السياسية:


يردد مئات الآلاف من الإيطاليين شعارات معادية لـ"إسرائيل"، لدرجة أننا لم نعد نرتدي قلادة داوود في الأماكن العامة ولا نتحدث العبرية. جيادا كونديللو – "تايمز أوف إسرائيل"

تقول الكاتبة: كثيرا ما أجد نفسي مذهولة من الروايات التي أقرأها في وسائل الإعلام الأوروبية، وخاصة في موطني، إيطاليا، الذين يهتفون في الشوارع "لا يوجد سوى حل واحد – ثورة الانتفاضة". فهل يفهمون حقا ما ينادون به؟ وهل يدركون ما قد تجلبه "الانتفاضة" لمجتمعاتهم الديمقراطية الحرة؟

في إيطاليا، هناك حركة شبابية فلسطينية تدعى "جيوفاني فلسطينسي"، تدعو بنشاط إلى انتفاضة. ونشر هؤلاء مؤخرا، على وسائل التواصل الاجتماعي، إحياء لذكرى 7 أكتوبر باعتباره الذكرى السنوية لما أسموه "الهجوم البطولي" ضد "إسرائيل": بعد عام واحد من الهجوم البطولي للمقاومة ضد الكيان الصهيوني، تعود الانتفاضة الطلابية رسميا إلى الجامعات الإيطالية". وهذا ليس مجرد رأي 20 شخصا وهميا لديهم حفنة من المتابعين، فهذه الحسابات تضم مئات الآلاف من المتابعين، بما في ذلك بعض الأشخاص الذين اعتبرتهم ذات يوم أصدقاء مقربين جدا.

في إيطاليا، الآن، في أكتوبر 2024، هناك حركات من الشباب الإيطاليين الذين يعتبرون ما جرى في 7 أوكتوبر أعمال مقاومة، ويدعون إلى تنفيذ هذه "الأعمال البطولية" في شوارع إيطاليا. كيف يجرؤون على ذلك؟ كيف يُسمح بحدوث هذا في إيطاليا؟

أيها الطلاب الإيطاليون الأعزاء، تعني الانتفاضة أنه عندما تدخلون مترو الأنفاق في روما أو تستقلون حافلة في بولونيا أو باليرمو أو تتناولون قهوة الماكياتو في وسط المدينة، فقد تنفجرون أو تتعرضون لإطلاق النار، لماذا؟ فقط لأن "المقاومة" قررت ذلك.

ولذلك أتساءل؛ هل يختار هؤلاء الطلاب عن عمد تجاهل الحقائق والتاريخ، أم أن هذا نتيجة للتعليم الذي صاغه أساتذة مسيسون يبدو أنهم أكثر اهتماما بدفع أجندات أكثر من تعليم أي شخص؟ أم أننا تخلينا تماما عن فكرة أن المدارس والجامعات ينبغي أن تدرس الحقائق بدلا من التفسيرات الشخصية التي تحركها العواطف؟ خذ على سبيل المثال الحادث الذي وقع مؤخرا في جامعة "لا سابينزا" في روما، حيث وصف أحد الأساتذة إسرائيل علنا بأنها دولة إرهابية، وقوبل بالتصفيق من الطلاب، وكل هذا بينما كان العلم الفلسطيني معلقا في الخلفية.

الحقيقة هي أن "إسرائيل" ليست مكانا مثاليا. فهناك العديد من القضايا هنا، والعديد منها يجب معالجتها على الفور، ولكن الحملة المستمرة من الدعاية على مر السنين، وخاصة الحملة الأخيرة، غير مسبوقة. وما فشل هؤلاء الطلاب والأساتذة في إدراكه هو أن دعواتهم إلى الثورة والانتفاضة لا تخدم سوى تضخيم الكراهية والعنف. إنهم لا يساعدون الفلسطينيين أو الإسرائيليين أو أي شخص آخر.

قبل بضعة أيام فقط، سمعت عن شخص سمع بالصدفة محادثة يتمنى فيها الناس إبادة اليهود، وكأنها حديث عادي. وقبل أشهر، أخبرتني سائحة يهودية أمريكية أنها تعرضت للتحرش في مطعم روماني لمجرد أنها يهودية، حيث رفض النادل خدمتها. وأخبرتني صديقة أخرى كيف أنها تخلع قلادة نجمة داوود قبل السفر إلى إيطاليا وتنصح أسرتها بتجنب التحدث باللغة العبرية في الأماكن العامة. فهل هذا هو العالم الذي بنيناه بعد عام واحد من السابع من أكتوبر؟ عالم مليء بالمزيد من الخوف والمزيد من الكراهية؟

إن الناس بحاجة إلى إدراك أن هذه ليست مجرد لعبة لصرف انتباه الناس عن حياتهم الفارغة. فالكلمات لها أهميتها وتحمل ثقلا. والكراهية التي ينشرها هؤلاء الطلاب والأساتذة وكل الحركات المناهضة للصهيونية الأخرى لها عواقب في هذا الجزء من الكوكب. وحياتنا تتأثر بالفعل بهذا، ويموت الكثيرون بسببه. ويتعين على أوروبا، وإيطاليا على وجه الخصوص، أن تكون حذرة من الأيديولوجيات التي تسمح لها بالانتشار.

المصدر: روسيا اليوم
المقالة تعبر فقط عن رأي الكاتب