السياسية:

في الوقت الذي يُطبق اليَمن وقواته المًسلحة حصاره البحري على كيان العدو الصهيوني بهدف وقف جرائم الإبادة التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.. تسعى دول التطبيع العربية بشتى الطرق والوسائل، إلى التخفيف من وطأة هذا الحصار من خلال مد العدو بجسور برية وفتح موانئها للمساهمة في وصول البضائع إليه.

وفي الوقت الذي تقمع فيه دول عربية كالسعودية والإمارات والبحرين والأردن ومصر، أي تحركات مُناصرة لفلسطين، تتورط تلك الدول في الحفاظ على اقتصاد الكيان الصهيوني الغاصب، في تواطؤ مخزي للتخفيف من الأعباء عليه، فبدلاً من 50 إلى 60 يومًا.. تصل البضائع إليه من الصين في غضون 20 إلى 25 يومًا، من خلال خط بري جديد سيوفر أكثر من 80 في المائة من تكلفة نقل البضائع عبر الطريق البحري.. بحسب تقارير صهيونية.

وفي هذا السياق كشفت تقارير وتحقيقات استقصائية مؤخراً عن تحول موانئ مصرية لقنوات إمداد رئيسية لكيان العدو الصهيوني طوال فترة العدوان الغاشم على ‎غزة، وبدء العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن المتجهة لموانئ الكيان الغاصب، إضافة إلى الجسر البري الذي كُشف عنه في وقت سابق والممتد من الإمارات مروراً بالسعودية والأردن إلى الكيان الصهيوني، لإمداد الصهاينة بالمواد الغذائية والأساسية، كبديل للبحر الأحمر وكسر الحصار البحري المفروض على هذا الكيان من اليمن.

وكانت ما تسمى بوزيرة المواصلات الصهيونية، ميري ريغيف، قد كشفت مؤخراً وبكل تبجح، عن رحلتها إلى ميناء موندرا في الهند، الذي تخرج منه البضائع إلى كيان العدو الصهيوني مرورا بعدة دول عربية، ونشرت مقطعاً مُصوراً أثناء تواجدها في الميناء الذي يعد الأكبر في الهند، كما استعرضت حاويات البضائع الذاهبة إلى الإمارات، ومن ثم إلى الأراضي المحتلة عبر الطريق البري، وهذا الفيديو أثار سخطاً كبيراً في الشارع العربي، واحتجاجات كبيرة طالبت بمنع مرور شاحنات التصدير إلى الكيان الغاصب، ووقف الجسر البري الذي يمد الكيان المحتل بالبضائع من موانئ دبي.

فيما أفاد تحقيق لموقع "عربي بوست" الإخباري، بأنه تم رصد نشاط 19 سفينة وتتبع عبر بيانات بحرية خاصة المسار البحري لها والذي خلص إلى أن تنقلها اقتصر ذهاباً وإياباً بين ميناءين صهيونيين وخمسة موانئ مصرية جميعها على البحر الأبيض المتوسط.

وبحسب التحقيق، أجرت هذه السفن عشرات الرحلات لنقل الحمولات بين مصر والكيان الغاصب خلال فترة الحرب على غزة، وكانت ترسو لأيام معدودة في الموانئ المصرية والصهيونية (بين يوم إلى ثلاثة أيام)، ثم تتجه لتفريغ حمولتها، وتنتظر نفس الفترة في الموانئ التي وصلت إليها، ثم تعود مجدداً للإبحار إلى نفس الجهة التي أتت منها.

وأوضح التحقيق أنه خلال العامين 2022، و2023، لم تكن الموانئ المصرية ضمن قائمة أكثر الموانئ التي أبحرت إليها هذه السفن، لكن رحلاتها خلال أشهر الحرب على ‎غزة أصبحت متركزة بين الكيان الصهيوني ومصر.

كما أفاد مكتب الإحصاء الصهيوني في بيانات رسمية نشرها مؤخراً، بأن مصر زادت من صادراتها ووارداتها مع الكيان المُحتل خلال فترة العدوان على ‎غزة مقارنة بفترة ما قبل هذا العدوان.

وضاعفت مصر من قيمة وارداتها من كيان العدو الصهيوني خلال العدوان على غزة، حيث تؤكد بيانات مكتب الإحصاء الصهيوني، أن مصر استوردت من الكيان المُحتل منذ أكتوبر 2023، وحتى 31 يوليو 2024م، ما قيمته 331.6 مليون دولار، فيما بلغت قيمة الواردات خلال نفس الأشهر من العامين 2022، و2023م، 106.8 مليون دولار.

ويُعتبر شهر يوليو المنصرم، الأعلى في قيمة الصادرات الصهيونية إلى مصر، إذ بلغت 30.6 مليون دولار، كما سجل الشهر نفسه أعلى معدل من الواردات الصهيونية إلى مصر، بقيمة 45.4 مليون دولار.

أما عن الجسر البري الذي من المفترض أن يكون قد تم مَدُّه من الإمارات مروراً بالسعودية والأردن إلى الكيان الغاصب، لإمداد هذا الكيان بالمواد الغذائية والأساسية، كبديل لممر البحر الأحمر وكسر الحضر البحري الذي فرضته صنعاء، فقد اعتبره الصهاينة، في نهاية العام الماضي، أنه يمثل "تجاوُزاً لقرارات الحضر من قبل صنعاء بهدوء".. بحسب وصف وسائل إعلام العدو الصهيوني.

وأفاد موقع "والا" الصهيوني، بأن دفعة أولى من الشحنات التجارية وصلت إلى "إسرائيل" عبر جسر بري جديد.. يمتد هذا الجسر من الإمارات إلى "تل أبيب"، ويمر عبر السعودية والأردن وصولا إلى ميناء حيفا.

وأوضح الموقع أن هذا الممر الذي جاء في ظل التهديدات المستمرة وشبه اليومية من قبل اليمنيين الذين أعلنوا أنهم سيستهدفون أي سفن متوجّهة إلى الكيان الصهيوني، يخفف أعباء "إسرائيل"، ويخرق الحصار اليمني.

وذكر "والا"، أن المراحل التجريبية لخط النقل البري الجديد عبر موانئ دبي، مرورا بالسعودية والأردن توجت بالنجاح.. مشيرا إلى أن عشر شاحنات وصلت من موانئ الخليج العربي إلى "إسرائيل".

وكشف الإعلام الصهيوني، بأنه تم توقيع شركة "تراكنت" الصهيونية اتفاقيةً مع شركة "بيورترانز" الإماراتية للخدمات اللوجستية نهاية العام الماضي ليبدأ تسيير الشاحنات المحملة بالبضائع من ميناء دبي مروراً بالأراضي السعودية ثم الأردنية وصولاً إلى ميناء حيفا في الكيان الغاصب.

ونقلت إعلام العدو عن المدير التنفيذي لشركة "تراكنت"، قوله: إن الخط الجديد سيوفر أكثر من 80 في المائة من تكلفة نقل البضائع عبر الطريق البحري.. فيما أكدت شركة منتفيلد أن هناك عشرات الشركات الصهيونية التي تتعاون مع دبي والبحرين والشركات الأردنية لتقديم خدمة الشحن هذه.

وكان إعلام العدو، قد ذكر أن مصر ستنضم إلى الجسر البري لنقل البضائع من دول خليجية إلى "إسرائيل"، للالتفاف على الحصار البحري الذي فرضه اليمنيون في البحر الأحمر على حركة النقل البحري من وإلى الكيان الغاصب.

وبحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، مؤخراً فإن تأثير العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر واستمرار الحرب في غزة على الاقتصاد الصهيوني كبير جداً.

وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أنه و"بعد ما يقرب من 11 شهراً من الحرب مع حماس، يعاني الاقتصاد الصهيوني، في حين يواصل قادة الكيان الهجوم على غزة من دون أي دلائل على نهايته، وسط تهديد بالتصعيد إلى صراع أوسع نطاقاً".

وأضافت الوكالة: إنه "ورغم محاولات رئيس حكومة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، تهدئة المخاوف بالقول إن الضرر الاقتصادي مؤقت فقط"، إلا أنّ "الحرب الأكثر دمويةً وتدميراً على الإطلاق بين "إسرائيل" وحماس ألحقت الضرر بآلاف الشركات الصغيرة، وأضعفت الثقة الدولية في اقتصاد كان يُنظر إليه ذات يوم على أنه دينامو ريادة الأعمال".

ويقول بعض كبار خبراء الاقتصاد تعليقاً على ذلك: إن "وقف إطلاق النار هو أفضل وسيلة لوقف الضرر".

هذا ومن المتوقع أن يقدم الجسر البري، الذي حصل على موافقة وزارة الحرب والحكومة الصهيونية، بديلاً أسرع عن المرور بقناة السويس، وأن يوفر خياراً أسرع للمسار الطويل لاستيراد البضائع عبر قناة السويس، وذلك لتجنب التهديد اليمني الذي يستدعي الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح وتمديد المسار لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع.

ويُشار إلى أن الهجمات اليمنية على السفن، أجبرت شركات ميرسك الدنماركية، وهاباغ-لويد الألمانية، و"سي أم آ سي جي أم" الفرنسية، و"إم إس سي" الإيطالية السويسرية، على تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر "حتى إشعار آخر" أو "حتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمنا".. حسب بيانات صادرة عن تلك الشركات.

الجدير ذكره أنه مع استمرار حرب الإبادة الجماعية في غزة بلا هوادة، شارك اليمن في الحرب من خلال حصار ميناء "إيلات"، مما أجبر العدو الصهيوني على نقل خطوط إمدادها إلى ميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط.. وتسبب هذه الحصار المفروض على الكيان الصهيوني في ارتفاع أسعار المستهلكين وتكاليف الأعمال، مما يؤدي إلى تدهور الثقة في الاقتصاد الصهيوني وأسواقه المالية.