السياسية – تقرير || صباح العواضي*

عند استحضار الذاكرة لانطلاق عملية "طوفان الأقصى" في فلسطين الحبيبة التي نفذتها المقاومة الإسلامية – حماس- في السابع من أكتوبر، 2023 لابد من العودة بالذاكرة إلى مواقف اليمن المشرفة والعظيمة منذ انطلاق المسيرة القرآنية حتى يومنا هذا.

اخذت القضية الفلسطينية الحيز الأكبر من اهتمام الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه- في مواقفه ومحاضراته وملازمه التي رسخت مبدأ الدفاع عن المقدسات والأمة الإسلامية والوطن والإسلام كهوية إيمانية في الشعب اليمني.

فمن جبال مران انطلقت "مسيرة قرآنية" احيت في القلوب الايمان بالله، ورسخت مفاهيم مواجهة قوى الاستكبار أمريكا وحلفائها، فكانت الانطلاقة لمواجهة العدوان الغاشم على بلادنا بقيادة السعودية وأمريكا والإمارات وأوروبا على مدى تسع سنوات.

في المقابل كان لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الفضل في التحرر من الهيمنة والوصاية الخارجية وفرض السيادة الوطنية على العالم اجمع، فكانت من ثمارها إن أعلن السيد القائد مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة كقضية محورية لليمن والتزام ومسؤولية دينية أمام الصلف الصهيوني، رغم الحصار والعدوان، وكان الاسناد اليمني للمقاومة في مختلف المجالات وبعناوين مختلفة وبمراحلها الخمس، من خلال استهداف العدو الصهيوني في أم الرشراش "ايلات " ويافا "تل أبيب" بالصواريخ والمسيرات اليمنية، مما أدى إلى تعطيل ميناء أم الرشراش، وفرض حصار اقتصادي على العدو واغلاق البحرين الاحمر والعربي وحتى المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح أمام السفن الاسرائيلية والسفن المرتبطة بها وكذلك السفن الأمريكية والبريطانية، نتج عنها خسائر مالية كبيرة لحقت بالعدو الصهيوني وشركات الملاحة التابعة له، قدرت بمليارات الدولارات، ناهيك عن ظهور اليمن كقوى كبرى باعتراف العدو نفسه في أكثر من مناسبة وفي تصريحات مختلفة كشفت فشلهم في مواجهة الاسلحة اليمنية المتطورة.

عبرت اليمن عن الاسناد وعبر مراحلها الخمسة متجاوزة سماء العالم وبحاره وأراضيه مستخدمة أحدث الأسلحة والتقنيات المتطورة، فأصابت العدو في مقتل وفضحت دعاء الكيان الصهيوني أن لديه "جيش لا يقهر" والفبركات الإعلامية التي تزعم السيطرة الأمريكية على العالم.

ونستطيع أن نطلق على هذه المراحل الخمس بالكاشفة لقدرات العدو الوهمية أمام العالم أجمع وفي الغوص في تلك المراحل أثبتت اليمن قيادة وشعبا وأرضا وبحرا وجوا القوة الملحمية، فكانت الانتصارات المتتالية متخذته شعار لا هزيمة ولا استسلام نصر أو شهادة، فكانت الهتافات تملئ ساحات النصر دون كلل أو ملل وفي مختلف التغيرات المناخية، والتي تجمع الكبار والصغار أبرزها "يا غزة لستم وحدكم واحنا معاكم"، بعد أن يلقي السيد القائد خطابه الأسبوعي مستعرضا انجازات وانتصارات محور المقاومة وكذلك تجاوزات الكيان في جرائمه ضد أهلينا في غزة.

أو تلك البيانات العسكرية للعميد يحيى سريع التي ينتظرها الملايين من الشعوب العربية وحتى العالم، وبهتافات النصر مع كل عملية عسكرية حطمت فيها كرامة الكيان والشيطان الاكبر.

عند استحضار الذاكرة أيضا تنقلنا إلى شهدائنا على طريق القدس فكانوا نجوما تزين فضاءات الطوفان وهي تعلوا واحدة تلوى الاخرى فلا فرق بين جندي وقائد فكان السيد حسن نصر الله وكان إسماعيل هنية.

فكما كنا نكبر مع كل ضربة لمحور المقاومة ابتداء بإيران والعراق ولبنان وغزة واليمن كنا ايضا نعبر عن الفخر والعزة كلما كان هناك شهيد على طريق القدس.

ولا ننسى تلك الأقلام المأجورة والتي بسطت يدها للارتزاق وتحقيق مكاسب على حساب جراح الأمة أو تلك العروش المزيفة لحكام عرب اللذين ساندوا العدو بكل الوسائل وكل الطرق متجاوزين الحدود ولن نطيل في هذه الجزئية فهي كالسرطان في جسد الأمة الإسلامية.

وفي استحضار الذكرى الأولى لطوفان الاقصى الذي أحياء في الأمة عزتها وكرامتها وأعاد الكيان الصهيوني إلى ما قبل سبعين عام، نستذكر في ذاكرتنا كل المواقف التي عززت النصر وكل من شارك في صناعته إلى قلب الكيان المحتل يافا "تل ابيب" وهي تحترق إلى حيفا وهي تضيء ليل نهار من صليات صواريخ المقاومة، إلى صرخات جنود وشعب العدو إلى صفارات الانذار.

عام مضى علينا وقد غير الكثير من المفاهيم وكثير من المواقف وانكشفت حقائق وتجلت منابر الوعي أمام أهم مرحلة كان العدو الصهيوني ماضي بها وهي مرحلة التطبيع والخنوع.

مثل الشعب اليمني بكل فئاتها واطيافه رجال ونساء وأطفال مع قيادته الثورية والمجلس السياسي الأعلى انموذج فريد في التعاطي مع مجريات الأحداث وأمام العدوان المستمر، اثبت للعالم أن الصمود مدرسة يمنية، فلم يتصدى للعدوان فحسب، بل انتصر لمظلومية المستضعفين وناصرهم وأيد خطوات المقاومة الاسلامية في غزة لتستمر قصة الصمود اليماني جنب إلى جنب مع محور المقاومة وحتى تحقيق الهدف من "طوفان الأقصى" وزول "الكيان المحتل" وخروجه من أراضينا المحتلة.