أحمد يحيى الديلمي
لا أدري لماذا الفوضى بدأت تقتحم حياتنا من كل الجهات ، وتجعلنا نتشرب الحزن والوعي والغضب في آن واحد ، حينما نشاهد أعمال غير طبيعية تشرخ أبسط مشاعر الإحساس بالأمن ، البعض يرتهن إلى عقليات النفوذ وعضلات القوة ، تصيبه النرجسية وعشق الذات ، يشعر أن كل شيء ملكه إلى حد الإحساس الوهمي بأنه ملهم وصانع للانتصارات وفي لحظة تكتشف أنه مجرد بالونة منفوخة يعيش شطحات وهم مريضة حينما فتجده يعتدي على رجل المرور لأنه حاول منعه من المخالفة وكسر النظام ، في تلك اللحظة تنتهي الهالة والهيلمان ، هذه النوعية الغريبة من البشر يحيطون أنفسهم بهالة ضخمة من الأوبهه والفخامة، يملئ السيارة بالمرافقين ، يخالف حركة السير ويبتز مشا عر البسطاء ليشعرهم بالأحباط واليأس وفقدان الأمل ، الغريب أن هذا النموذج بذاته يتمسك بشماعة تأثير الأجواء المضطربة وأوضاع الناس غير المستقرة نتيجة العدوان الهمجي والحصار الجائر ، دون أن يدري أنه يمارس أشياء أبشع من الحصار ، وأكثر سوءاً من المعتدين فهو الذي يتسبب في الفوضى والعنف ويزيد الآلام والأوجاع في أعماق الناس ، وغاية ما نطلبه من هؤلاء الناس المتخاذلين الشعور بالمسئولية تجاه أنفسهم أولاً وتجاه الآخرين أيضاً .
يا أخوة .. نحن نواجه عدوان والمطلوب أن يسود سلوك الالتزام بالنظام ليصبح منهجي وتراكمي وثقافة ذاتية تواكب شروط المواطنة والانتماء الصادق للوطن فالتخلص الجماعي من هذه السلوكيات والممارسات الشاذة لابد أن يحدث بإرادة قوية حتى تلتقي المشاعر والأحاسيس الوطنية مع انجازات التصنيع العسكري المذهلة والبطولات الاسطورية التي يحققها رجال الرجال في جبهات القتال ، وهذه الأشياء تبدأ ترجمتها من آداب السير والالتزام بقواعد المرور في الشوارع ، والإدراك بأن الدولة لابد أن تكون داخل كل يمني يشعر بأن احترامها واحترام القوانين النافذة تعني احترام كل إنسان لذاته واحترامه لنفسه واحترامه لغيره ، وهذا أهم الأساس لتقليل الضحايا وتجاوز فوضى السير وتهذيب السلوك .

* تحية لهذا الرجل
وأنا بصدد الحديث عن المرور وجدت الأفواه في مقيل واسع تتحدث بثناء عاطر عن الأخ العزيز العميد يحيى محمد زاهر ، مدير عام المرور السابق كلهم قالوا أنه الرجل الوحيد الذي استطاع أن يضبط حركة المرور ويُلم بكافة الجوانب بداءً من معالجة الاختناقات والبحث عن بدائل لها وانتهاءً بتحديد موقف السيارات العامة وخطوط مرور وسائل النقل لتسهيل انتقال الطلبة وأصحاب الدخول المحدودة من لا يمتلكون وسائل مواصلات ، فكان فعلاً نعم الرجل الذي أحس بثقل المسئولية ، ولذلك تلهج الألسنة بذكره خاصة من أبناء تعز الذين يعتبرونه أول من تعاطى من المشكلة المرورية بحس وطني وروح إنسانية ، وهكذا لو فتشنا لوجدنا الجميع يسدي إليه الشكر والتقدير لدوره الهام في تنظيم حركة السير وإيجاد البدائل ، وأخيراً وهو الأهم تقنين عائد المخالفات المرورية التي للأسف ووجهت باهمال وعدم إحساس بالمسئولية مع أنها في دول أوروبية مثل الدنمارك والنرويج بدأت تشكل ما بين 30 إلى 25% من ميزانية الدولة ، مع ذلك تخضع في بلادنا للمزاجية والتسويف وعدم الاهتمام ، وكثيراً ما تكون سبب الاستهانة برجل المرور والاعتداء عليه .
يا أخوة .. الدولة هي كل المقومات وتبدأ من احترام رجل المرور والتزام الناس بوجوده واحترام حركة يده عند تنظيم السير أو الإشارة الضوئية إن وجدت الكهرباء ، وتنتهي بتعامل الشخص داخل بيته وكيفية تهذيبه لسلوك أبنائه كي يحترموا النظام والقانون ، فهل نجد استجابة؟! وأختم بالشكر مكرراً للعميد يحيى محمد زاهر ناقلاً ما سمعته من أفواه الناس .. أسأل الله له العمر المديد .. والله من وراء القصد ..