الصمود مقابل القدرة الكليّة: مفهـوم النصر الفلسطيني
السياسية:
إن معيار النصر في الحرب يتجاوز الخسائر البشرية، ويعتمد على عدّة عوامل وهي: تحقيق الأهداف الاستراتيجية، والسيطرة على الأرض، ويعتمد على التأثير الاقتصادي والنفسي والمعنوي للطرف المعتدي، وعلى الحفاظ على الدعم الدولي. فضلًا عن القدرة على الترميم بعد الحرب.
إن الصمود الفلسطيني مقابل القدرة الكلية للاحتلال هو مفهوم النصر الحقيقي الجديد والذي يقوم على قدرة المقاومة وشعبها على مقاومة واستيعاب والتكيف مع التحديات والضغوط التي يفرضها الكيان، مع الحفاظ على قدراتها الأساسية واستمراريتها، مقابل كل الإمكانات والقدرات العسكرية والسياسية للعدو ولداعميه، مع تحمّله للخسائر الاستراتيجية التي يتكبّدها من دون تحقيق أي هدف.
نتائج استخدام القدرة الكلية للكيان:
- استمرار العمليات العسكرية النوعية: رغم طول أمد الحرب والقدرة الكلية للكيان ودول التحالف، تواصل فصائل المقاومة تنفيذ عمليات نوعية التي تلحق خسائر بجيش الاحتلال. وكلما طالت المعركة، تعرّض العدو لضربات أقسى وأكثر احترافية من قبل المقاومة، مع الحفاظ على قدرة تراكم المعرفة والخبرة الميدانيتين، والتي كان لهما بالغ التأثير في أدائها. على عكس الكيان، الذي لم يحقق أي هدف نوعي غير الدمار والمجازر، حتى أن الأنفاق التي أعلن عن كشفها هي أنفاق قديمة تركها الفلسطينيون بعد استخدامها وانتهاء صلاحيتها.
- استمرار التصنيع العسكري الذاتي: لا تزال المقاومة تعمل على تصنيع الأسلحة المحليّة رغم الحصار المفروض عليها، والدليل على ذلك أنها لا تزال تقاتل بزخم عالٍ في كل مناطق القطاع. على عكس الكيان الذي يطلب المساعدات العسكرية واللوجستية من دول التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدّة للاستمرار في الحرب.
- تجديد وتغيير التكتيكات العسكرية: لا تزال المقاومة تعمل على تغيير تكتيكاتها بشكل مستمر، الأمر الذي أفقد الكيان القدرة على التنبؤ بحركاتها وإضعاف فعاليته الاستخباراتية، وذلك نظرًا لأن كلما اقترب العدو من إعلان النصر المطلق، فوجئ بعمليات جديدة تثبت أن المقاومة لا تزال قادرة على تهديد العدو. على عكس الكيان الذي يعاني من قلة المعلومات الاستخباراتية وافتقاد الجندي الإسرائيلي إلى الخبرة القتالية وتدني روحه المعنوية، الأمر الذي أدّى إلى استمرار وقوعه بالأخطاء نفسها، في مواجهة المقاومة التي تفاجئه كل مرة في موقع لم يكن يتوقعه.
- صمود وتجديد الأنفاق: منذ بداية الحرب، يعمل العدو على تدمير شبكة الأنفاق بعمليات عسكرية متعددة، لكنه لم يتمكن من القضاء عليها، والتي لا تزال تشكل تهديداً كبيراً للاحتلال وتعتبر جزءاً أساسيًا من استراتيجية المقاومة وقدرتها على التكيّف مع الظروف والتحديات وكذلك تنفيذ العمليات العسكرية وحماية المقاومين وتطوير أسلحتهم. على عكس الكيان الذي يستنزف قدراته الكليّة البريّة والجويّة والبحريّة من سلاح وجيش، من دون تحقيق أي تقدّم على الأرض.
- الاعتراف الدولي بأن المقاومة الفلسطينية قوّة دوليّة وممثلة عن الشعب الفلسطيني: نظرًا لزيادة اللقاءات الدبلوماسية مع قادة الحركة لا سيما لقاءات مسؤولي حماس مع مسؤولي الأمم المتحدّة.
- اللجوء إلى التفاوض مع حماس بدل من تدميرها: اعترف الكيان وبعض الأطراف الدولية بعدم القدرة على تدمير حركة حماس بشكل كامل وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا الاعتراف جاء بعد محاولات عديدة للقضاء على الحركة مع استخدام القدرة الكلية للكيان واعتماد استراتيجية قتل المدنيين للضغط عليها. الناطق العسكري لجيش الاحتلال دانيال هاغاري، أشار إلى أن الجيش الصهيوني غير قادر على تحقيق الهدف المركزي للحرب على غزة، وهو القضاء على حركة حماس وقدراتها العسكرية. كما أكد أن حماس ليست مجرد مجموعة مسلحة، بل هي فكرة. وبعد هذه النتائج، يمكن القول أنّ المقاومة الفلسطينية هي التي استطاعت أن تحقق مفهوم النصر الحقيقي.
* المصدر: موقع الخنادق اللبناني
* المادة الصحفية نقلت من المصدر حرفيا