جولة جديدة من مفاوضات التهدئة في غزة تصطدم بغلو صهيوني في إدارة الحرب
السياسية : تقرير || عبدالعزيز الحزي||
ما يزال كيان العدو الصهيوني يمارس الدجل والخداع والمراوغة في مفاوضات إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة بتعاون وثيق مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تمنح الكيان الغاصب الوقت الكافي للإبادة الجماعية في القطاع وخصوصا في شمال غزة الذي تنفذ فيه "خطة الجنرالات" الصهيونية لتحويله إلى منطقة عسكرية.
وتستضيف العاصمة القطرية جولة جديدة من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة غداة زيارة هي الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ضمن جولته الـ11 بالمنطقة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وعلى الأرجح، أرسل الكيان الصهيوني وفده المفاوض برئاسة رئيس جهاز استخبارات العدو الصهيوني "الموساد" ديفيد برنياع إلى الدوحة أمس، لبحث إمكانية استئناف مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس ووقف إطلاق النار في غزة، بضغط أمريكي غير معلن على ما يبدو.
وقلل محللون سياسيون من هذه التحركات.. مؤكدين أن الكيان الغاصب لا يأبه إلا لنفسه، ولا يستمع لأي جهة كانت حتى الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة بايدن الضعيفة التي تمنحه الفرصة لتحقيق مأربه في قطاع غزة، بل وفي المنطقة برمتها.
وكانت جهود الوساطة المتكرّرة، التي تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر قد فشلت حتى الآن في وقف إطلاق النار في غزة، لكن واشنطن التي تعتبر من قبل الكثير من المحليين وسيطا غير نزيه ومنحاز بالكامل للكيان الصهيوني، تؤكد أن استشهاد زعيم المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار قد يؤدي إلى اختراق في المحادثات.
بدورها، تتمسك حركة "حماس" بالانسحاب الصهيوني الكامل من قطاع غزة ووقف إطلاق النار الدائم والتام وإدخال المساعدات وإعادة بناء ما دمرته الحرب العدوانية وهو الشيء الوحيد الذي سينهي الصراع الذي أسفر عن استشهاد 42,924 مواطناً فلسطينيا، وإصابة 100,833 آخرين، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، في حصيلة غير نهائية في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.
ويبدو أن المحاولات الأمريكية لإحياء مفاوضات الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، حثيثة في الفترة الأخيرة، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، ورغبة الديمقراطيين في تسجيل نقطة عبر وقف الحرب على قطاع غزة التي شكّلت معضلة لإدارة الرئيس بايدن على مدار نحو 386 يوماً، لكن هذه المحاولات لا تتعدى ذر الرماد لتحقيق إنجاز قبل انتخابات الخامس من نوفمبر.
وبحسب المحللين السياسيين تصطدم هذه الجهود الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني بموقف واضح من قبل حماس، إضافة إلى غلو صهيوني في إدارة الحرب ورغبات صهيونية في تحقيق نصر يذكر.
وتهدف "خطة الجنرالات" الصهيونية إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وذلك بتهجير سكان المنطقة إلى الجنوب، ثم فرض حصار كامل على الشمال، بما في ذلك منع دخول الإمدادات والمساعدات الغذائية والماء والوقود، واستخدام التجويع وسيلة ضغط للتهجير.
وتعتبر "خطة الجنرالات" خطة عسكرية اقترحها الجنرال السابق في جيش العدو الصهيوني "غيورا آيلاند" على بنيامين نتنياهو، وتبناها عدد كبير من جنرالات جيش العدو لذلك سميت بخطة الجنرالات.
ووُضعت الخطة في سبتمبر 2024، بهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة قسرا، وذلك بفرض حصار كامل على المنطقة، بما في ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية، لتجويع من تبقى من المدنيين، وكذلك المقاومين ووضعهم أمام خيارين إما الموت أو الاستسلام، ثم لاحقا يتم تحويل شمال القطاع إلى "منطقة عسكرية مغلقة" بهدف القضاء بشكل كامل على أي وجود لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في المنطقة.
وتفترض "خطة الجنرالات" أن الحصار أكثر الحلول فاعلية لإنهاء الحرب وتقليل عدد القتلى من جنود العدو الصهيوني، كما تُقدر أن السيطرة على شمال غزة يمكن أن يدفع سكان المناطق الأخرى للانتفاض ضد حركة حماس.
وسابقا اعتبرت الإدارة الأمريكية أن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة تواجه قضايا حرجة رغم "التوافق على 90 في المائة" من البنود، بحسب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي أوضح سابقا أنه تم "التوافق على 90 في المائة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لكن لا تزال هناك قضايا حرجة".
لكن إدارة بايدن تطرح في كل مرحلة خطة تمكن نتنياهو من التملص من الاتفاقات السابقة، وتنخرط مُجدداً في محادثات نشطة مع قطر ومصر وذلك في مسعى لإنجاز نوع من أنواع الصفقة الدبلوماسية بشأن الأسرى وتحقيق منجز دبلوماسي لها في الوقت نفسه، وتعطي الكيان الصهيوني مساحة أكبر من الوقت للإبادة في القطاع ومحاولة الضغط لفصل جبهات الإسناد عن جبهة غزة وتسويق هذه الإدارة لنفسها بأنها قادرة على منع اندلاع حرب إقليمية، بحسب المحللين.