسطين في البحرين الأحمر والعربي، ويرى بأنها تهديد للملاحة الدولية، حسب ما يردد قادته وإعلامه المضلل.

علاوةً على ذلك، تستعد الفصائل المسلحة الموالية لإخوان اليمن للتصعيد على الأرض خدمةً للكيان الصهيوني، ويجاهر حاخامات الإخوان، كالحزمي واليدومي، بأنهم على تنسيق مع أي تحالفٍ دولي في اليمن، وذرائعهم في ذلك واهية وتتناقض مع انتمائهم للإسلام إن كانوا ينتمون إليه في الأصل، كما تتعارض أيضاً مع تصريحات جماعة الإخوان المسلمين في بداية تأسيسها عندما أعلن حسن البنا مؤسس الجماعة عبارته الشهيرة: "وطن إسلامي واحد وأمة واحدة، إن كل أرض يقال فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله هي جزء من وطننا، له حرمته وقداسته، والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره".

كما أنه (حسن البنا) حكم بالكفر على كل من يقول: "مالنا ولفلسطين"، مؤكداً أن فلسطين هي القضية الأولى للمسلمين، وأن لا إسلام لمن لا ينصر فلسطين، وهذا الوضع ينطبق حرفياً على الكثير من أنصاره اليوم بعد أن تخلوا عن غزة وفلسطين، وذهبوا إلى التصعيد والاقتتال بدوافع طائفية ومناطقية في كل بلاد لها موقف معادي للكيان ولحلفائه في الغرب.

والحقيقة أن حزب الإصلاح في اليمن شذ كثيراً عن عقيدة البنا، وفرّط بكل الثوابت الدينية، كما فرّط بكامل التراب الوطني في اليمن، سواءً بتأييده اليوم للتحالف الصهيوني على البلاد، أو بتأييده في الأمس للعدوان السعودي - الأمريكي، الذي لم تختلف مقاصده كثيراً عن عدوان اليوم.

والأدهى من ذلك كله، أن جماعة الإخوان لم تتحرك عسكرياً في كل البلاد العربية إلا ضد تلك التي لها مواقف عدائية ضد الكيان الصهيوني، فيما لم نسمع لها صوت في البلدان الخليجية رغم أن قادتها عملاء لليهود، ويحاربون الإسلام وينشرون الفساد في الأرض، إضافة إلى أن جماعة الإخوان نفسها تعاني هناك من اضطهادٍ وقمع لا نظير له في أي من البلدان الأخرى.

خلاصة القول، أن الجماعة انحرفت بشكلٍ كبير عن الثوابت الإسلامية بشكلٍ عام، كما تخلت عن المبادئ الأساسية التي أعلنها مؤسس الإخوان غداة تأسيسه للتنظيم قبل نحو تسعين عاماً، وبقاؤها اليوم لا يخدم الواقع العربي بعد أن أصبحت وسيلة لضرب الأوطان من الداخل، وتقديم الشعوب فريسةً سهلة لليهود والنصارى العدو الرئيسي للأمة.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب