السياسية || محمد محسن الجوهري*

لأول مرة، نتفاجأ بأن الإعلام في السعودية والإمارات ينظر إلى "إسرائيل" بأنها فشلت في مواجهتها مع اليمن، بعد إخفاق قدراتها الدفاعية في اعتراض الهجمات الأخيرة للقوة الصاروخية اليمنية وفي ذلك مؤشر قوي على اهتزاز ثقة معسكر التطبيع في قوة الردع الصهيونية، ما قد يجعلها تتمرد مستقبلاً على الهيمنة الإسرائيلية.

قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، على سبيل المثال، خصصت تغطيتها الإخبارية للسخرية من جيش الاحتلال الإسرائيلي وعجزه عن ردع الهجمات اليمنية، وذهبت إلى التأكيد بأن الجيش الصهيوني بقيادة المجرم نتنياهو عاجز عن تنفيذ تهديداته بشأن اليمن، وأن قصفها للحديدة في يوليو الماضي لم يجلب الرعب لليمنيين، وأثبت أن سياسة قصف المنشآت المدنية فشلت، وبالتالي فإن الرعب تضاعف للمستوطنين في الكيان.

أما الإعلام الموالي للسعودية فقد مر على الخبر مرور الكرام، ولم تطل قناة العربية الوقوف كثيراً عند هجوم الأحد، واكتفت بحرف البوصلة باتجاه التصعيد الأخير في سورية، بخلاف ما كانت تفعله في الماضي، عندما كانت تسلط كل طاقتها على التشكيك في صحة الهجوم أو التقليل من أهميته الإستراتيجية في المواجهة المباشرة بين اليمن والكيان.

في المجمل، فإن رهان معسكر التطبيع الخليجي على العصا الغليظة لـ"إسرائيل" قد تراجع كثيراً خلال المرحلة الأخيرة، وأن اليمن نجح بامتياز في كسر هيبة الصنم الإسرائيلي في أعين العربان، وهذه ميزة إضافية يقدمها اليمن للعالم، ويثبت تراجع الرهان على الحماية الصهيونية بين العائلات الحاكمة في بلدان كثيرة.

ومن البدهي أن يؤثر ذلك على مواقف دول العدوان من أي تصعيد قادم في اليمن، فدولهم ومصالحهم في مرمى الصواريخ اليمنية، ولا أمل في الرهان مجدداً على الحماية الصهيونية، ولا حتى الغربية، التي بدورها لا تبخل بقدراتها العسكرية كافة على إسرائيل، ولو أنها نجحت هناك لكان بالإمكان أن تنجح هنا.

وهنا نتذكر كيف أن التاريخ يعيد نفسه، وما حدث خلال حروب صعدة الست يتكرر اليوم على مستوى المنطقة برمتها؛ فالنظام الذي فقد هيبته بعد فشله الذريع في حسم المعركة خلال السنوات الست بدا واهناً وسهل الكسر أمام قوى المعارضة التي تجرأت على مواجهته في صنعاء، وضربه بالنار في عقر داره، وهذه هي النهاية المحتملة للكيان، ولكل من يراهن على تحقيق أي حسم عسكري في اليمن.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب