عمليةُ “بنيامينا”: كيانُ العدوّ أوهنُ من بيت العنكبوت
عبدُالحميد الغُرباني*
على الرغم أن ما تعرَّضَ له حزبُ الله من عدوانٍ يهدُّ دُوَلًا ويُسقِطُ جيوشًا، تبقى القاعدة أن ما لا يقتلْك يجعلْك أقوى، وانتظامُ عمليات خيبر تشهدُ على ذلك.
ويمكن أن نستوقفَ أكثرَ عند نتائج ورسائل وأبعاد عملية الانقضاض على معسكر تدريب لواء غولاني في بنيامينا جنوبي حيفا، في قراءة العملية لا يمكن تجاوُزُ نجاح عبور مسيَّرات المقاومة لجغرافيا مُقاتلة بشبكات استطلاع ومنظومة دفاع جوي مُتعددة ومتطورة وغيرها من تقنيات التجسس الإسرائيلية الغربية، مع كُـلّ ذلك -ما خفي أعظم- اقتنص الهدفَ بدقة.
هذا إنجازٌ نوعي مزدوجٌ يشكِّلُ انعكاسًا لطبقات من فشل الردع الإسرائيلي، قدمت المقاومة دليلا عملانيًّا على معرفتها ودراستها العميقة لوسائط الدفاع الجوي في كيان العدوّ من جهة، ومن أُخرى برهنت على قدرة فائقة في اختراق أجهزة الرصد المختلفة، وَتوقيت العملية أَو الهجوم على الصهاينة وهم يتحضَّرون للمشاركة في جولة اعتداء على لبنان يعكسُ وجهَ النجاح الاستخباراتي للعملية، هُدهُد المقاومة لم تُخيِّبِ الآمالَ، ولم يعد ثَمَّ مجالٌ للتشكيك أن حزب الله -كما أكّـد غيرَ مرة- يسمع ويرى، حَيثُ لا يتوقعُ العدوّ الإسرائيلي وأن بإمْكَانها أن تُحوِّلَ بنكَ الأهداف لديها لعمليات يومية لا تتوقفُ، مع فُسحة مع ما يطلبه الوضع الميداني.
كُـلّ ما سبق اليوم يفرض نفسَه على جبهة العدوّ من تل أبيب إلى واشنطن، الموساد وَالمخابرات المركزية وجهات أُخرى تبحثُ هذا النوعَ من التحديات المُميتة، والخبراء يحللون هذا النموذج من المُسيَّرات:- ميزاته وخصائصه وسُرعته القصوى، وَكيف يمكن رفع فعالية أنظمة الدفاع الجوي أمام هذا النوع من المُسيرات وتلافي ثغراتها.
وسبق وفعلوا ذلك حين دشّـنت جبهة الإسناد اليمنية مرحلةً خامسةً من التصعيد بعملية يافا الشهيرة، مع ذلك لا يُمكِنُ أن يبلُغَ العدوُّ مرحلةً أُخرى أكثرَ تقدُّمًا في ما يمتلكُ من تقنية وأسلحة دون ثغرات تمكّن المؤمنين من إلحاق الضرر به وخلق توازن رعب، وهذا ما أثبتته الوقائعُ.
وَلمن قد يستغرب هذا اليقين بشأن أن العدوّ لا يمكن أن يحوز أسلحة وتقنيات وإمْكَانات دون ثغرات، يتولى الشهيدُ القائد إيضاحَ ذلك في (مديح القرآن الدرس الرابع) يقولُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: “مسألة التوازن مسألة التوازن هذا نفسه أن تفهم سُننًا أُخرى، لا تأتي تقارن بين نفسك بأن ما عندك إلا بندق أَو عندك حاجة بسيطة، والآخر عنده طائرة وعنده كذا؛ فتقول متى ما قد عندي طائرات ودبابات وعندي كذا وعندي كذا… إلخ فسأعمل كذا ما هو قد يقول الناس هكذا؟
لا أفهمُ في الواقع بأنّ هذا العدوَّ الكبيرَ توجد ثغرات لديه، توجد نقاط ضعف رهيبة جِـدًّا، توجد وسائل في متناولك أن تعملها تؤثِّر عليه، وأنت في مواجهته أنك فعلًا تؤثِّر عليه فعلًا، خَاصَّة في الزمن هذا الحرب في الزمن هذا وإنْ بدت أرهب هي أسهل هي أسهلُ، وَوسائلُ مواجهة العدوّ كثيرة ومتنوعة في متناول الناس أن يعملوا الكثيرَ منها؛ ففي يديك وسائلُ تعيقُه عن استخدام السلاح الكبير ذلك. إذن هذا توازُنٌ أليس توازُنًا؟”.
من المهم هنا الإشارة إلى أن الشهيدَ القائدَ قُبَيْلَ أن يوضحَ مسألة التوازن سبق وَأكّـد على جُملةِ متطلبات في هذا السياق، منها أن المسلمين ملزَمون أن يطوِّروا أنفسَهم على أرقى مستوى، وَيعدوا كُـلّ قوة يستطيعونها، وهكذا مع المنظومة الكاملة من الجهاد والإعداد والمواجهة لن يخذلنا البارئ “سُبْحَانَه”.
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه