بقلم: عبد العزيز الكيلاني

( موقع” قناة تي ار تي ورد” التركية الناطقة بالإنجليزية, ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

يهدد الصدع المتعمق بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في اليمن بجعل الحرب في اليمن أكثر فوضى.

أصبح الخلاف بين السعودية والإمارات  واضح جداً, حيث قام التحالف الذي تقوده الرياض، والذي تعد الإمارات عضواً فيه بقتال الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015, لكن هذا لا يمثل سوى نبذة عن الرواية الأكبر للحرب اليوم في اليمن.

اتخذت الإمارات خطوة تجاه الرياض بالإعلان عن تخفيض عدد قواتها في اليمن، ثم اتخذت خطوة تجاه إيران بإرسال وفد من خفر السواحل إلى طهران وقعوا مذكرة حول أمن الحدود مع الإيرانيين؛ ومنذ ذلك الحين، تعمق الصدع بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتجلى ذلك في مدينة عدن اليمنية.

يمكن القول أن الإمارات لم تتخذ هذه الخطوة تجاه إيران لأنها تحب البلد، بل لأن طهران يبدو أنها أوضحت للقيادة في أبو ظبي أن الإمارات ستكون الضحية الأولى للحرب الأمريكية الإيرانية في الخليج, وهذا التحول الكبير في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة لن يرضي الرياض بسبب التنافس الأخير مع إيران.

تشير المعركة بين القوى المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى نشوب صراع جديد في اليمن, لكن هذه المرة، الخلاف بين اثنين من الحلفاء, إذ  بدأت الاشتباكات بعد مقتل منير اليافعي المدعومة من الإمارات والذي توفي في هجوم صاروخي في 1 أغسطس خلال حفل تخرج للقوات التي تم تجنيدها حديثًا.

على الرغم من أن الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم ، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي اتهم  حزب الإصلاح ,حليف الرئيس هادي.

وقال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني علي بريك: “تم التخطيط لهذا الهجوم من اجل جعل عدن كلها تسقط في أيدي الإصلاح”.

تجدر الإشارة إلى أن الحوثيين عدو مشترك لكل من المجلس  الانتقالي الجنوبي والإصلاح. ومع ذلك، فإن المجموعتين لديها رؤى تنافسية لليمن, الاختلافات بينهما تعكس الخلافات بين مؤيديهم.

ومما لا شك فيه، أن الاشتباكات الدائرة في المدينة  أضفت تصوراً مفاده ان المملكة العربية السعودية قد فقدت السيطرة على تحالفها, لقد حولت هذه المعركة الحرب إلى مرحلة جديدة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى مزيد من الانقسام في البلد.

شاهد اللاعبون الكبار اللاعبون الصغار وهم يتقاتلون فيما بينهم ولم يتدخلوا قبل انتهاء اللعبة. ربما كان الفشل في إدراك أن دخول اليمن كان منذ البداية خطأً هائلاً من شأنه أن يخلق الفوضى التي نراها اليوم.

ما بدأ كائتلاف من 10 دول أصبح الآن أكثر انقساماً منه في أي وقت آخر, لا شك أن الحكومة اليمنية لاحظت التوتر, وعلى الأرجح، يمكن أن يرى على الأرض.

ربما هذا هو السبب في أنها طلبت من الرئيس هادي طرد الإمارات العربية المتحدة من التحالف, ولقد ظهرت حقيقة أن الإمارات تفكر بشكل متزايد في مصالحها بدلاً من مصالح التحالف التي تمثل تهديداً لحكومة هادي, ولكن هل لدى هادي سلطة كافية لطرد الإمارات من التحالف؟ ربما لا.

قال غريغوري أفانديليان ، وهو محاضر في كلية باردي للدراسات العالمية بجامعة بوسطن ومحلل سابق في وزارة الخارجية الأمريكية بالشرق الأوسط: يمكن النظر إلى طلب الحكومة بطرد أبو ظبي كدليل على ولائها للرياض و”هذا يدل على أن الرئيس هادي مدين للسعودية للدعم السياسي والاقتصادي”, وأضاف الزميل غير المقيم في المركز العربي بواشنطن العاصمة: “رغم أن هادي هو في الأصل” من الجنوب “، إلا أنه يعارض بشدة المجلس الجنوبي الانتقالي ومحاولاته لإنشاء دولة مستقلة”.

بالإضافة إلى ذلك، ورد أن الحكومة اليمنية هددت باتخاذ تدابير بموجب القانون الدولي لضمان تعليق دعم الإمارات العربية المتحدة للمجلس الانتقالي الجنوبي, وهذا يشير إلى أن حكومة هادي تدرك أن عدن ربما لم تقع في أيدي المجلس الانتقالي الجنوبي بهذه السرعة دون مساعدة من أبو ظبي وهذا هو ما تقلق بشأنه الحكومة المعترف بها دولياً.

يدرك الرئيس هادي أن ما حدث في عدن يمكن أن يتكرر في مناطق أخرى، وبالتالي فإن سيطرته سوف تضعف.

أشار البروفيسور دانييل سيروير، مدير برامج إدارة الصراع والسياسة الخارجية الأمريكية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: “يبدو لي وكأن التحالف سيتفكك حول مسألة انفصال الجنوب”, “إذا حدث ذلك، فسوف يضعف موقف هادي بشكل كبير، لأن القوات الجنوبية مهمة في القتال”.

من الواضح أن أبو ظبي، بطريقة أو بأخرى، دفعت الرياض إلى الدخول في حرب أصبحت واحدة من أخطر ألازمات  الإنسانية في العالم, ومع ذلك، فإن ما يحدث في عدن يكشف كيف أدارت الإمارات العربية المتحدة ظهرها للرياض من أجل المضي في تحقيق أجندتها.

الآن وقد أصبحت الرياض تدرك أنها فشلت في تحقيق أهدافها في الحرب، يبدو أنها تريد أن تنهي هذه الحرب, ومع ذلك، لكي يحدث هذا، يجب أن تكون هناك خطة، والتي لا يبدو أنها موجودة حتى الآن.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية دعت إلى إجراء محادثات بعد انتهاء المعركة في عدن، فمن غير المرجح أن تنجح هذه المحادثات.

شكلت المملكة العربية السعودية والإمارات ائتلافاً مشتركاً لتثبيت وقف إطلاق النار في اليمن. حقيقة أن حكومة هادي أوضحت أنها لن تعقد محادثات مع الانفصاليين إلا إذا تخلوا عن بسط السيطرة على ميناء عدن هي دليل كافٍ.

هذا لأنه في الوقت الذي يبدو فيه أن الصدع بين الرياض وأبو ظبي قد وصل إلى ذروته، سيكون من المستحيل على المجلس الانتقالي الجنوبي التي دربتها الإمارات العربية المتحدة أن يتراجع.

*******

*عبد العزيز الكيلاني كاتب بريطاني عربي وخبير في الشرق الأوسط, ورئيس تحرير جريدة شرق وغرب الإلكترونية العربية، وهي مؤسسة إخبارية مستقلة مقرها لندن.